فاز الشاعر البحريني قاسم حداد بجائزة الأركانة التي سيتسلمها يوم 14 ديسمبر/كانون الأول المقبل. والتقيتنا الشاعر العربي الكبير في حوار خاص، نستعرض فيه تجربته الأدبية الغنية، ونلقي الضوء على مسيرته الشعرية التي تميزت بالتجريب والانفتاح على قضايا الإنسان المعاصر.

بعد فوزه بجائزة الأركانة الشعرية، يُمثل هذا الحوار فرصة لاستكشاف رؤاه حول الأدب، والتحديات التي واجهها، وموقعه في المشهد الشعري العربي، ونتطرق إلى أفكاره حول الجوائز الأدبية، ودور الشاعر في المجتمع، وتفاعل الشعر مع الجمهور في ظل التحولات الرقمية الحديثة. كذلك نفتح معه نقاشا حول رؤيته للمستقبل الشعري العربي، وأهمية التفاعل بين الأدب العربي والعالمي.

وقد أشار الشاعر حداد إلى أهمية “كسر المعنى” في الشعر، معتبرًا ذلك تحديًا يجب على الأجيال الجديدة مواجهته، خاصة بعد تجاوز كسر الوزن والشكل التقليدي. كما أكد أن الشعر عملية تجريبية مستمرة، حيث تتطلب الكتابة شروطًا تمنح وتفرض توازنًا بين المعنى والرمز.

يذكر أنه صدرَت للشاعر حدّاد أعمالٌ شعرية عديدة، منها: “البشارة” 1970، و”خروج رأس الحُسين مِن المُدن الخائنة” 1972، و”الدّم الثاني” 1975، و”قلب الحبّ” 1980، و”القيامة” 1980، و”شظايا” 1981، و”انتماءات” 1982، و”النهروان” 1988، و”يمشي مخفورًا بالوعول” 1990، و”عُزلة الملكات” 1992، و”أخبار مجنون ليلى” (بالاشتراك مع الفنّان ضياء العزاوي) 1996، “قبر قاسم” 1997، “علاج المسافة” 2000، و”أيقظَتْني الساحرة” 2004، و”لست ضيفًا على أحد” 2007، “طرفة بن الوردة” 2008، و”ثلاثون بحرا للغرَق” 2017، و”المنسيات، منسيات الآلهة” 2023.

  • بعد فوزك بجائزة الأركانة، كيف ترى دور الجوائز الأدبية في حياة الشاعر؟

يقال إنها جائزة تكريم، لكنني أعتبرها جائزة تشريف، وهي بالضرورة تكليف. كما أظن أن الجوائز الأدبية تعبر عن حرص الجهات المانحة على إعطاء الفائزين دفقة من الدفع المعنوي والشعور بالأمان الذي يستحقونه. كما أنها تقدير أدبي للتجربة عموما. بهذا الشكل تكون الجوائز معنى جديرا ويستحق.

  • شعرك منفتح على التجريب والحداثة، ما التحديات التي تواجهها في استخدام هذه اللغة؟

في مكان سابق أكدت على المهمات الشعرية التي نتوقعها من الأجيال الجديدة، المتمثلة في تطوير وبلورة مفهوم كسر المعنى، وتحقيق الخطوات نحو ذلك، خصوصا بعد تحقيق مفهوم كسر الوزن والشكل التقليدي القديم الموروث. لعل هذا التحدي صار مفهوما.

  • قصائدك تتجاوز المعنى المباشر إلى الرمزية. كيف تخلق هذا التوازن بين المعنى والرمز؟

لا أعرف. الأمر غامض بالنسبة لي. وإذا حدث هذا الذي تقول، ربما يجري بعفوية الشاعر واكتشافاته أثناء الكتابة، كما أن للكتابة شروطا تمنح وتفرض هذا التوازن.

  • شعرك يحمل صدى الحياة وصراعات الإنسان المعاصر، كيف تستقي موضوعاتك؟

ديوان "ثلاثون بحرا للغرق" صدر عن منشورات المتوسط – إيطاليا (الجزيرة)

القارئ للشعر يمكنه أن يكتشف ذلك. وله أن يرى ما يرى. ما دام هذا يحدث تلقائيا، فإنني لا أعرف كيف يحدث هذا. دائما أحب الاستعانة بالقارئ. القارئ ناقد جيد.

  • هل الشعر مؤثر في التغيير الاجتماعي؟

لستُ ممن يؤمنون بهذا. فمن يؤثر في إحداث التغيير ليس الشعر. الآخرون في النظام الذي يحكم المجتمع لا يسمحون للشعب، ومن ضمنه الأدباء، بممارسة حقهم في تحولات المجتمع. فكيف تريد من الشاعر أن يؤثر في التحولات الاجتماعية.

  • هل تعتقد أن للشاعر دورا فعّالاً في إحداث التغيير؟

بالطبع له دور، ويمكنه ممارسته، شريطة أن يكون المجتمع ديمقراطيا، ويقتنع بذلك سياسيو النظام.

لكن الشاعر مثل بقية المثقفين العرب، وهؤلاء معزولون، ومحرومون من حرية القيام بدورهم إلا بشرط السلطة. بالطبع ليس دوره مصانا ومضمونا في مجتمعنا العربي. المثقف هو سؤال النقد في مجتمعه، شرطه بالنسبة له يأتي أولاً، وقبل السلطة. فإذن، فالشاعر كسؤال هو مصادر. وبالتالي لا دور له في المجتمع.

  • هل تراجع الشعر في عصر الوسائط الرقمية؟

جمهورنا ليس حرا. إنه جمهور مسلوب الإرادة.

هذا التفاعل يتوقف على الوعي الإيجابي لدى الأطراف جميعها. فمثلما نستفيد إيجابيا من المخترعات الجديدة، يمكنك التعامل مع الوسائط الرقمية.

  • كيف ترى تطور الحركة الشعرية في العالم العربي منذ بداياتك إلى الآن؟

ثمة كثير من المتغيرات في طبيعة الحركة الشعرية العربية، فقد اختلفت القضايا التي يهتم ويستغرق بها الشاعر العربي. سوف يظهر تلعثمي واضحا أمام سؤال كبير مثل هذا. أقترح طرح هذا السؤال على أحد النقاد، فهو من المحتمل أن يعرف أكثر مني.

  • هل هناك شعراء أو أصوات جديدة تراها تحمل تجديدا في الشعر العربي؟

أخشى أنني سأفشل في الجواب لعدم قناعتي بأن ذوقي وذائقتي الشعرية ستكون صالحة للأجيال الجديدة. فقط أتخيل أن دور الأجيال الجديدة هو مواصلة ما بدأه الجيل الذي سبقهم، كأن يكسروا المعنى، مثلما تم كسر الوزن والموسيقى عند قبلهم، حيث تم كسر الشكل.

  •  هل حقق الأدب العربي حضورا عالميا يليق بتاريخه وتراثه؟

حسب رأي الشعراء في الغرب، فإن الشعر العربي من بين أجمل الأشعار في العالم، إنهم يحبون سماع الشعر باللغة العربية، أحدهم (من الأرجنتين) قال لي إنه يكاد يفهم الشعر عندما يسمعه بالعربية. أتمنى أن لا نقلق بشأن مكانة الشعر العربي في العالم. ليس سهلاً القول بفهم المجتمع في دول أوروبا. يتطلب ذلك جهدا كبيرا.

  • ما مشاريعك حاليًا؟ وهل من توجهات جديدة تود استكشافها في شعرك؟

إذا سمح لي الوقت من العمر الباقي، أعمل الآن بمتعة كبيرة على أنطولوجيا من النصوص الدينية. أريد فقط أن أنتهي منها. وأوشك على الانتهاء من مجموعة شعرية جديدة، أكتبها من العام الماضي، عبارة عن مقاطع صغيرة منفصلة. تخرج قريبا.

  • كيف ترى تطور تجربتك الشعرية في المستقبل؟

لا أعتقد أنني أصلح للإجابة على هذا السؤال. يتوجب أن تعرف جواب هذا السؤال من النقاد والقراء.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version