جاءت قرارات الفدرالي الأميركي الأخيرة موافقة لتوقعات محللين أكدوا في وقت سابق أن الفدرالي سيتوقف مؤقتا عن رفع أسعار الفائدة كي يضمن عدم الإفراط في تشديد السياسة النقدية، فهل يعني ذلك أن معركة التضخم اقتربت من نهايتها؟

وأنهى الفدرالي الأميركي اجتماعاته بإعلان إبقاء أسعار الفائدة بدون تغيير عند نطاق 5% – 5.25%، وذلك بعد 10 زيادات متتالية بدأها في مارس/آذار 2022. ويعتبر قرار الإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة الأول منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.

وحتى نهاية 2023، سيعقد الفدرالي 4 اجتماعات أخرى في يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول/ ونوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/كانون الأول.

وفي حديثه لوسائل الإعلام، رجح رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول تنفيذ زيادتين على أسعار الفائدة في الاجتماعات الأربعة المقبلة، بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة، لكنه ربط ذلك بمجموعة ظروف محددة.

وفي ظل هذه المعطيات، نشرت وكالة الأناضول تقريرا حددت فيه 3 مسارات متوقعه للسياسة النقدية الأميركية خلال عام 2023.

انحسار التضخم

مع مواصلة أسعار المستهلك الأميركي تراجعها المتواصل منذ يوليو/تموز الماضي، فإن احتمالية الإبقاء على أسعار الفائدة قد تكون قائمة في اجتماع الشهر المقبل.

وبلغت نسبة التضخم في السوق الأميركية خلال مايو/أيار الماضي 4%، في أدنى مستوى منذ مارس/آذار 2021، نزولا من 4.9% في أبريل/نيسان السابق له.

ومع تراجع أسعار المستهلك إلى متوسط 3.5% أو أقل في يوليو/تموز المقبل، قد يدفع الفدرالي إلى الطرق التي تنتظرها أسواق الأسهم، وهي الإبقاء على أسعار الفائدة بدون زيادة في الاجتماعين المقبلين على الأقل.

ووفق تحليل لمكتب إحصاءات العمل الذي يصدر تقارير التضخم الأميركية شهريا، فإن تغيير أسعار الفائدة يحتاج متوسط 5 شهور حتى ينعكس أثره على الأسواق.

ويعني ذلك، أن 3 زيادات على أسعار الفائدة تمت فعليا منذ مطلع العام الجاري، بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة، وستظهر آثارها على الأسواق في النصف الثاني من 2023.

الأزمة المصرفية

رغم تراجع وتيرة الأزمة المصرفية الأميركية التي اندلعت في الولايات المتحدة خلال مارس/آذار الماضي، وأدت لإغلاق 3 بنوك بودائع تتجاوز نصف تريليون دولار، فإن مخاوف تجددها قائمة.

وأكد الخبير الاقتصادي محمد العريان أن الأزمة المصرفية لم تنته، وقد تكشف عن نقاط ضعف جديدة في النظام المصرفي الأميركي.

ودفعت الأزمة المصرفية البنوك في الولايات المتحدة لتشديد الائتمان (القروض) للأسر والشركات، وهذا يعتبر أداة أخرى للحد من التضخم الجامح، وهو ما قد يقلل من احتمالية زيادات أسعار الفائدة.

وقد ينتج عن الأزمة المصرفية، تراجع اقتصادي والدخول في ركود اعتبارا من الربع الثالث 2023، ما يستدعي الحاجة إلى تحفيز الأسواق. ولذلك قد لا يقدم الفدرالي فورا على خفض أسعار الفائدة، إلا أن الإبقاء عليها عند النسب الحالية قد يكون خيارا مفضلا للفدرالي لما تبقى من العام الجاري.

أزمات عالمية

التأثيرات السلبية للزيادات الحادة على أسعار الفائدة على الدولار، تركت أزمات متصاعدة في الأسواق العالمية، لأنها زادت من قوة الدولار، وبالتالي رفعت من كلفة الحصول عليه. وهذا يعني أن البنوك المركزية حول العالم، امتثلت لزيادات الفدرالي ونفذ معظمها زيادات على أسعار الفائدة على عملاتها، للحفاظ على جاذبيتها، لكنها في المقابل، أدت إلى إبطاء الإقراض المصرفي.

كما أن قوة الدولار، هي إحدى أسباب التضخم، لأن الدول الأخرى ستحتاج إلى عملات محلية أكثر لشراء الدولار، وبالتالي نقل فروقات أسعار الصرف إلى المستهلك النهائي.

وتعاني غالبية دول العالم بسبب مشاكل سلاسل الإمدادات في 2021، التي فاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية، ثم جاءت 10 زيادات على أسعار الفائدة لتضيف مزيدا من الأعباء على أسعار المستهلك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version