ترك بصمة لا تُمحى في مجال السينما الصامتة وتميز بشاربه وقبعته، وإذا كنت من المعجبين بأعماله أو مجرد فضولي يسعى لمعرفة الرجل الذي يقف وراء هذه الأسطورة، فإن متحف “عالم شارلي شابلن” سيكون المكان المثالي لزيارته في سويسرا.

وفي ذكرى وفاته الـ47، ننصحك بزيارة منزله الخاص ومتحفه وستنقلك هذه التجربة الغامرة إلى قلب حياة شابلن وأعماله الخالدة في رحلة مرحة ومؤثرة تعكس عبقريته الفنية وأفلامه الرائعة.

وفي القصر الريفي السابق لعائلة شابلن “مانوار دي بان” في مدينة كورسييه سور فيفي السويسرية، ستتعرف على كواليس آخر 25 عاما من حياة صاحب القبعة المستديرة وذكرياته.

منزل شابلن السابق

يقع قصر شابلن العائلي في الريف السويسري الخلاب المطل على بحيرة جنيف في مدينة كورسييه سور فيفي، حيث عاش هناك من عام 1952 إلى عام 1977.

وعلى طراز هوليود، يضم المنزل حديقة رائعة تتقاطع مع الأشجار والممرات التي يبلغ عمرها قرنا من الزمان وتوفر إطلالة خلابة على المناظر الطبيعية للجبال والبحيرة التي تتميز بها منطقة فود ريفييرا السويسرية.

مكان فريد من نوعه وجذاب مخصص لحياة وعمل المخرج الكوميدي الأسطوري وأيقونة السينما الصامتة، ويقدم للجمهور رحلة من الانغماس والاكتشاف والضحك والعاطفة التي ظلت خالدة.

وفي مبنى جديد بجانب القصر، افتتح متحف شابلن في عام 2016 لتقديم تجربة غامرة لمسيرة الفنان المهنية وحياته الشخصية الاستثنائية، كما يحتفل بتأثيره الخالد على السينما والثقافة من خلال عرض مقاطع من أفلامه الصامتة بالأبيض والأسود.

وبالتزامن مع حقبة الحرب الباردة، تم إيقاف أعمال الفنان الكوميدي مع هوليود ومُنع من العودة إلى الولايات المتحدة بسبب اتهام المخابرات الأميركية له بأنه شيوعي، وهي تهمة ثقيلة آنذاك جعلته يقول تصريحه الشهير:

“أنا لا أزال على حالة واحدة، حالة واحدة فقط، وهي أن أكون كوميديا، فهذا يجعلني في منصب أكبر من السياسي”.

وفي ظل هذه الأوضاع، اختار شابلن الاستقرار في فيفي مع زوجته وأولاده الذين ولد 4 منهم في سويسرا في قصر على الطراز الكلاسيكي بني في عام 1840 وتحيط به حديقة واسعة تبلغ مساحتها 14 هكتارا.

وقد كان واحدا من أكثر المحترفين المتعددي المواهب في عصر السينما الصامتة، فعمِل ممثلا ومخرجا ومنتجا وملحنا موسيقيا وكاتب سيناريو.

واليوم، يرقد شابلن بجوار زوجته في مقبرة كورسييه، ويذكر تمثال برونزي لشارلوت على رصيف الميناء بوجوده في مدينة فيفي التي تفتخر به وتحافظ على إرثه الفني في موقع معترف به رسميا كممتلكات ثقافية ذات أهمية وطنية.

ملاذ تاريخي

ومع مسار بمساحة 1850 مترا مربعا، ينقسم عالم شابلن إلى 3 أقسام رئيسية يقدم كل واحد منها جانبا مختلفا من حياة شابلن وإرثه، ويجمع بين السينوغرافيا والتصوير السينمائي والوسائط المتعددة.

وبعد كل 15 دقيقة، يرحب بك “الأستوديو” بنظرة عامة سريعة على أعمال الفنان البريطاني قبل التوجه إلى مجموعات مسرحية تفاعلية لأشهر أفلامه، ثم يمكنك المرور عبر مسرح “جيمبال” والجلوس للحلاقة أو الرقص أو ارتداء قبعاته السوداء، في أنشطة لا حصر لها تجعلك تقع في حب المتشرد الصغير مرارا وتكرارا.

وفي تكريم تفاعلي للرجل الذي أضحك الملايين، تشكل الإبداعات الفنية لهذه الأسطورة مكونات تجربة تشارلي تشابلن الممتعة للغاية والتي تم عرضها بأحدث الأساليب التعليمية المتحفية في شكل ديكورات للأفلام الأصلية وغرفة قسم ومسرح.

وعندما تتجول في المتحف ستشعر بأنك تعود فعليا إلى أيام هوليود الذهبية حيث يملأ الأثاث الفرنسي العتيق والخزف الصيني الفاخر الغرف ذات الأسقف العالية المزخرفة مع نوافذ ضخمة تطل على جبال الألب.

وبفضل هذه الزيارة التي تجمع بين التاريخ والفن ووفرة الصور العائلية الخاصة المعروضة، سيكون من السهل تخيل تشارلي شابلن وهو جالس يتناول الشاي مع أصدقائه من المشاهير أو يقضي أوقاتا عائلية دافئة مع زوجته وأولاده الثمانية.

كذلك ستشاهد التماثيل الشمعية العديدة ذات الحجم الطبيعي لشارلي، وآخر لألبرت أينشتاين يسخر من الوجود في الحمام، في دعوة لالتقاط أكبر عدد من الصور المسلية.

لؤلؤة الريفييرا السويسرية

تعدّ مدينة فيفي التي يوجد بها قصر ومتحف شابلن واحدة من لآلئ الريفييرا السويسرية بفضل موقعها المتميز على ضفاف بحيرة ليمان التي تطل على بانوراما جبال الألب، فضلا عن مناخها المعتدل وكروم العنب والسفن البخارية ذات العجلات المجدافية.

وتقع فيفي على بعد 10 أميال فقط من مدينة لوزان و40 دقيقة بالقطار من جنيف، وعند الوصول إليها يمكنك قضاء فترة الصباح في التجول في شوارع البلدة القديمة المرصوفة بالحصى أو التجول على ضفاف بحيرتها الساحرة حيث تطفو البجع وتمر القوارب.

وبينما تستمتع بمشاهدة التماثيل والزهور على الممشى الخرساني، ستثير انتباهك شوكة ضخمة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ بارتفاع 24 قدما من الماء. وقد صمم هذا العمل الفني في عام 1955 لإحياء الذكرى السنوية العاشرة لمتحف الأطعمة الغذائية، وليعكس صفاء بحيرة ليمان، أكبر بحيرة في أوروبا الوسطى.

وحتى يومنا هذا، لا تزال الفنادق الفخمة والممشى المزين بأشجار النخيل والأزهار على ضفاف البحيرة تذكارات شاهدة على عصر “بيل إيبوك” الذهبي من القرن التاسع عشر.

وإذا أردت الابتعاد قليلا، يمكنك المشي أو ركوب السيارة أو الحافلة للوصول إلى مدينة مونترو حيث يمكنك زيارة قلعة شيون، وهي قلعة صخرية من القرن الثاني عشر تبدو كأنها تطفو على سطح البحيرة.

وفي طريق العودة إلى فيفي، ألقِ نظرة على بعض مزارع الكروم المتدرجة التي يبلغ عددها 10 آلاف مزرعة حيث تعدّ لافو واحدة من أكبر مزارع الكروم في سويسرا وموقعا للتراث العالمي لليونسكو.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version