حلب– لم تكن تخرج النار من تحت الرماد لو لا أن تخلصت حلب من سيطرة النظام السوري وكشف الستار عما كان يعاني الشعب من أزمات اقتصادية تعصف به، وحلب هي المدينة الصناعية والتجارية لسورية ولكن سكانها الآن عاجزون عن تأمين الغاز أو المحروقات للتدفئة ولا حتى الكهرباء والخبز.
يأتي ذلك في ظل تمدد قوات فصائل المعارضة السورية ضمن عملية “ردع العدوان” من إدلب إلى حلب ثم سيطرتها اليوم على حماة واستعدادها للتوجه نحو حمص.
لينا القاضي قالت للجزيرة نت وهي مدرسة متقاعدة إن ارتفاع الأسعار الكبير هو المشكلة الأكبر لدينا “فراتبي الشهري يبلغ 300 ألف ليرة (17 دولار) وسعر اشتراك الكهرباء بالشهر 450 ألف ليرة وسعر جرة الغاز 500 ألف ليرة بينما مخصص للعائلة حسب البطاقة الذكية 4 أسطوانات في السنة.
وأضافت “زوجي يعاني من مرض القلب والكلى، ونحن الأن في فصل الشتاء ولم يتم توزيع المازوت على البطاقة الذكية وليس لدينا قدرة على شراء التدفئة لذلك نعتمد على لف أنفسنا بـ “البطانية” والكهرباء النظامية تأتينا كل 25 ساعة لساعتين فقط”.
بدوره عبدو الجمعة وهو أب لثلاثة أطفال قال للجزيرة نت إنه عامل يحصل أسبوعيا على 350 ألف ليرة سورية يدفع منها 200 ألف ثمن حليب ومصروف لطفله الرضيع والخبز على البطاقة الذكية يكفي ليومين فقط، ويضطر بعد ذلك لشراء ربطة الخبز بـ 6000 ليرة.
اللحمة حلم
وأما عن اللحمة قال إنها حلم لي ولعائلتي ومحرومين منها، وسعر الدجاجة الواحدة 150 ألف، “لذلك أفضل شراء حليب لطفلي وأحرم نفسي وعائلتي من اللحم، وأما عن الغاز “لا تعرف زوجتي الطبخ عليه فهي تطبخ على النار التي نشعلها بالكراتين والحطب”.
بدور العلي لم تكن أوفر حظ وهي التي تعمل مع أولادها الاثنين حتى تستطيع أن تؤمن احتياجات منزلها الأساسية وأدوية زوجها المقعد في المنزل لأن مدخولها الشهري لا يتجاوز الـ 800 ألف ليرة وتحتاج لضعف هذا المبلغ حتى تستطع أن توفر حاجاتها الأساسية حسبما قالت للجزيرة نت.
وأضافت أن حصة المازوت بالسنة هي 50 لتر وهذه ليست للتدفئة لأنها لا تكفي لمدة أسبوع لذلك تستعمل للطيخ في ظل حصولها على أربع أسطوانات في السنة وإذا أردت شرائها في السوق العادية فإن سعرها مضاعف ولا قدرة لها على ذلك، وللتدفئة تلجأ للبس السميك أو التلحف بالبطانيات.
ناصر الجابر الذي يقطع مسافة يوميا بنحو 20 كم يوميا من أطراف مدينة حلب ليصل إلى السوق الشعبي تحت جسر الرازي ويبيع على بسطة خضار ويجني منها شهريا ما يقارب الـ 3 مليون ليرة ليكون أحسن حظا من غيره ولكن هذا المبلغ لا يكفيه إذا أراد شراء طبخة لعائلته بعدما استهلك الكثير من دخله في إيجار التنقل بين قريته والمدنية بحسب ما صرح للجزيرة نت.
وأما عن اللحمة فقال إنه لا يعلم سعرها لأنه منذ عام لم يشتريها لعدم قدرته على ذلك، أما الدجاج فسعر الواحدة يربو على 150 ألف ليرة (نحو 10 دولارات) وهو مبلغ طائل “فأفضل شراء القرنبيط والبطاطا والبندورة وغيرها”.
لقمة العيش
محمد سالك عائلته كبيرة ولا يكفيه الخبز الذي يحصل عليه عن طريق البطاقة الذكية وهو ربطتين من الخبز في الأسبوع وهو بحاجة لربطتين يوميا لذلك يضطر لشراء الخبز بسعر السوق بمبلغ يصل حتى 8000 ليرة للربطة الواحدة في ظل مدخول لا يتجاوز الـ 500 ألف ليرة شهريا.
وأشار أن معظم السكان في مدينة حلب الذي يبلغ تعدادهم ما يقارب 2.5 مليون نسمة يعيش أكثر من 80%منهم تحت خط الفقر في ظل عدم وجود فرص العمل وتوقف كثير من المعامل والصناعة بعد التضيق على التجار من قبل المخابرات والذي لا يرضى الدفع يتم اعتقاله بتهم مختلفة حتى يدفع ويخرج.
ونوه إلى أن الشعب أصبح منشغل في تأمين لقمة العيش لأطفاله وتأمين المستلزمات الضرورية من ماء وخبز وغاز وتدفئة وكهرباء والإنترنت ليأتي بعدها الطعام والشراب وكل شيء غالي الثمن فإذا أردت شراء خبز وزيت نباتي وبطاطا والقليل من الخضار تحتاج ما يقارب الـ 100 ألف ليرة بحسب ما قال للجزيرة نت.
يشار إلى أن الدولار يعادل نحو 25 ألف ليرة سورية في السوق الحرة، بينما التسعيرة التي يضعها النظام السوري حاليا فهي 18 ألف ليرة لكل دولار.