تستأنف البنوك الفلسطينية العاملة بقطاع غزة نشاطها خلال وقت لاحق من الأسبوعين الجاري والمقبل تباعا، بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بدءا من صباح الأحد الماضي.

أول أمس الأحد، أصدرت سلطة النقد الفلسطينية بيانا دعت فيه البنوك التي تنشط في قطاع غزة لاتخاذ الإجراءات لاستئناف تقديم الخدمات المصرفية، بما يشمل إعادة تشغيل عدد من فروع البنوك والصرافات الآلية التي لم تتعرض للتدمير.

وعقدت سلطة النقد الأحد، اجتماعا مع مدراء البنوك العاملة في فلسطين التي تملك فروعا بقطاع غزة، لتجهيز ما تبقى من فروعها لاستقبال العملاء وتقديم الخدمات الأساسية، وتشجيع استخدام خدمات الدفع الإلكتروني.

ويعاني القطاع المصرفي في قطاع غزة من شح بالسيولة النقدية تصل إلى مرحلة الغياب شبه الكامل، إلى جانب ارتفاع حجم الكتلة النقدية التالفة، مما دفع المواطنين للجوء لأدوات الدفع الإلكترونية الصادرة عن سلطة النقد.

ومنذ شهور، لم تكن أغلب البنوك في قطاع غزة قادرة على تلبية طلبات عملائها بسحب جزء من ودائعهم (نقدا)، إلا بأرقام متدنية بسبب عدم توفر النقد وتلف جزء كبير من الأوراق النقدية.

وأمس الاثنين، أصدرت سلطة النقد تعليمات لعملاء البنوك المقترضين في القطاع، بهدف إعادة جدولة القروض المستحقة طيلة 15 شهرا من الحرب، وقالت إنها ستقدم تسهيلات وخفضا بالفوائد بما يحقق مصالح الطرفين (المقرض والمقترض).

ويواجه اقتصاد قطاع غزة معركة إعادة البناء خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن تحتاج غزة إلى أكثر من عقدين للوصول إلى أرقام الناتج المحلي المسجلة حتى عشية الحرب على القطاع.

ودخل، أول أمس الأحد، اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل فلسطينية بغزة حيز التنفيذ، ويشمل في مرحلته الأولى دخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية للقطاع بشكل يومي، وفتح معبر رفح بعد 7 أيام من تطبيق الاتفاق.

ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من 3 مراحل، مدة كل منها 42 يوما.

القطاع المصرفي بالأرقام

من جهته، يقول محمد مناصرة نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية إن 10 بنوك تعمل بقطاع غزة من إجمالي 13 مصرفا محليا ووافدا تعمل في السوق الفلسطينية.

ويضيف مناصرة -في حديث للأناضول- أنه من بين 56 فرعا للبنوك العشرة، فإن 8 إلى 11 فرعا فقط قد تكون صالحة لاستقبال عملاء البنوك خلال الأسبوعين القادمين، بسبب تعرض بقية الفروع إلى دمار كلي أو شبه كلي.

وقدمت سلطة النقد قائمة بأجهزة للجهات الرسمية الفلسطينية لإدخالها إلى القطاع، تضم أجهزة صراف آلي وبعض المعدات التي تحتاج الفروع لاستئناف الحد الأدنى من عملها، في ظل الأوضاع الأمنية الحالية، وفق مناصرة.

وقال: “من أبرز الخدمات التي نتجه لتقديمها إلى أهلنا في غزة، فتح الحسابات واستئناف الخدمات المصرفية للشركات، وإصدار البطاقات البنكية وتفعيل الحسابات البنكية المجمدة”.

وبسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في القطاع، فإن خدمات الإقراض المصرفي للأفراد ستكون في أضيق الحدود لحين التأكد من استقرار الأوضاع، وفق نائب محافظ سلطة النقد الفلسطينية.

بيد أن البنوك -حسب مناصرة- ستستأنف تقديم خدماتها إلى قطاع الشركات، خاصة خدمات التسهيلات الائتمانية والتمويلات، بناء على إيفاء هذه الشركات بالمتطلبات المصرفية.

وحتى قبل الحرب على غزة، كان عدد أجهزة الصراف الآلية يبلغ 97 جهازا، إلا أن عدد الأجهزة الفعالة اليوم لا تزيد على 3 أجهزة، بسبب تعرض فروع البنوك وأجهزة الصراف إلى الدمار بفعل القصف.

اقتصاد غزة يحتاج نحو 70 عاما للعودة لمستوياته

الودائع المصرفية

وتظهر بيانات لسلطة النقد أن إجمالي ودائع القطاع المصرفي في غزة نمت بأكثر من 83% خلال الفترة بين سبتمبر/أيلول 2023، ونوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وبنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، بلغت ودائع العملات في غزة 1.74 مليار دولار، لكنها بدأت تسجل قفزات متتالية مع اشتداد الحرب على القطاع واتساع رقعته ليطال مختلف المحافظات، لتستقر بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني عند 3.2 مليارات دولار، وهو الأعلى بتاريخ القطاع المصرفي في قطاع غزة، بالعودة إلى البيانات التاريخية التي تعود إلى عام 2000.

ويعود ذلك إلى أن عمليات النزوح تصعّب على الأفراد الاحتفاظ بأموالهم، لتكون البنوك بمثابة الحافظ الأمين للأموال.

ورغم تصريحات مناصرة التي أكد فيها عدم توفر سيولة نقدية في فروع غزة بسبب تلفها أو سحبها من قبل العملاء وسرقة بعضها، فإن ودائع القطاع المصرفي كافة في غزة والضفة الغربية مؤمنة.

ضمان الودائع

وتعمل في السوق المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، وعنها يقول مناصرة: “المؤسسة تضمن فوريا الودائع بقيمة 20 ألف دولار لكل صاحب حساب، وتضمن بقيمة المبلغ كاملا لو فاق 20 ألفا، لكن على فترات تعويض أطول”.

وقال “نقصد بالضمان الفوري أن أي ودائع في القطاع المصرفي تتعرض لأي نوع من المخاطر، فإن المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع تسدد المبلغ من طرفها في غضون عدة أيام كحد أقصى”.

وأضاف “نحن نؤمّن ودائع العملاء بطريقتين: الأولى من خلال المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، والثانية أن سلطة النقد تضمن هذه الأموال، طالما هي مودعة في مؤسسة خاضعة تحت إشرافها”.

وارتكبت إسرائيل بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الأول الجاري إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version