منذ إعادة ترميمه بشكل حافظ على تاريخه الممتد منذ ثلاثينيات القرن الماضي، تحول شارع المتنبي الشهير بمكتباته، في العاصمة العراقية بغداد، إلى مركز ثقافي مزدهر يجذب الكثير من الزوار.

وشارع المتنبي أيقونة بغداد الثقافية، ويحمل منذ عام 1932، خلال عهد الملك فيصل الأول، اسم الشاعر الشهير أبو الطيب المتنبي (915-965 ميلادية) المولود في عهد الدولة العباسية.

ومن ساعات الصباح الأولى إلى أوقات متأخرة ليلا، لاسيما أيام الجمع والعطل الرسمية، يعجّ الشارع برواد بينهم شعراء وأدباء وكتّاب وفنانون وطلاب، إلى جانب وافدين أجانب وعرب، للاستمتاع بفعاليات ثقافية وفنية.

ويرصد هذا التقرير أعمال الترميم والتطوير وشرفات مزينة بأضواء والكثير من الزوار وبينهم عائلات من مختلف محافظات البلاد، كما يمر على أكشاك ودكاكين بيع الكتب القديمة والحديثة المنتشرة على طول جانبي الشارع.

متنفس عائلي

حواء عواد الشمري (23 عاما، طالبة جامعية) قالت لوكالة الأناضول إنها ترتاد الشارع بشكل منتظم أيام الجمع، وغالبا أوقات المساء بفضل التحسن الأمني والتطور الذي طرأ عليه مع تزايد أعداد المكتبات، فهو بات متنفسا للعوائل البغدادية.

قصة شارع - شارع المتنبي.. منارة بغداد الثقافية وعبق الحضارة العراقية

وتابعت حواء “شارع المتنبي مكان أمن أتبضع منه كتبي الجامعية وكتبا أخرى إضافية، نلحظ وجود أشياء تراثية قديمة تذكرنا بأصالة العراق مما يجعلنا نشعر بالزهو والفرح.. أحب ارتياد الشارع وكنا دائما نطمح بأن يكون بهذا الشكل، والحمد الله اليوم يشهد تطورا”.

أما عامر محمد فؤاد (33 عاما)، وهو سائح أردني يتجول في شارع المتنبي، فقال “في أول زيارة للعراق توجهت إلى المتنبي للتعرف عليه عن قرب وأخذ فكرة حية عن تاريخه.. أسمع كثيرا عن الشارع الأشهر بالكتب القديمة والحضارة والفن. وجدته مزدهرا وحيا بروح التاريخ ويعجّ بحركة الناس المحبة للثقافة والعلم والحضارة والكتابة، واستُقبلت كسائح عربي من العراقيين بحفاوة كبيرة من الترحيب والكرم”.

وجهة سياحية

ويقول محمد حسين وهيب (58 عاما) وهو مدرس في بغداد “أعيش أجواء الفلكلور العراقي عندما أزور المتبني مع عائلتي.. الشارع يربط الحاضر بالماضي والمستقبل”.

وزاد وهيب بقوله “أشعر براحة نفسية، وأتمنى أن ينتقل هذا الشعور إلى كافة الأجيال حتى يعرف العالم وأبناؤنا أن العراق بلد الأصالة”.

وبخصوص إعادة ترميم وتطوير الشارع، وصف وهيب الأمر بأنه “إنجاز، أتمنى أن تحذو بقية المناطق حذو المتنبي لتوفير أماكن ومتنفس للعوائل، ويصبح لدينا أماكن ووجهات سياحية عديدة لجذب السياح للتعرف على معالم البلد، مثل شارع الرشيد، لإكمال هذه التجربة الرائدة”.

تعليم الرسم

منذ قرابة 5 سنوات، يوجد في شارع المتنبي إياد دبس كاظم (37 عاما) وهو فنان تشكيلي يعلم الأطفال الرسم ويحاول إسعاد الزوار.

وقال كاظم للأناضول “المتنبي محط أنظار الفنانين والعالم.. منذ 5 سنوات أمارس هواية الرسم.. دربنا وخرجنا العديد من الأجيال وشاركنا في المعارض والمهرجانات، وهدفي الأول ليس جني المال وإنما إسعاد العراقيين، فأنا إنسان قبل أن أكون فنانا، ونقدم دورات مجانية لتعليم الرسم”.

وأوضح “الشارع كان مغلقا في السابق ولا حركة للناس فيه، لكن اليوم الوضع مختلف تماما.. هناك إقبال يتضاعف يوما بعد آخر بسبب ما شهده من بناء أضفى عليه جمالا ساحرا وجعله قبلة للفنانين”.

وعام 2007، تعرض شارع المتنبي الواقع على نهر دجلة لتفجير بسيارة مفخخة خلَّف 30 قتيلا وأكثر من 65 جريحا، وأُعيد افتتاحه في ديسمبر/كانون الأول 2021 بعد خضوعه لإعادة ترميم وتطوير.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version