تتصاعد الكلفة اليومية لحرب إسرائيل على قطاع غزة مع تصاعد حدة القتال وتعدد الجبهات لتشمل الضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وسوريا وجزئيا إيران وسط توقعات بالمزيد من النفقات.
وعند حساب الكلفة اليومية التي تتكبدها إسرائيل جرّاء الحرب يمكن أن نشير إلى أن معطيات بنك إسرائيل ووزارة المالية الإسرائيلية أظهرت أن تكلفة الحرب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى نهاية مارس/آذار 2024، بلغت أكثر من 270 مليار شيكل (73 مليار دولار)، بمعدل وسطي 427 مليون دولار يوميا.
وكانت بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، أشارت إلى أن كلفة الحرب اليومية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023، بلغت مليار شيكل يوميا (270 مليون دولار)، قبل أن تنخفض خلال العام 2024 لتصل إلى 350 مليون شيكل (94 مليون دولار).
وفي تقدير آخر، رفعت إسرائيل موازنة الدفاع في يونيو/حزيران الماضي من 87.45 مليار شيكل (23.52 مليار دولار) إلى 98.75 مليار شيكل (26.56 مليار دولار) وهو ما يعادل -تقريبا- 72.76 مليون دولار يوميا.
ويقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد البهنسي لـ(الجزيرة نت) إنه لا يمكن الاعتماد على أرقام محددة إلى الآن سواء رسمية أو غير رسمية في تحديد الكلفة اليومية التي تتكبدها إسرائيل في الحرب بشكل دقيق، لكنه أشار إلى أن خفض وكالات التصنيف الائتماني وكان آخرها ستاندرد آند بورز يشير إلى أن ثمة أزمة حرجة في اقتصاد إسرائيل مع تزايد كلفة الحرب والأسوأ من ذلك عدم وجود أفق لتوقف الحرب.
رفع التوقعات
ذكرت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية المختصة بالاقتصاد خلال الأسبوع الجاري أن جيش الاحتلال حدّث توقعاته ورفع تقديراته الإجمالية لتكلفة الحرب من 130 مليار شيكل (37 مليار دولار) إلى ما بين 140 و150 مليار شيكل (حوالي 39.5 – 42.4 مليار دولار).
ولفتت إلى أن هذه التكاليف لا تشمل إمكانية شن عملية برية في لبنان أو مواجهة مباشرة مع إيران، وهو ما يعني أن التكلفة قد ترتفع أكثر حال حدوث تصعيد إضافي.
ويشير تقرير الصحيفة إلى أن التقديرات الأصلية التي صدرت قبل 3 أشهر، والتي أعدها العميد جيل بنحاس، المستشار المالي لرئيس هيئة الأركان العامة، كانت تقدّر تكلفة الحرب بنحو 37 مليار دولار، ولكن مع استمرار الحرب وتصاعد التوترات في المنطقة، تم تحديث هذه التقديرات وقد ترفعها إلى أكثر من 42 مليار دولار.
وتتضمن المصروفات المباشرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول وفق كالكاليست حوالي 129 مليار شيكل (36.4 مليار دولار)، منها:
- 37 مليار شيكل (10.4 مليارات دولار) تُنفق على رواتب جنود الاحتياط.
- 29 مليار شيكل (8.2 مليارات دولار) على الذخيرة والأسلحة.
- 19 مليار شيكل (5.4 مليارات دولار) على الطائرات والسفن وأعمال الصيانة.
- 13 مليار شيكل (3.7 مليارات دولار) على الأسلحة.
- 13 مليار شيكل أخرى (3.7 مليارات دولار) على الخدمات اللوجستية.
- 8 مليارات شيكل (2.3 مليار دولار) على أنظمة الاتصالات والمعلومات الاستخباراتية.
- 6 مليارات شيكل (1.7 مليار دولار) على البنية التحتية والدعم المدني.
- 4 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار) على العلاج والتأهيل والدعم للعائلات.
توسيع الموازنة
وجراء التداعيات والعواقب الاقتصادية للحرب، اضطرت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع الموازنة العامة للعام 2024، حيث بلغت 584 مليار شيكل (158 مليار دولار)، بزيادة قدرها حوالي 14% مقارنة بحد الإنفاق الأصلي الذي تم تحديده في العام الماضي كجزء من ميزانية السنتين 2023-2024.
ولمواجهة التكلفة الباهظة للعملية العسكرية وبغية منع العجز التراكمي بالموازنة العامة لوزارة الأمن، تمت زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن، بإضافة 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار)، وبذلك بلغ الحجم الإجمالي لميزانية الأمن خلال الحرب حوالي 100 مليار شيكل (27 مليار دولار).
وبسبب الإنفاق العسكري والخسائر المباشر للاقتصاد الإسرائيلي، حدث ارتفاع في تكاليف ديون الدولة لتصل إلى 62% من الناتج المحلي الإجمالي للاحتلال بعد أن كانت 59% في العام 2023/2022.
وبلغ حجم عجز الموازنة حتى نهاية مارس/آذار الماضي 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن يستمر العجز بالنمو ليبلغ حوالي 6.6% بنهاية العام 2024، بحسب بيانات المحاسب العام بوزارة المالية الإسرائيلية.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن الإنفاق العسكري الإسرائيلي ارتفع من 190.2 مليون دولار في عام 1960 إلى 23.41 مليار دولار في 2022.
عجز الميزانية
منذ بداية العام الحالي تم تسجيل عجز تراكمي بالموازنة العامة بقيمة 26 مليار شيكل (7 مليارات دولار)، علما أنه في الشهور الـ12 الأخيرة وصل هذا العجز إلى رقم قياسي جديد قدره 117.3 مليار شيكل (31.7 مليار دولار)، وهو الأعلى في تاريخ الدولة.
وبخصوص الأضرار والخسائر الناجمة عن تعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لقصف صاروخي، أظهرت تقديرات سلطة الضرائب الإسرائيلية أن حجم الأضرار المباشرة للمباني والمنشآت التي تكبدتها مستوطنات “غلاف غزة” بلغت 1.5 مليار شيكل (405 ملايين دولار)، بحسب بيانات سلطة الضرائب الإسرائيلية.
ويُستدل من تقارير سلطة الضرائب أن قيمة الأضرار غير المباشرة والتعويضات للمتضررين في مستوطنات الغلاف والنقب الغربي وصلت 12 مليار شيكل (3.35 مليارات دولار)، حيث تشمل الخسائر والأضرار التي تكبدتها فروع الزراعة، والسياحة الداخلية، والترفيه والمطاعم والمقاهي، والصناعات الخفيفة.
أما بخصوص الأضرار والخسائر في الجليل الأعلى والغربي والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع لبنان والجولان المحتل، فلا توجد هناك بيانات رسمية وجرد للأضرار من قِبل سلطة الضرائب، وذلك بسبب خطورة الأوضاع والقتال مع حزب الله.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الخسائر الأولية في شمال البلاد جراء صواريخ حزب الله، تقدر بحوالي ملياري شيكل (540 مليون دولار)، حيث تضررت أكثر من 500 منشأة سكنية زراعية وصناعية وتجارية، على ما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت التي لا تستبعد أن يكون حجم الخسائر والأضرار مضاعفا.
ويقول خبير الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد البهنسي إن الدافع وراء فتح إسرائيل الجبهة الشمالية مع حزب الله هو اقتصادي إذ تم تهجير كتلة كبيرة من الشمال بدءا من الثامن من أكتوبر/تشرين الأول مع دخول حزب الله جبهة الإسناد للمقاومة الفلسطينية مما أوقف الأنشطة الاقتصادية في هذه المنطقة كذلك.
ويضيف البهنسي أن تلويح وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين بأنه يبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق اقتسام حقول الغاز مع لبنان يشير إلى إمكانية حرمان إسرائيل من عوائد الغاز من هذه المنطقة.
وقال كوهين في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي إن ما وصفه بـ”اتفاق الغاز الفاضح” مع لبنان، “كان خطأ منذ البداية”، مؤكدا أنه يبحث عن ثغرة لإلغائه.
وأواخر 2022، وقّع لبنان وإسرائيل على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت لمدة عامين بوساطة أميركية بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا.
من جانبه، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف شعبان إن الاقتصاد الإسرائيلي هو الذي سيدفع ثمن إقدام الحكومة على فتح جبهة جديدة في الشمال، وقد تجد إسرائيل نفسها مجبرة على توسيع الموازنة للمرة الثالثة.
ويضيف شعبان، في تعليق للجزيرة نت، أن إسرائيل -بدخولها حربا في الجبهة اللبنانية- ستكون مجبرة على تمويل الآلة العسكرية في الوقت الذي لا تستطيع فيه التخلف عن سداد التزاماتها المتعاظمة، مشيرا إلى أن احتدام المواجهة على الجبهة اللبنانية والإيرانية من شأنها دفع اقتصاد إسرائيل إلى الهاوية مع استهداف أكبر مركزين تجاريين لإسرائيل (القدس المحتلة وتل أبيب).