شهدت أساطيل ناقلات الغاز الطبيعي المسال الروسية، والمعروفة باسم “الأسطول المظلم”، زيادة ملحوظة في نشاطها خلال الأشهر الأخيرة، حيث تستخدم تكتيكات متطورة بشكل متزايد لإخفاء حركة شحنات الغاز المسال وتجنب العقوبات الغربية.

ووفقا لتقرير نشرته فايننشال تايمز، تتبع هذه الناقلات طرقا ملتوية لتضليل المراقبين بشأن مكان وجهة شحناتها، مما قد يقوض الجهود العالمية للحد من صادرات الطاقة الروسية.

تكتيكات الخداع البحري

وأصبح “الأسطول المظلم” عنصرا محوريا في استمرار صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي رغم العقوبات الصارمة التي فرضتها الدول الغربية عقب الحرب الروسية الأوكرانية، وفق الصحيفة.

وهذه العقوبات أثرت بشكل كبير على مشروع الغاز المسال “أركتيك إل إن جي 2” (Arctic LNG 2)، وهو مشروع حيوي لزيادة إنتاج روسيا من الغاز المسال.

ويعتقد أنه منذ أغسطس/آب 2024، تم تصدير ما لايقل عن 8 شحنات من هذا المشروع رغم العقوبات، في حين تم ردع عدد من المشترين المحتملين بسبب العقوبات، مما أدى إلى تخزين العديد من هذه الشحنات أو بقائها عائمة في البحر، وفق ما أوردت فايننشال تايمز.

عمليات نقل بحرية خادعة

وتقول فايننشال تايمز إن أحد التكتيكات المستخدمة من قبل الأسطول الروسي يتضمن محاكاة عمليات نقل بحري بين السفن. ففي أغسطس/آب الماضي أشار تقرير الصحيفة إلى ناقلة الغاز المسال بايونير، التي شوهدت بجوار ناقلة أخرى تدعى نوفا إنرجي في شرق البحر المتوسط.

في البداية -تضيف الصحيفة- اعتقد المراقبون أن هذه العملية كانت لنقل الشحنة من بايونير إلى نوفا إنرجي. ولكن، تم اكتشاف الخدعة لاحقا عندما مرت بايونير عبر قناة السويس في سبتمبر/أيلول الماضي وأبلغت السلطات بأنها لا تزال تحمل شحنة الغاز.

ونقلت الصحيفة عن توم مارسيت مانسر، رئيس قسم تحليل الغاز في شركة الاستشارات “آي سي آي إس” قوله إن “المحاولات المتعمدة لتزييف عمليات النقل بين السفن تظهر أن مشروع الغاز المسال أركتيك 2 يسعى بجهد كبير لإخفاء وجهة إنتاجه”.

وأضاف “هذه المناورات تهدف بشكل كبير إلى خلق الشكوك وتقديم واقع بديل”، بحسب ما نقلت عنه صحيفة فايننشال تايمز.

تعقيدات مراقبة الأسطول المظلم

ويتفاقم التعقيد في تتبع هذه السفن بسبب العدد المحدود من ناقلات الغاز الطبيعي المسال في العالم. وعندما تشارك إحدى هذه الناقلات في أنشطة مشبوهة، يصبح ذلك ملحوظا أكثر لدى المحللين والتجار ووكلاء السفن، تقول الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن كيل إيكيلاند المدير العام لشركة إيكيلاند إنرجي قوله “لم نرَ بعد نهاية التكتيكات الملتوية والطرق الملتفة والإخفاء الإبداعي”.

وبينما تلعب إشارات التردد الصناعي والصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية دورا كبيرا في مراقبة هذه السفن، فإن الحصول على اليقين الكامل بشأن ما يحدث بالضبط يعد أمرا صعبا.

ونقلت فايننشال تايمز عن جيليان بوكارا، مديرة قسم الغاز والغاز المسال في شركة “كبلر” لتتبع السفن، أن الصور الفضائية يمكن أن تكون غير دقيقة بسبب وجود غيوم أو غياب الصور في الفترات الزمنية الحاسمة.

تداعيات جيوسياسية

وتلقي تداعيات استمرار روسيا في تصدير الغاز الطبيعي المسال باستخدام “الأسطول المظلم” بتأثيرات كبيرة على الأسواق العالمية.

وأشار تقرير فايننشال تايمز إلى أن التكتيكات الروسية تزيد من تعقيد الأمن الطاقي العالمي، خصوصا مع ارتفاع أسعار الغاز نتيجة لتوترات الشرق الأوسط.

وشهدت أسعار الغاز ارتفاعا بنسبة 23% منذ بدء الصراع بين إسرائيل وحزب الله، مما أضاف ضغوطا على أسواق الطاقة العالمية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version