تشكّل المنشآت الصغيرة والمتوسطة جزءا هاما من الاقتصاد السعودي، وتساهم بشكل كبير في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمار وتوليد الأرباح والإيرادات، بالإضافة إلى دورها المحوري في توفير ملايين الوظائف وفرص العمل.

وقد شهد قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة نموا وتوسعا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية، مما يمثل انعكاسا للمساعي الحكومية التي تستهدف تمكين هذا القطاع وزيادة معدل إسهامه في الناتج المحلي السعودي.

وتمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة نسبة 99.5% من إجمالي المنشآت في السعودية، معظمها من المنشآت الصغيرة التي تواصل توسعها من حيث العدد والحجم والنطاق.

وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية، فقد وصل عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالمملكة إلى 1.2 مليون منشأة بزيادة نسبتها 4.8% عن الربع الرابع من عام 2022، وفقا لتقرير الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” عن الربع الأول من العام 2023.

التجارة الإلكترونية الأكثر نشاطا

وأوضحت “منشآت” -في تقرير نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”- أن العاصمة حازت على الحصة الأكبر من عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة 41.4%، تلتها منطقة مكة المكرمة بنسبة 18.9%، بينما وصلت نسبة المنطقة الشرقية إلى 11.1%، وبقية المناطق حصلت على نسبة 28.6%.

وتضمن تقرير “واس” دراسة جوانب التمويل المتعلقة بالقطاع، حيث سجل الربع الأول من العام الحالي أعلى مستوى من تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بلغت قيمته 1.35 مليار ريال (حوالي 360 مليون دولار) مما ساهم في تعزيز بيئة الاستثمار ودفع عجلة النمو في هذا القطاع.

وأظهرت الأرقام أن قطاع التجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة كانا الأكثر نشاطا وتمويلا في المملكة خلال الربع الأول من عام 2023.

كما تناول التقرير مبادرات بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تهدف إلى رفع إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تقديم 6 منتجات تمويلية تشمل البطاقات الائتمانية للمنشآت، تمويل المتاجر الإلكترونية، تمويل رأس المال العامل، التمويل متناهي الصغر، التمويل بحد ائتماني متجدد، وأخيراً التمويل لأجل، مما يساعد الأعمال الصغيرة والمتوسطة على النمو والتوسع في مشاريعها وتطوير أنشطتها التجارية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا إضافيا لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالسعودية بنسبة 3.1% في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة خلال العام الجاري، علما بأنه وفقا لآخر قياس فإن نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة تسهم حاليا بـ 28% من إجمالي الناتج المحلي.

فرص عمل بالقطاع الخاص

وتسعى السعودية إلى رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى 35% من الناتج المحلي بحلول عام 2030، من خلال تقديمها برامج حكومية مدعومة للقطاع.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة توفر نحو 70% من فرص العمل بالقطاع الخاص في السعودية.

ووفقا لتقرير “منشآت” فقد قامت المنشآت الصغيرة والمتوسطة بتوفير 6.5 مليون وظيفة في المملكة خلال الربع الأول من العام الجاري، وبلغت قيمة الاستثمارات المباشرة في هذه المنشآت نحو 130 مليار ريال.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من المتوقع أن توفر المنشآت الصغيرة والمتوسطة حوالي 7.7 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030، وفقا لـ “رؤية السعودية 2030”.

وتتمثل فرص العمل التي توفرها المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية في مختلف المراحل الوظيفية، بما في ذلك الإدارة والتسويق والتمويل والمحاسبة والتقنية والهندسة وغيرها.

وتشجع الحكومة السعودية المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم الدعم والتسهيلات، بما في ذلك توفير التمويل والتدريب والاستشارات اللازمة لتحسين أدائها وتعزيز نموها وتوسيع نطاق عملها.

وتشير “منشآت” إلى أن الاستثمار بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة يعد مجديا ومربحا، حيث يتميز هذا القطاع بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغييرات الاقتصادية والاجتماعية، ويعد بمثابة محرك النمو الاقتصادي في المملكة.

 تعزيز القدرة التنافسية

وبهذا الصدد، قال عبد الرحمن بن منصور، الرئيس التنفيذي المكلف لبنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري للاقتصاد السعودي، وتلعب دورا حيويا في تعزيز الاستثمار وتوفير فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة في المملكة.

وأضاف بن منصور في تصريحات نشرتها الصحافة السعودية “نحن في بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة نعمل على تقديم الدعم اللازم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، من خلال توفير التمويل والخدمات المصرفية والاستشارات والتدريب، وذلك بهدف تعزيز نمو هذا القطاع الهام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المملكة”.

ووفقا للتقرير السنوي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2020، فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تمثل 24.7% من إجمالي القيمة المضافة في الاقتصاد السعودي.

وفي معرض تعليقه على حجم ومساهمة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي، يقول الخبير الاقتصادي السعودي محمد بن فريحان إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تلعب دورا حيويا في دعم اقتصاد البلاد، فهي تساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل وتحسين الدخل والاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي.

ويضيف بن فريحان في حديث للجزيرة نت “تعمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجموعة من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك التصنيع والخدمات والتجارة والبناء والزراعة والصناعات الحرفية والإبداعية، كما أنها تعزز التنوع الاقتصادي وتعزز الابتكار والريادة، مما يساعد على تعزيز القدرة التنافسية للمملكة في الأسواق العالمية”.

ويرى أن دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يحدث تأثيرا كبيرا على النمو الاقتصادي في المملكة، نظرا لأنه يشكل حوالي 99% من إجمالي الشركات في السعودية فضلا عن استحواذه على حوالي 70% من حجم القوى العاملة بالقطاع الخاص.

وينوه الخبير الاقتصادي بالإجراءات العديدة التي اتخذتها الحكومة لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك توفير التمويل والمنح الحكومية وتخفيض الرسوم والضرائب وتسهيل الإجراءات الإدارية واللوجستية، إضافة إلى توفير الدعم التقني والاستشاري والتدريب والتوجيه والاستشارات الإدارية، وذلك لتمكينها من تحقيق أهدافها وتطوير أدائها وزيادة قدرتها التنافسية.

وبحسبه فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تساهم في دعم الاقتصاد السعودي ونموه من خلال عدة أمور أهمها توفير الوظائف، تحسين الدخل والاستثمار، تعزيز التنوع الاقتصادي، تحسين الإنتاجية والكفاءة، إضافة إلى توفير فرص الشراكة والتعاون.

ويؤكد بن فريحان أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يشكل إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد السعودي، ويساهم بشكل كبير في دعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، معربا عن أمله في استمرار المساندة الحكومية لهذا القطاع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version