شهدت صناعة النفط والغاز اكتشافات مذهلة على مر العصور، وبدأت في الولايات المتحدة في القرن 19، قبل أن تنتشر الاكتشافات الكبيرة خاصة في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، وكانت بعضها نقطة تحول لاقتصادات العديد من الدول حول العالم.
وأورد تقرير نشره موقع “أويل برايس” قصصا لبدايات هذه الاكتشافات.
المدينة السوداء
في عام 1846، تم حفر بئر نفطية في باكو عاصمة أذربيجان، وفي ذلك الوقت كانت أذربيجان جزءا من الإمبراطورية الروسية، وحصلت باكو على لقب المدينة السوداء بسبب ثروتها النفطية، وتمتلك أذربيجان حتى الآن احتياطيات نفطية تقدر بنحو 7 مليارات برميل، وتنتج أكثر من 800 ألف برميل في اليوم، ويتم تصدير معظم هذا الإنتاج لأن الاستهلاك المحلي ضئيل نسبيا في بلاد عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة.
بداية النفط الأميركي
قام رجل يدعى إدوين دريك بحفر أول بئر نفطية في أميركا في ولاية بنسلفانيا عام 1859، وكان أيضا أول بئر تم حفرها آليا بدلا من الجهد اليدوي الذي كان يقتصر على استغلال النفط المتسرب إلى التربة.
وقال التقرير إن بنسلفانيا كانت بمثابة نقطة البداية الرسمية لصناعة النفط الأميركية، حيث كان عمق البئر الأولى أقل من 70 قدما، مما أدى إلى اندفاع النفط الذي حوّل الولايات المتحدة إلى أكبر منتج للنفط في العالم.
الينابيع الزيتية
جاءت النتائج الأولى للاندفاع الجديد نحو الذهب الأسود بعد سنوات قليلة فقط من اكتشاف بنسلفانيا، حيث بدأ لين تاليافيرو باريت -بعد 4 أشهر من الاكتشاف- البحث عن النفط في الجزء الشرقي من تكساس في منطقة تسمى “أويل سبرينغز”.
ولم يكن توقيت هذا الاكتشاف هو الأفضل، فلم يكن باريت قد اكتشف النفط بعد عندما كان يجب إيقاف العمل في البئر لأسباب مثل الحرب الأهلية وانفصال تكساس عن الاتحاد، ثم استؤنفت عمليات الحفر بعد نهاية الحرب الأهلية، واستخرج باريت النفط عام 1866، الذي يعد أول بئر نفطية في تكساس.
حقبة التدفق
يعد اكتشاف بئر سبيندل توب أكثر شهرة من أول بئرين نفطيتين في أميركا، حيث انفجر نبع من النفط الخام من سبيندلتوب هيل في تكساس في العاشر من يناير/كانون الثاني 1901، وانتهت البئر بإنتاج 100 ألف برميل يوميا، وهو معدل غير شائع تماما في تلك الأيام، لذلك يعد الدفعة التي جعلت النفط في النهاية صناعة كما هي عليه اليوم.
النفط في الشرق الأوسط
تم اكتشاف أول بئر نفطية في الشرق الأوسط في مدينة مسجد سليمان في إيران بفضل البريطاني ويليام نوكس دارسي، الذي حصل على امتياز لمدة 60 عاما من الحكومة الإيرانية.
قام دارسي بتمويل العملية التي بدأت عام 1903، بينما قام بالحفر جورج برنارد رينولدز، وهو مهندس بترول بارز، وتم اكتشاف حقل مسجد سليمان عام 1908، ووصل إلى ذروة الإنتاج عام 1928.
ولا يزال الحقل ينتج النفط حتى يومنا هذا، ولكن من المتوقع أن يكون عام 2023 عامه الأخير، ولقد أدى هذا الاكتشاف إلى إنشاء ما نعرفه الآن باسم “بريتش بتروليم” (بي بي)، وهي إحدى أكبر شركات النفط في العالم.
نفط الصحراء
في عام 1938، قام مهندسان أميركيان من شركة “ستاندرد أويل” باستكشاف النفط في المملكة العربية السعودية، بعد 3 عقود من اكتشاف حقل مسجد سليمان، حيث لم يكن أحد يعلم أن نجما جديدا كان يولد.
وكان اكتشاف حقل الدمام الأكبر في التاريخ وقتها، وقد غيّر كل شيء، ليس فقط للسعودية ولكن للعالم، وتحولت السعودية إلى أكبر منتج للنفط في العالم.
في الوقت نفسه، كان اكتشاف حقل الظهران بمثابة خطوة أخرى على طريق الشرق الأوسط لتصبح المورد الرئيسي للنفط في العالم، والذي أعقبته اكتشافات نفطية في العراق والكويت والإمارات، وما زال بعضها من أكبر احتياطيات النفط في التاريخ حتى يومنا هذا.
جوهرة النفط في أميركا الجنوبية
تم اكتشاف حقل بوليفار الساحلي عام 1917 بواسطة شركة “شل”، ولا يزال أحد أكبر الحقول في العالم، حيث كان الحقل ينتج أكثر من 1.4 مليون برميل يوميا بحلول عام 1958، وقدرت احتياطياته بـ11.1 مليار برميل.
ويعد الحقل أول حفر في حوض ماراكايبو، وهو خزان نفط ضخم يقع إلى حد كبير تحت بحيرة ماراكايبو في فنزويلا، ويحتوي على جزء كبير من إجمالي احتياطيات النفط في فنزويلا، وهي الأكبر في العالم.
آخر الكبار
تمت معظم الاكتشافات الضخمة لحقول النفط في العالم قبل أواخر الثمانينيات، ثم أصبحت اكتشافات الحقول الضخمة ضئيلة من حيث العدد. ومنذ ذلك الحين، كان الاكتشاف النفطي الكبير الوحيد في 30 عاما الماضية هو حقل كاشاجان في القسم الكازاخستاني من بحر قزوين، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى للحقل 380 ألف برميل يوميا، والتي تضررت عام 2019، ولم يكن تطويره خاليا من المتاعب وتجاوزات التكاليف والتأخيرات، لكنه يواصل المساهمة بجزء كبير من إنتاج كازاخستان النفطي.