تعيش غالبية شركات صناعة السيارات في العالم حالة من الارتباك، على وقع أزمات متلاحقة مع اقتراب موعد تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل مقاليد الحكم في البيت الأبيض وتعريفاته الجمركية المرجحة على السلع المستوردة، في وقت يحيق الإفلاس بشركة نيسان والإضراب بشركة فولكس فاغن وغير ذلك من الضغوط التي استثنت القليل من الشركات.

 شركة ستيلانتيس

يتوقع محللون أن تكون شركة ستيلانتيس، مالكة جنرال موتورز وفورد وكرايسلر -وهي رابعة أكبر شركات صناعة السيارات في العالم- من بين الشركات الأكثر تضررا من رسوم ترامب الجمركية على الواردات من المكسيك وكندا، حسبما نقلت عنهم صحيفة فايننشال تايمز مطلع الشهر الجاري.

وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كتب الرئيس المنتخب على موقع تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي أنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات المستوردة من المكسيك وكندا، وسيرفع الرسوم على السلع من الصين 10%.

ويأتي التهديد الذي تواجهه أكبر 3 شركات صناعة سيارات في أميركا من سلاسل التوريد المعقدة عبر الحدود التي طورتها صناعة السيارات العالمية على مدى العقود الأربعة الماضية.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن المحلل في باركليز، دان ليفي، قوله: “من المفهوم عموما أن فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 25% على أي مركبات أو محتوى من المكسيك أو كندا قد يكون مدمرا، غير أن المستثمرين لم يقدّروا مدى الضرر الذي قد يسببه هذا”.

وتعد المكسيك وكندا من أهم مراكز التصنيع لشركات السيارات البائعة في الولايات المتحدة، مما يعني أن معظم الشركات المصنعة الكبرى في العالم معرضة لتأثير التعريفات الجمركية.

من جانب آخر، أعلنت ستيلانتيس استقالة رئيسها التنفيذي كارلوس تافاريس بشكل فوري، وذلك قبل عامين من خططه المعلنة للتقاعد.

وأفادت الشركة في بيان أن لجنة تنفيذية مؤقتة ستتولى إدارة الشركة حتى تعيين رئيس تنفيذي جديد، وهو المتوقع منتصف عام 2025.

كان تافاريس أول رئيس تنفيذي لشركة ستيلانتيس منذ إنشائها عام 2021 نتيجة اندماج بين فيات كرايسلر ومجموعة بي إس إيه.

وتحت مظلة ستيلانتيس، تشمل العلامات التجارية للشركة كلًا من رام، جيب، دودج، كرايسلر، ألفا روميو، وفيات، إضافة إلى علامات أخرى.

جاءت الاستقالة في وقت تواجه فيه الشركة تحديات كبيرة، حيث انخفضت مبيعاتها 20% خلال الربع الثالث من 2024، مقارنة بالعام الماضي، كما تراجع سعر سهمها 40% عن العام السابق.

 شركة نيسان والإفلاس

تواجه شركة نيسان اليابانية خطر الإفلاس في الأشهر المقبلة إذا لم تتمكن من تأمين استدامتها المالية خلال مدة تتراوح بين 12 و14 شهرا، بحسب بيانات الشركة المالية.

وتعاني الشركة تراجع مبيعاتها داخل أسواق رئيسية مثل الصين والولايات المتحدة، مما يزيد تعقيد وضعها المالي، وفي ظل جهود إعادة الهيكلة المستمرة، تسعى إلى جذب استثمارات طويلة الأجل لتحسين تدفقها النقدي.

وحسب مجلة فوربس، تشير خطط الشركة لجذب مستثمرين جدد إلى تحول إستراتيجي؛ ولم تعد الشراكات السابقة كافية لتحقيق الاستقرار المالي خاصة مع (رينو) التي بدأت قبل سنوات خفض حصتها في نيسان.

Various car brands- - ANKARA, TURKEY - SEPTEMBER 05: A photo shows the logo of Nissan in Ankara, Turkey on September 05, 2018.

ومن بين الخيارات المطروحة، تدرس نيسان بيع جزء من حصتها عبر شريكها الفرنسي رينو، وهو ما قد يمهد الطريق لتعاون محتمل مع شركات مثل منافستها هوندا اليابانية.

وعاد اسم كارلوس غصن إلى الواجهة مجددا، وهو رئيس نيسان السابق، لبناني الأصل، والذي أنقذ الشركة من الإفلاس نهاية تسعينيات القرن الماضي، قبل اتهامه في 2018 بقضايا اختلاس أموال.

وغصن الذي حكم عليه بالسجن داخل اليابان، استطاع الهرب من السجن، حيث يقيم حاليا في بلده لبنان.

شركة فولكس فاغن

شارك نحو 100 ألف موظف لدى شركة (فولكس فاغن)، أول أمس، في إضرابات تحذيرية، احتجاجا على خطط خفض التكاليف التي تعتزم الشركة الألمانية تنفيذها.

ووفقًا لنقابة عمال المعادن آي جي ميتال، شملت هذه التحركات 9 مصانع في ألمانيا، للضغط على إدارة فولكس فاغن للتراجع عن خططها التي تشمل إغلاق مصانع وتقليص وظائف وخفض الرواتب؛ إذ أعلنت الشركة نيتها تخفيض أجور الموظفين 10%.

تأتي هذه الخطط في وقت تواجه فيه الشركة الألمانية تحديات كبيرة بسبب تباطؤ سوق السيارات الكهربائية، والمنافسة الشديدة من الشركات الصينية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العمالة والطاقة والمواد الخام.

معاناة بريطانية

وانخفض إنتاج السيارات في المملكة المتحدة للشهر الثامن على التوالي خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى تكثيف الضغوط على الصناعة حيث تكافح مع الانتقال إلى مستقبل كهربائي.

وأظهرت أرقام جمعية مصنعي وتجار السيارات “إس إم إم تي” (SMMT) أن إنتاج التصنيع انخفض 15.3% في أكتوبر/تشرين الأول إلى 77 ألفا و484 وحدة، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بمقدار العُشر حتى الآن هذا العام.

تأتي أحدث الأرقام المتشائمة لصناعة التصنيع التي توظف 198 ألف شخص بشكل مباشر وسط اضطرابات في السوق بعد خطط مالك فوكسهول ستيلانتيس لإغلاق مصنع إنتاج الشاحنات في لوتون، ما يعرض ما يصل إلى 1100 وظيفة للخطر وإلقاء اللوم على تفويض الحكومة بالمركبات الخالية من الانبعاثات.

 

 تسلا وبي واي دي

وبالتزامن مع ذلك، تعيش شركة تسلا الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية واحدة من أفضل فتراتها على الإطلاق، إذ نمت قيمتها السوقية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأكثر من 300 مليار دولار، لتستقر قرب 1.1 تريليون دولار، مدفوعة بالتحالف القوي بين رئيسها إيلون ماسك وترامب.

وفي الصين، تحقق شركات السيارات هناك بصدارة (بي واي دي) أرقام مبيعات تاريخية وغير مسبوقة، على الرغم من التهديدات الأوروبية بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 45%.

تألق صيني

ارتفعت مبيعات السيارات في الصين 11.2% في أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بالعام السابق، محققة أسرع نمو شهري منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وفقا لبيانات جمعية سيارات الركاب الصينية (CPCA).

وبلغت مبيعات السيارات في الصين، أكبر سوق للسيارات بالعالم، حوالي 2.28 مليون مركبة خلال أكتوبر/تشرين الأول، ليصل إجمالي مبيعات الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي إلى 17.99 مليون سيارة، بزيادة 3% عن 2023.

ونمت مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن 56.7% مقارنة بالعام الماضي، لتشكل 52.5% من إجمالي المبيعات في الصين خلال أكتوبر/تشرين الأول.

وتعد هذه المرة الرابعة على التوالي التي تتفوق فيها مبيعات السيارات الكهربائية على سيارات البنزين.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version