غادر الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو منصبه اليوم الأحد محتفظا بشعبية كبيرة بفضل النمو الاقتصادي القوي الذي حققه خلال ولايته، لكن خليفته برابوو سوبيانتو يأتي حاملا طموحات أكبر، من بينها خطة لتنفيذ مشاريع إنمائية ضخمة.

وجرى تنصيب برابوو كثامن رئيس لأكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، وهو وزير دفاع سابق.

وبينما تسجل البلاد معدل نمو سنوي منتظم يبلغ نحو 5%، تعهد هذا الجنرال السابق الاستفادة من سياسات سلفه للوصول إلى معدل نمو 8%، معولا على الموارد البشرية الضخمة التي تتميز بها البلاد.

يشار إلى أن برابوو كان قد قال في خطاب الفوز الذي ألقاه في مارس/آذار الماضي “من خلال الرخاء يمكننا تحقيق العدالة للشعب الإندونيسي بأكمله، فيتعين علينا أن نتحد للقضاء على الفقر والجوع وعلى معاناة شعبنا”.

مشاريع كبرى

ولتحقيق الرفاهية والتقدم المرجو، يراهن برابوو على المشاريع الوطنية الكبرى والموارد الطبيعية الهائلة التي يزخر بها الأرخبيل لخفض معدل الفقر الذي يزيد على 9% من إجمالي عدد المواطنين.

وتعهد الرئيس الجديد بمواصلة برنامج اقتصادي وضعه جوكو، لكنه أشار كذلك إلى العمل لتخفيف حدة الفقر بدولة يبلغ عدد سكانها أكثر من 280 مليون نسمة.

وأكبر تعهدات برابوو -التي قطعها خلال حملته الانتخابية- خطة بقيمة 28 مليار دولار لتوفير وجبات غذائية مجانية للأطفال والحوامل على امتداد البلاد.

وقال برابوو إن هذه الخطة التي سيتم إطلاقها في يناير/كانون الثاني المقبل ستساهم في تعزيز النمو المتوقف الذي يؤثر على أكثر من خُمس الأطفال حتى سن الخامسة، كما ستؤمن ملايين فرص العمل.

وكان جوكو ركّز على مشاريع البنى التحتية الضخمة من طرق وجسور ومطارات بهدف ربط الأرخبيل بشكل أفضل.

لكن الخبراء يقولون إن برابوو سوف يحيد عن ذلك في محاولة منه لتحقيق وعد انتخابي بتحويل إندونيسيا، العضو بمجموعة العشرين، إلى اقتصاد “متقدم ومتطور”.

وقال الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية يوسي ريزال داموري “لن يتبع خطى جوكو بشكل أعمى، لكنه لن يتخلى عن كل شيء أو يهمله تماما، لذا سيكون في المنتصف إلى حد ما”.

وأضاف يوسي “ويبدو أنه يتبنى نهجا مختلفا قليلا عن جوكو. لم تعد الأولوية هي تطوير البنية الأساسية، بل تنمية رأس المال البشري”.

ويقول المراقبون إن أجندة الرئيس الجديد ستركز أيضًا على الزراعة، مع برنامج يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.

رأس المال

وفي الوقت نفسه، يرث برابوو مشروع نقل العاصمة من جاكرتا المزدحمة إلى نوسانتارا، وهي مدينة خضراء يجري العمل على بنائها شرق بورنيو.

لكن هذه المدينة العاصمة لن تكون جاهزة قبل عام 2045 حيث إن عملية البناء السريعة تستنفد خزائن الدولة.

ورغم تعهد برابوو بمواصلة المشروع إلا أن ثمة تكهنات بأنه يعتزم تعليقه والإبقاء على جاكرتا عاصمة الأرخبيل.

ويدعم برابوو مشروع حماية الموارد الوطنية الذي تبنته أيضا حكومة جوكو، وخصوصا قطاع النيكل، حيث فرضت جاكرتا قيودا على التصدير في محاولة لأن تصبح لاعبا رئيسيا في سلاسل التوريد لصناعة السيارات الكهربائية.

وتعد إندونيسيا واحدة من أكبر الدول الملوثة في العالم بسبب اعتمادها على الوقود الأحفوري، وقد دعم برابوو الحد تدريجا من ذلك، لكن لعائلته روابط بقطاع إنتاج الفحم الحجري، ومعالجة كميات هائلة من النيكل تتطلب محطات طاقة تعمل بالفحم.

وكانت الاستثمارات الصينية جنوب شرق آسيا هي الأكبر في إندونيسيا العام الماضي، والتقى برابوو الرئيس شي جين بينغ في أول اجتماع خارجي له بعد فوزه بالانتخابات.

ويشير ذلك إلى الأهمية التي يوليها لمواصلة جذب الاستثمارات من بكين التي أثبتت أنها محورية للنمو الاقتصادي في إندونيسيا.

وبالإضافة إلى زيارته الخارجية المبكرة، فإن اختيارات برابوو للوزراء الجدد وأول ميزانية يطرحها بعد تنصيبه ستعطي أيضا مؤشرا أفضل إلى خططه الاقتصادية.

وقالت وزيرة المال سري مولياني هذا الأسبوع إنه طُلب منها الاحتفاظ بحقيبتها في الحكومة المقبلة، وهو ما يقول الخبراء إنه يعطي للأسواق إشارة الى أنه ستكون هناك استمرارية.

وقال الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات الاقتصادية والقانونية بهيما يوديستيرا أدينيغارا “مع انضمام سري إلى حكومته، فإن هذا يظهر أن برابوو سيكون حذرا للغاية في ما يتعلق بالقضايا المالية”.

وأضاف “لهذا السبب يتم الآن توظيف أنصار جوكو مرة أخرى، وهذا يظهر أن برابوو سيكون منضبطا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version