افتتح بمطافئ مقر الفنانين اليوم الثلاثاء معرض “بيت يطل على العالم” ضمن النسخة الثامنة من برنامج الإقامة الفنية من عام 2023 إلى 2024، بمشاركة 17 فنانا ويستمر إلى نهاية العام الجاري.
والمعرض عبارة عن صورة رمزية تعبر عن الحاجة للبحث عن الذات في عالم سريع التغير، وتغوص في فكرة البيت داخل عالم بطابع معاصر. كما يطرح أسئلة عن الهوية والانتماء من وجهة نظر الفنانين الذين حظوا بفرصة عرض إبداعاتهم في غاليري الكراج، الذي تبلغ مساحته حوالي 700 قدم مربع.
ومن خلال استكشاف موضوعات تتعلق بالهوية الحضرية وما يشكلها، يقدم المعرض نظرة عميقة على الأفراد الذين يمثلون اللبنة الأولى لأي مجتمع، وبالتالي للبلد الذي يأتي منه.
ويشارك الفنانون من خلال المعرض سردياتهم الغنية والمتنوعة ومشاعرهم المتباينة عبر ثلاثة محاور رئيسية: الاستكشافات البيئية والاجتماعية والثقافية. ومن خلال ذلك، يهدف المعرض إلى إلقاء الضوء على علاقة الإنسان ببيئته، واستكشاف الترابط بين الفضاء وعناصره، وبين كل تلك العناصر.
وقال مدير مطافئ مقر الفنانين خليفة العبيدلي، إن الإبداعات المميزة للفنانين المشاركين تبعث على الفخر، إذ إن الطابع التأملي للمعرض تطلّب مستوى عاليا من المهارة الفنية، مما شكل تحديا استثنائيا، إلا أن الفنانين تمكنوا من تحقيق ذلك ببراعة، مهنئا إياهم على مجهودهم المميزة.
من جهتها، قالت رئيسة قسم البرامج والمعارض في مطافئ مقر الفنانين سعيدة الخليفي إن النسخة الثامنة من برنامج الإقامة الفنية حققت نجاحا باهرا، حيث كان المعرض شاهدا على مهارات الفنانين المميزة، معربة عن طموحها في مواصلة دعم الفنانين المحليين وتطوير مواهبهم لتمكينهم من استغلال إمكاناتهم على الوجه الأمثل.
من جانبهم، أشاد الفنانون المشاركون بالأجواء الإبداعية التي عاشوها خلال الإقامة الفنية، ووصفوها بالمثالية التي تشجع على الإبداع، وتفتق إبداعاتهم وتفتح مخيلتهم على عوالم فنية أخرى.
وفي هذا الصدد، قالت الفنانة الجازي النعيمي، مهندسة معمارية وفنانة مقيمة بمطافئ مقر الفنانين، إن عملها الفني الذي تشارك به يعد أكبر عمل يدوي قامت به لحد الآن، ويعبر عن قيمة الزمن في حياتنا، وهو مستوحى من حركة الرمال بالساعة الرملية.
الساعة الرملية
وأشارت إلى أن العمل الفني مقسم إلى جزأين، الأول هو تراكم الرمال في القسم العلوي من الساعة الرملية في دلالة على الأفراد الذين يحرصون على استغلال أوقاتهم ويستثمرونها لتحقيق إنجازاتهم. أما الجزء الثاني فهو تراكم الرمال في القسم السفلي من الساعة الرملية، وهو يمثل الأفراد الذين يهدرون أوقاتهم فيمر الزمن سريعا عليهم دون أن يحسوا به، مشيرة إلى أن دمجها للقسمين بساعة رملية واحدة أفقية هو دلالة على أن للفئتين حياة واحدة فقط، وأن للفرد الاختيار إما باستغلال وقته وإما هدره، مستشهدة بمقولة الحسن البصري: “الدنيا ثلاثة أيام، أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما الغد فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه”.
تأملات ثمينة
من جانبها، قالت الفنانة هانا فخري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية، إن عملها الفني الموسوم بـ”تأملات ثمينة” تسرد من خلاله نشأتها في قطر وبريطانيا، حيث عاشت طفولتين مختلفتين، إذ يحملها حنين الطفولة لتسافر إلى عصر البراءة حيث ينتعش الخيال ويتدفق سحره، مشيرة إلى أنها تحتفي بجمال التأملات الثمينة وتذكّر المشاهدين بالروابط الخالدة بطفولتهم وببعضهم بعضا.
الألفة والهجران
بدورها، قالت الفنانة نورة الحردان إنها حاولت من خلال عملها استكشاف التفاعل العميق بين الألفة والهجران، والتقاط جوهر عملية إعادة الاكتشاف في الأماكن المنسية.
وأضافت “أسعى إلى الكشف عن السرديات الخفية للأغراض اليومية المتروكة، حيث استلهمت أعمالي من الاستكشاف الحضري والقصص المتأصلة في البيئات المهملة”، مشيرة إلى أنها اكتشفت في هذه الأماكن المهجورة بقايا الوجود الإنساني، كتلك البطانية المهترئة التي كانت في يوم من الأيام تحمل قيمة شخصية عند شخص ما، وأوضحت أنها اتكأت في عملها الفني على صور فيليمية قامت بتحميضها بنفسها وتعرضها عبر عاكس ضوئي على الجدار، داعية جمهور المشاهدين من خلالها إلى إعادة التواصل مع هذه الأشياء المألوفة، مثيرة بذلك موضوع الحنين إلى الماضي والتأمل في الزمن.
الإقامة الفنية
يذكر أن برنامج الإقامة الفنية في مطافئ مقر الفنانين يعد من البرامج العالمية التي تهدف إلى تطوير وتعزيز المواهب الفنية في قطر، حيث يوفر للفنانين الصاعدين والمبدعين في منتصف مسيرتهم المهنية منصةً تحدث نقلة نوعية في صقل مهاراتهم الإبداعية من خلال الإرشاد المتخصص، ودعم أعمالهم الفنية، وتقديم الدعم الفني. كما يتيح لهم الوصول إلى أستوديوهات ومرافق للتصنيع للمضي قدما في تطوير مواهبهم.
وحظي البرنامج بنجاح ملحوظ، حيث توسعت فعالياته لتشمل برنامج إقامة فنية لمدة ثلاثة أشهر في المدينة الدولية للفنون في باريس، بالإضافة إلى الإقامة في أستوديو 209 بنيويورك، الذي يأتي ضمن برنامج الأستوديو والقيمين الدولي في مدينة نيويورك. ومن خلال التعاون مع الهيئات والمؤسسات المحلية، يساهم مطافئ مقر الفنانين في إثراء هذا البرنامج عبر تنظيم ورش عمل ومشاريع مشتركة، مما يشجع على التفاعل داخل المجتمع الفني وخارجه.