تواجه الولايات المتحدة تحديات معقدة تتعلق بالتعرفة الجمركية التي فُرضت في السنوات الأخيرة، حيث تُظهر بعض النتائج غير المتوقعة تأثيراتها السلبية على سوق العمل والاقتصاد الأميركي، وفق ما رصده تقرير حديث صادر عن بلومبيرغ.

ورغم أن التعرفة الجمركية عادة ما تستخدم وسيلة لحماية الصناعة المحلية، فإن قصصا مثل تلك التي شهدها قطاع شاحنات الحاويات تكشف عن مدى تعقيد هذه الأداة وتأثيراتها المتباينة.

تعرفة ضخمة على شاحنات الحاويات

وتذكر الوكالة أنه عام 2021، فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية ضد الإغراق بنسبة تزيد عن 220% على شاحنات الحاويات المصنوعة في الصين، وهي مركبات تُستخدم لنقل الحاويات على متن الشاحنات، مما أدى إلى إيقاف واردات هذه الشاحنات من شركة “تشاينا إنترناشونال مارين كونتينرز”، التي كانت تهيمن على السوق العالمي.

وكانت الشركة -وفق بلومبيرغ- تبيع أكثر من 45 ألف حاوية جديدة سنويا في السوق الأميركية التي يتراوح حجمها بين 70 ألفا  و80 ألف شاحنة.

ومع توقف الواردات الصينية، كانت الشركة بحاجة إلى إيجاد بدائل، فبدأت في إنتاج الشاحنات داخل الولايات المتحدة، وأنشأت سلسلة توريد جديدة تجمع بين الأطر المصنوعة في تايلاند والمكونات الأخرى المصنعة في ولايات كنتاكي وميسوري الأميركيتين.

الشركات الأميركية في طليعة المتأثرين

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد شهدت الولايات المتحدة -وفق بلومبيرغ- تطورا غير متوقع عندما قررت شركة “بيتس إنتربرايزس” -وهي واحدة من الشركات الأميركية التي ضغطت من أجل فرض التعرفة الجمركية- استيراد حوالي 18 ألف شاحنة من فيتنام.

ومع ذلك، في مارس/آذار 2023، اكتشفت السلطات الأميركية أن الشاحنات الفيتنامية تحتوي على مكونات صينية، مما جعلها تخضع للتعرفة الجديدة، وتسبب ذلك في فرض فاتورة جمركية ضخمة على شركة “بيتس” بقيمة قدرت بعشرات الملايين من الدولارات، بالإضافة إلى خسارة إجمالية بلغت 250 مليون دولار من الإيرادات.

وفي تطور لاحق، اتهمت “بيتس” وغيرها من الشركات المحلية الشركة الصينية بمحاولة التحايل على التعرفة الجمركية، وهو ما أدى إلى فتح تحقيق جديد استمر لمدة عام.

ورغم أن التحقيق انتهى بتبرئة الشركة الصينية، فإن الشركة اضطرت إلى إيقاف الإنتاج في الولايات المتحدة وتسريح مئات العمال في ولايتي كاليفورنيا وفرجينيا، مما أدى إلى خسارة تجاوزت 100 مليون دولار من الإيرادات.

تأثيرات التعرفة الجمركية

وتشير بلومبيرغ إلى أن هذه القصة توضح مدى تعقيد تأثير التعرفة الجمركية على الاقتصاد الأميركي، حيث تسببت في خسائر مالية كبيرة وتسريح العمال، وهو ما يُظهر أن استخدام التعرفة الجمركية وسيلة لتحفيز الاقتصاد قد يكون له آثار عكسية في بعض الأحيان.

الرئيس الأمريكي بايدن يتحرك ضد السيارات الكهربائية الصينية

وتنقل بلومبيرغ عن كجيل إيكلاند، المدير التنفيذي لشركة “إيكلاند إنرجي”، قوله إن هذه المناورات قد تصبح لعبة ديناميكية، حيث يستمر استخدام إستراتيجيات مثل “التحايل على التعرفة” و”التغييرات المزيفة في عمليات النقل”.

وفقا لتحليل بلومبيرغ، تشير هذه الحالة إلى أن السياسات الحمائية مثل التعرفة الجمركية قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة، لا سيما عندما تتحول إلى أدوات للصراع التجاري بين الشركات المحلية والدولية، مما يخلق تحديات كبيرة لسوق العمل والاقتصاد الأميركي بشكل عام.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version