عام بعد عام تتحول جورجيا وبتسارع كبير إلى إحدى أكثر الوجهات الصاعدة في جذب السياح من جميع أنحاء العالم.

وبلغة الأرقام، دخل أكثر من 4 ملايين ونصف سائح إلى الجمهورية السوفياتية السابقة في عام 2023، محققة بذلك إيرادات قياسية غير مسبوقة في تاريخ البلاد تجاوزت 4 مليارات دولار.

وتصنف منظمة السياحة العالمية جورجيا واحدة من أكثر الدول أمانا بالنسبة للسياح، وتحتل المركز الرابع عالميا في هذا المقياس بعد كرواتيا وسلوفينيا وآيسلندا، فضلا عن العديد من المزايا التي يتمتع بها هذا البلد الواقع على مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا، والتي جعلته وجهة الملايين سنويا.

خزان للآثار والتاريخ

جورجيا بلد ذو تاريخ قديم، ويقول المؤرخون إن أول دولة ظهرت على أراضيها كانت في منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد، وهو ما يمكن رؤيته في الوقت الحاضر من خلال الكنائس والأديرة الأرثوذكسية ذات الطابع والهندسة المعمارية اللافتة، وكذلك المساجد المنتشرة في مناطق كثيرة من البلاد، كون الإسلام دخلها لأول مرة في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي.

هندسة معمارية “ملونة”

تعتبر جورجيا بمثابة بوابة إلى الماضي، يتعرف السياح من خلالها على تاريخ البلاد، يمكنك العثور على مبان قديمة غير عادية في أي جزء منها، حتى في العاصمة تبليسي ومدينة باتومي الحديثتين نسبيا، وعلى سبيل المثال تعد أبراج سفان أبرز معالم العمارة الجورجية القديمة في مقاطعة سفانيتي الجبلية، ويعتقد أنها بنيت لحماية جورجيا من الأعداء.

ونصب تذكاري آخر مثير للاهتمام للهندسة المعمارية القديمة هو مجمع كهف فاردزيا في جنوب البلاد، الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ12 وهو عبارة عن مدينة متكاملة تضم، من بين أمور كثيرة أخرى، كنائس وأديرة رهبان.

طبيعة بمواصفات خاصة

جورجيا بلد ذو طبيعة توصف بأنها مبهجة، ولديها من جمال الطبيعة كل شيء تقريبا: من الجبال العالية المغطاة بالثلوج إلى التلال الخضراء والغابات شبه الاستوائية المورقة، فضلا عن البحيرات الكريستالية والأنهار السريعة ناهيك عن البحر الأسود الدافئ.

وبفضل هذا التنوع في الطبيعة، تعد جورجيا مكانًا مميزا لمحبي السياحة المتطرفة (المتعلقة المرتبطة بالمجازفة)، والمشي لمسافات طويلة والرحلات والسياحة البيئية وتسلق الجبال والعطلات الشاطئية.

ويعتبر أفضل مكان للاستمتاع بالمناظر الطبيعية في جورجيا هو منطقة سفانيتي في شمال البلاد، حيث منتجع خاتسفالي للتزلج، ومن قممه يمكن رؤية القمم الرئيسية في القوقاز، وهناك توجد أعلى قرية جبلية في أوروبا، وهي قرية أوشغولي.

الحياة البرية

تعتبر المنتجعات مثل بورجومي، وكوجوري وأوتسيرا وباتومي وأوريكي وتساجفيري، وجاما أماكن مثالية للتعافي والاسترخاء في حضن الحياة البرية، وأما عشاق السياحة البيئية فبإمكانهم زيارة المناطق المحمية مثل ألجيتي وأشميتا وبورجومي وكازبيجي وما إلى ذلك.

والموقف تجاه الطبيعة هنا دقيق للغاية، فقد قامت السلطات ببناء العديد من المناطق المحمية التي لم تصل إليها الحضارة لتأمين أكبر قدر من أجواء الهدوء والاسترخاء.

وأما على سواحل البحر الأسود الجورجية، فستجد بحرا دافئا، ونباتات شبه استوائية مورقة، ومشاهد مثيرة للاهتمام وبالطبع المأكولات الشعبية الخاصة.

تقع المنتجعات الأكثر شهرة على البحر الأسود في منطقة أدجارا، ولعشاق إجازة مليئة بالأحداث، فإن الخيار الأفضل سيكون مدينة باتومي، التي تحولت مؤخرا إلى المنتجع الساحلي الرئيسي والمركز السياحي لجورجيا، وأولئك الذين يريدون عزل أنفسهم عن صخب المدينة وقضاء عطلة مريحة في صمت في أحضان الطبيعة يمكنهم اختيار مدينة كوبوليتي أو قرى تشاكفي، ماخينجاوري، ساربي، كفارياتي.

كرم الضيافة

مفهوم “الضيافة” في الثقافة الجورجية ليس عبارة فارغة، وحسب التقاليد الشعبية، فإنها تقدر أعلى من الشجاعة والمهارة في استخدام الأسلحة، يقول المثل الجورجي القديم “الضيف هو شخص أرسله الله”، لذلك ليس من الصعب أن نتخيل كيف يعامل السياح في هذا البلد.

إذا ضللت طريقك، فلا تتردد في سؤال السكان المحليين عن الاتجاهات، وإذا كنت جائعا فاطلب المزيد، وإذا كانت لديك أسئلة فاسأل، هناك قاعدة في جورجيا: لا تنهِ طبقا أبدا، وإلا فسوف يجلبون لك المزيد والمزيد.

لعشاق المأكولات المميزة

تماما مثل جورجيا نفسها، فإن المطبخ المحلي متنوع للغاية، ويطلق على جورجيا اسم “جنة التذوق” لاحتواء مطبخها الشعبي على أصناف هائلة من الأطعمة والمعجنات والمقبلات وغيرها التي تعتبر بدورها جزءا من الثقافة الوطنية، ولدى الجورجيين الكثير من الوصفات التي ينفردون بها لطهي اللحوم والطرائد والأسماك، وينبغي إيلاء اهتمام خاص للجبن الجورجي، الذي يوجد منه عدد غير قليل من الأصناف.

وربما تكون المياه المعدنية هي السبب الرئيسي وراء قدوم أولئك الذين يرغبون في استعادة صحتهم والحفاظ عليها إلى جورجيا، فمحتوى الملح هنا يعتبر الأمثل لجسم الإنسان، ولهذا السبب يشتهر السكان المحليون بالحيوية وطول العمر.

أماكن الإقامة

هناك فنادق تناسب جميع الأذواق في جورجيا، بدءا من الفنادق الصغيرة المتواضعة وحتى الشقق الفاخرة من فئة “الخمس نجوم” في القصور القديمة.

أسعار الفنادق أقل بفارق ملحوظ مما هي عليه في أوروبا، وحتى في العاصمة من السهل العثور على غرفة رخيصة، تكلفة الليلة في الفنادق ذات الأربع والخمس نجوم ترضي المحفظة أيضا.

يبلغ متوسط ​​سعر الغرفة الفندقية حوالي 45 دولارا في الليلة، ومع ذلك، تختلف الأسعار اعتمادا على تصنيف النجوم: فنادق 3 نجوم: حوالي 40 دولارا في الليلة، وتحقق هذه الفنادق التوازن بين الراحة والقدرة على تحمل التكاليف، أما فنادق 4 نجوم، فيبلغ متوسط ​​سعر الغرفة فيها نحو 50 دولارا في لليلة الواحدة.

أفضل الفنادق في جورجيا تقع في باتومي وتبليسي، فهي مدن كبرى نابضة بالحياة وصاخبة وتحظى بشعبية لدى السياح ورجال الأعمال، وهناك العديد من سلاسل الفنادق العالمية في تبليسي وباتومي المنافسة شديدة فيما بينها، لذا بإمكانك الرهان على الترحيب الحار.

كم تحتاج لقضاء العطلة؟

لقضاء عطلة اقتصادية للغاية، فإن الأمر يتطلب ما بين 35 و40 دولارا في اليوم للشخص الواحد، وأما عطلة مريحة فتتطلب ما بين 50 و70 دولارا، أما السياحة الفاخرة فإن المبلغ يتراوح بين 100 و150 دولارا. هذا المتوسط في الإنفاق للفئات الثلاث لا يتضمن تكلفة السكن أو الرحلات الجوية أو التأمين الصحي، وإنما يشمل نفقات السفر داخل جورجيا والطعام وسيارات الأجرة والهدايا التذكارية وأنشطة الترفيه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version