اختتمت، أمس الثلاثاء، أعمال النسخة الأولى للمؤتمر الدولي للمناظرة والحوار والمعرض المصاحب الذي نظمه مركز مناظرات قطر، وأنشأته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، لتكريم خريجي المركز من الطاقات الشبابية، البالغ عددهم أكثر من 50 فريقا مثلوا دولة قطر في المحافل الدولية على مدى الأعوام الـ15 عاما الماضية “أدعم المناظرات” باللغتين العربية والإنجليزية.
كما شهد المؤتمر، الذي شارك فيه أكثر من 800 مشارك من جميع دول العالم، توقيع 6 اتفاقيات مع كل من مؤسسة ولي العهد الأردنية، ومعهد الجزيرة، ومؤسسة التعليم فوق الجميع، وجامعة وندسور الكندية، وجامعتي يوتا ولويفل من الولايات المتحدة، تهدف جميعها إلى تعزيز التعاون مع مركز مناظرات قطر، وتوسيع برامجه في هذه الدول.
وأكد مشاركون في تصريحات للجزيرة نت على أن التحاور والتجادل جزء أساسي من التفكير الإسلامي، وأن المناظرات تعزز مفهوم التعاطف والاحترام، وتهدف للوصول إلى الحقيقة بلا تعصب، كما أنها تعزز التعاون والشراكة والتواصل بين الجميع.
ناقش المؤتمر، على مدى يومين، عددا من القضايا الأكاديمية المتخصصة بمجتمع المناظرات من خلال 4 محاور أساسية “الحجاج: أطر وتطبيقات، والمناظرة والتعليم، والمناظرة في التراث الإسلامي، والحوار: أبعاد ثقافية واجتماعية”.
كما تضمن عددا من الفعاليات المصاحبة، منها جلسات لمتحدثين رئيسيين ومتحدثين من منتسبي برنامج زمالة مناظرات قطر البحثية، و”واحة الحوار” التي ناقشت موضوع “سيولة العلاقات الإنسانية: صمود الأسرة أمام تحديات العولمة”، ومجموعة من الحلقات النقاشية حول “تجربة المناظرة باللغة العربية للناطقين بغيرها ومفهوم المناظرة بين الماضي والمستقبل”، وجلسات تخصصية موازية ناقشت المحاور الأربعة للمؤتمر.
نموذج عربي للمناظرة
تضمنت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة للسيدة لولوة بنت راشد الخاطر وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية، وأخرى للدكتورة حياة عبد الله معرفي، المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر، وحلقة نقاشية تحت عنوان “مؤسسات المناظرة حول العالم: الدور والأثر” تحدث فيها كل من: جوشوا بارك عضو مجلس إدارة بطولة مناظرات العالم WSDC، وبويان ماريانوفيتش المدير التنفيذي لمؤسسة IDEA، والدكتورة ميزان محمد المدير التنفيذي IWON ماليزيا، ومحمد أبو سنينة المدير التنفيذي لمؤسسة الحوار في ليبيا، وسالم الشماخي مؤسس ونائب رئيس مجلس إدارة مركز مناظرات عمان.
وفي كلمتها بهذه المناسبة، أكدت الدكتورة حياة عبد الله معرفي المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر، أن المركز أصبح من أهم المؤسسات المعنية بالمناظرة والحوار في العالم أجمع، وباتت تجربته محط الأنظار والمحدد لمعايير الإنشاء الجذري من المنظمات والكيانات في عالم المناظرة، وكان له شرف نشر رسالة إثراء الحوار وتمكين العقول عبر تنظيم واستضافة أكبر البطولات الدولية والقارية في مناظرات المدارس والجامعات باللغتين العربية والإنجليزية.
واسترجعت الدكتورة حياة نشأة المركز عام 2008 وتكوين أول فريق وطني للمناظرات ومشاركته في بطولة العالم لمناظرات المدارس باللغة الإنجليزية، والجهد الكبير الذي بذله القائمون على أمره والعاملون فيه حتى استضاف بطولة العالم للمناظرات باللغة الإنجليزية عام 2010، وأطلق النسخة الأولى للمناظرات باللغة العربية عام 2011، تبعها إطلاق برنامج سفراء قطر وأكاديمية “النخبة” وأكاديمية “مسار” وجائزة “رواد المناظرة” وسعيه بكل قوة لنشر رسالته السامية.
وقالت المدير التنفيذي لمركز مناظرات قطر: “بعد النجاح الكبير الذي حققناه في المركز بمجال المناظرات التنافسية وبعد اتساع شريحة المستفيدين من برامجنا وأنشطتنا التعليمية لتشمل أكثر من 500 جامعة ومدرسة في 80 دولة وآلاف المشاركين من متناظرين ومدربين ومحكمين وتربويين وأكاديميين، عزم المركز على رفد برامج المناظرات التنافسية ببرامج تكمل بعضها بعضا وتتيح للمجتمع الحصول على أكبر منفعة ممكنة”.
وتابعت بالقول “بدأنا قبل 5 أعوام بعقد شراكات مع الجامعات داخل الدولة وخارجها لطرح مقررات جامعية حول فن المناظرة والتفكير الناقد، منها مقرر المناظرات لطلبة كلية الشرطة في قطر والتعاون مع مؤسسات أميركية عريقة لطرح مقررات توظف المناظرة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ثم تكللت الجهود بشراكة نوعية مع جامعة الزيتونة في تونس لتصميم وإطلاق برنامج ماجستير هو الأول من نوعه تحت عنوان “فن المناظرة في الفقه المقارن”، كما تم إطلاق “زمالة مناظرات قطر البحثية” لرعاية الباحثين المهتمين بتطوير المعرفة في مجال المناظرة في برنامج متكامل يمتد لعامين ويوفر لهم جميع المواد اللازمة لتكريس الجهود في البحث العملي المتداخل التخصصات”.
وأعربت الدكتورة حياة معرفي عن سعادتها بإطلاق النسخة الأولى للمؤتمر الدولي للمناظرة والحوار، ليكون ملتقى الباحثين والأكاديميين والمدربين والمتناظرين ونواة شبكة أكاديمية تدرس تجارب الحوار ماضيها وحاضرها.
ونوهت بأنه منذ انطلاقه وبدعم كبير من مؤسسة قطر، حمل المركز على عاتقه تمكين الأجيال واكتشاف المواهب والإمكانيات وتوظيفها لإحداث التغيير الإيجابي الذي تحتاجه الدولة ومؤسساتها، مشيرة إلى أن المركز عمل على بناء نموذج عربي للمناظرة والحوار منفتح على مختلف الثقافات، يضيف للحوار فوائد تنظيمية وأخلاقية ويمنح المشاركين قدرات التفكير والنقد والتحليل إلى جانب مهارات التعبير والتقديم، وباقة من البرامج والتدريبات التي كان من خلالها المركز عراب هذا الفن ورائده عربيا.
وأردفت معرفي “صرنا نرى العديد من المؤسسات والوزارات والهيئات وحتى الشركات توظف تدريبات المناظرة من أجل بناء قدرات كوادرها وموظفيها، فساهمنا في تدريب المعلمين على توظيف إستراتيجية المناظرة في قاعات الدرس، وذهبنا للعاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين وساهمنا في تطوير مهارات التواصل عند الكوادر الأمنية ووفرنا برامج متخصصة للعاملين في السلك الدبلوماسي”.
نشر ثقافة التناظر باللغة العربية
من جانبها، نبهت السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية، في كلمتها، إلى فنون التناظر في الشعر والأدب وعند العلماء المسلمين والمستشرقين وكيف كانت هذه المناظرات بمثابة “حروب فكرية” أثرت الحياة الثقافية وعمقت الوعي بالقضايا المختلفة وساهمت في تنمية المهارات والفنون والعلوم واللغة.
ولفتت إلى دور مركز مناظرات قطر في إحياء سنة التناظر، ومد المنابر والمنصات وبسط الشراكات، وكيف كان له الفضل في نشر ثقافة التناظر باللغة العربية في مختلف دول العالم، ونشر لغة الضاد لدى الناطقين بغيرها، وكيف نهض بمستوى اللغة والحجاج المنطقي بين العرب وغيرهم من الأمم الأخرى، وكذلك دوره في تأسيس برامج أكاديمية في دول عديدة.
وأعربت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية، عن أملها بأن يؤتي هذا المؤتمر ثماره ويحقق مبتغاه في أن يكون منصة جامعة للباحثين والمهتمين بعلوم التناظر وفنونه.
مناظرات قطر والعالم
وفي الإطار ذاته أكد المتحدثون في الحلقة النقاشية التي جاءت تحت عنوان “مؤسسات المناظرة حول العالم: الدور والأثر” أهمية فن المناظرات في مقارعة الحجة بالحجة والتفكير الناقد ومناقشة الموضوعات والقضايا الآنية، وتحليل وفهم البراهين، مرجعين الفضل لمركز مناظرات قطر في نشأة مراكزهم والاستفادة منه وتكييف أنشطتهم وفقا لمتطلبات مجتمعاتهم وظروفه.
وأشادوا بدور مركز مناظرات قطر في نشر ثقافة التنوع والاختلاف والنقاش بالحجة والحوار البناء وكيف أسهم في مساعدتهم على نقل الحوار والمناظرة من مجتمع النخبة إلى عموم الناس وبناء السلام وإنشاء بيئة مواتية للمناظرات، مما عزز الحوار الناقد والمشاركة المجتمعية وجعل البيئة الفكرية أكثر استدامة وتطورا وانتشارا.
واستعرض المتحدثون في الحلقة تجاربهم في إنشاء مراكز للتناظر في بلدانهم وعوامل استمرارهم وانتشارهم رغم تعدد الأعراق والثقافات والديانات واللغات في دولهم، وكذلك على حصولهم على جوائز محلية وإقليمية ودولية وقدرتهم على تضمين فنون التناظر في المناهج التعليمية في المدارس والجامعات، ونشر هذه الثقافة على نطاق واسع بالتعاون مع مؤسسات الدولة التعليمية والمجتمعية والحكومية، مما جعل التناظر أسلوب حياة ليس بين الأشخاص فقط، بل بين المؤسسات والعاملين فيها، مرجعين الفضل في ذلك إلى مركز مناظرات قطر ودوره في دعم مراكزهم وأنشطتهم.
وأشار المتحدثون في الحلقة إلى التحديات التي واجهتهم في بدايات عملهم وفي القضايا المطروحة وتعامل المتناظرين معها ومع بعضهم، منها ما يتعلق بالاحترام والتنافسية وكيف تغلبوا على هذه التحديات من خلال التركيز على التفاوض والنقاش البناء وتخصيص المنح والحوافز المادية والعينية وتوعية الجمهور من خلال البرامج التليفزيونية والمنصات الإلكترونية.
المصدر : الجزيرة + وكالة الأنباء القطرية (قنا)