في مواجهة تباطؤ اقتصادي متزايد أطلقت الحكومة الصينية مؤخرا حزمة تحفيزية واسعة تشمل خفض أسعار الفائدة وتوفير السيولة للبنوك وإصلاحات إضافية في قطاع العقارات.

وعلى الرغم من الاستجابة الإيجابية الأولية من الأسواق المالية فإن العديد من المستثمرين والاقتصاديين يظلون متشككين بشأن فاعلية هذه التدابير على المدى الطويل.

ووفقا لتقرير نشرته مجلة فوربس، فإن هذه الحزمة توفر حلا مؤقتا، لكنها لا تعالج المشكلات الهيكلية العميقة التي تواجه الاقتصاد الصيني.

القروض العقارية

ووفقا لفوربس، تركز الحزمة التحفيزية الأخيرة على خفض معدلات الفائدة على القروض العقارية القائمة، وهو ما يهدف إلى تحرير دخل الأسر وزيادة الإنفاق.

وحسب توقعات غولدمان ساكس، ستوفر هذه التخفيضات نحو 21 مليار دولار سنويا لنحو 50 مليون أسرة صينية.

ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن حالة عدم اليقين الاقتصادي قد تدفع هذه الأسر إلى استخدام هذا الدخل الإضافي لسداد الديون أو زيادة المدخرات بدلا من الاستثمار في الأسواق المتعثرة، خاصة في القطاع العقاري.

ضعف الثقة في قطاع العقارات

وتشير فوربس إلى أن القطاع العقاري الصيني -الذي كان يشكل قرابة 30% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018، والذي يشهد تراجعا حادا- انخفضت مساهمته إلى نصف هذه النسبة حاليا.

ووفقا لتقرير بلومبيرغ إيكونوميكس، فإن أسعار المنازل في 70 مدينة صينية انخفضت بنسبة 5.3% في أغسطس/آب 2024 مقارنة بالعام السابق، وانخفضت بنسبة 4.9% في يوليو/تموز.

ويشير التقرير إلى وجود نحو 60 مليون شقة غير مبيعة في الصين، وهو ما قد يستغرق أكثر من 4 سنوات لتصريفها بدون تدخل حكومي.

مخاوف أعمق

وتشير فوربس إلى أن مشكلة العقارات ليست سوى جزء من التحديات التي تواجه الاقتصاد الصيني، فقد بلغت معدلات البطالة بين الشباب 18.8% في أغسطس/آب الماضي، مما أدى إلى ضعف الإنفاق الاستهلاكي وانخفاض الثقة في النمو المستقبلي، وهذا الوضع يعكس مشكلة هيكلية أعمق تتطلب أكثر من مجرد تدابير تحفيزية مؤقتة.

الإفراط في الاستثمار وتضخم القدرة الإنتاجية

وترى فوربس أن الاقتصاد الصيني مستمر في مواجهة مشكلة الإفراط في الاستثمار، خاصة في صناعات مثل الطاقة الشمسية التي تنتج ضعف الطلب العالمي، مما يؤدي إلى ضغوط على الأسواق العالمية وتفاقم الديون المحلية.

وأشار التقرير إلى أن العديد من الحكومات المحلية تواجه صعوبات في تسديد ديونها بسبب هذا الإفراط في الاستثمار وانخفاض الإيرادات.

نموذج اقتصادي غير متوازن

وعلى الرغم من محاولات تعزيز الاستهلاك المحلي فإنه لا يزال ضعيفا مقارنة بالدول المتقدمة، وتعتمد الصين بشكل كبير على الصادرات، مما يجعلها عرضة لتقلبات الطلب العالمي والإجراءات الحمائية من شركائها التجاريين.

ووفقا للتقرير، فإن هذا النموذج الاقتصادي غير المتوازن يعرقل النمو المستدام.

تحديات سياسية واقتصادية

وتشير فوربس إلى أن التركيز على الشركات المملوكة للدولة والسيطرة الصارمة من الحكومة الصينية يعيقان الابتكار ويحدان من قدرة القطاع الخاص على تحقيق النمو.

وتضيف أن سياسات الرئيس شي جين بينغ -التي تهدف إلى تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء- قد قوضت روح المبادرة لدى رواد الأعمال وأدت إلى تراجع كبير في الاستثمارات الرأسمالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version