يعتبر الاقتراض في فترات الأزمات الوجودية مثل الحروب أو الأوبئة منطقيا للحكومات باعتباره وسيلة لتعبئة الموارد الوطنية، على حد تعبير الخبير الاقتصادي، باري إيتشنغرين، في كتابه “في الدفاع عن الدَّين العام” لسنة 2021.

وتعد الديون الفدرالية في الولايات المتحدة الأميركية قديمة قدم الأمة، وناقش تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) مسألة الاقتراض والإنفاق الحكومي، وذكرت أنهما ضروريان لتحفيز الاقتصاد أثناء فترات الركود.

وتلعب سندات الخزانة، الآمنة والسائلة، دورا مهما في النظام المالي العالمي، لدرجة أنه في أواخر التسعينيات؛ عندما شهدت أميركا فترة من النمو الاقتصادي وانخفاض الإنفاق العسكري للحكومة، وسمح ذلك بتقليل الاقتراض بشكل حاد، أثار الخبراء الاقتصاديون والمصرفيون مخاوف بشأن عواقب قلة الديون الفدرالية.

وتقترض الولايات المتحدة حاليا بشكل كبير خلال فترات النمو الاقتصادي لتلبية الالتزامات الأساسية والمستمرة، ولكن هذا الوضع غير مستدام بشكل متزايد. وعلى امتداد العقد المقبل، يتوقع مكتب ميزانية الكونغرس أن متوسط العجز السنوي للميزانية الفدرالية سيبلغ حوالي تريليوني دولار، تضاف إلى أكثر من 25.4 تريليون دولار من الديون التي تدين بها الحكومة بالفعل للمستثمرين.

وحسب الصحيفة، يوفر الاقتراض الأموال التي يمكن استخدامها لصالح الشعب الأميركي مباشرة في شكل مدفوعات الفائدة للمستثمرين الذين يشترون سندات حكومية. وبدلا من جمع الضرائب من الأثرياء؛ تدفع الحكومة للأثرياء لاقتراض أموالهم.

وبينت الصحيفة أنه بحلول عام 2029؛ تسير الحكومة نحو الإنفاق أكثر على الفوائد أكثر من الدفاع الوطني كل عام، وذلك وفقا لمكتب ميزانية الكونغرس. وبحلول عام 2033، سوف تستهلك مدفوعات الفوائد مبلغا يساوي 3.6% من الناتج الاقتصادي بالولايات المتحدة الأميركية.

ورأت الصحيفة أن عصر أسعار الفائدة المنخفضة قد انتهى. ومع ذلك؛ ترتفع تكلفة المعيشة على الأموال المقترضة.

وبشكل عام، لا يهتم الجمهوريون بالديون، وقد أقروا في العقود الأخيرة تخفيضات ضريبية تجبر الحكومة على اقتراض المزيد من المال، وحصلوا بالفعل على حزمة جديدة لخفض الضرائب. فيما أصبح الديمقراطيون حذرين من دعوات الحد من الإنفاق لأن التنبؤات بعواقب وخيمة لم تتحقق، ولأنهم تعلموا الدرس القاسي الذي يفيد بأن الموافقة على تخفيض الإنفاق يخلق مجالا للجمهوريين لتبرير جولة أخرى من التخفيضات الضريبية.

وأشارت الصحيفة إلى أن سقف الديون يُعدُّ جزءا من المشكلة، باعتباره وسيلة يستخدمها الجمهوريون لابتزاز الديمقراطيين لتخفيض الإنفاق من خلال التهديد بدفع البلاد نحو التخلف عن السداد.

واختتمت الصحيفة التقرير بالتأكيد على أن أي اتفاق جوهري حول سقف الدَّين في المستقبل، سيتطلب في نهاية المطاف مزيجا من الإيرادات المتزايدة وتقليص الإنفاق. وسيتعين على كلا الحزبين تقديم تنازلات؛ حيث ينبغي على الجمهوريين قبول ضرورة تحصيل ما تدين به الحكومة وفرض ضرائب على الأثرياء.

بينما ينبغي على الديمقراطيين أن يدركوا أن التغييرات في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية -وهما المحركان الرئيسيان لنمو الإنفاق الفدرالي المتوقع- يجب أن تكون مطروحة على الطاولة، وأي خيار آخر سيثبت أنه غير مستدام من الناحية المالية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version