الدوحة- نظّم معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، وهو مركز وطني بحثي وتطبيقي ينضوي تحت مظلة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الخميس، فعالية خاصة جمعت نخبة من خبراء الرعاية الصحية والبحث العلمي في الدولة، كشف خلالها عن أحدث إنجازاته في مجال البيانات الجينومية، حيث أعلن عن إنجاز رائد يتمثل في الانتهاء من التسلسل الجينومي لـ25 ألف مواطن قطري.

محرك البحث العلمي

وقال رئيس معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة بالإنابة الدكتور سعيد إسماعيل، في حديث للجزيرة نت، إنه تم الإعلان عن عشرات الآلاف من البيانات الجينية والصحية التي جمعت ورُتّبت لتكون متاحة لمجتمع البحث العلمي في قطر والمنطقة للبحث عن المسببات لأمراض أو طفرات ومتغيرات جينية قد تكون مسؤولة عن اختلاف الاستجابة لبعض الأدوية، وستكون هذه البيانات هي محرك البحث العلمي الذي يمكن ترجمته إلى رعاية طبية متطورة.

وأضاف إسماعيل أن مستقبل الرعاية الصحية في العالم يرتكز على الرعاية الدقيقة التي تركز على تقديم العناية الصحية بناء على المكون الوراثي للمريض، وذلك يعني أن يكون العلاج “شخصيا” من خلال تحديد المكونات الجينية للمريض ومن ثم معرفة العلاج المناسب لهذا التكوين.

وأشار إلى أن هذه المعرفة الجينية سوف تحدد أيضا السياسات الصحية القائمة على البحث العلمي بالاستفادة من هذه البيانات المتاحة حاليا والتي تعدّ أكبر قاعدة بيانات جينية وصحية في قطر والشرق الأوسط.

الاستفادة من البيانات

وعن كيفية الوصول إلى هذه البيانات والاستفادة منها، قال إسماعيل إن جميع العاملين في مجال الأبحاث يمكنهم الوصول إلى هذه البيانات بعد الحصول على موافقة مؤسستهم التي يعملون بها والجهات الأخرى والبحث عما يهمهم من مرض معين أو الاستفسار عن متغيرات تسبب استجابات مختلفة للأدوية وغيرها.

وأضاف أن هذا الإصدار من البيانات ليس الأول بل هو الثالث ولكنه الأكبر من نوعه، فقد أصدرت بيانات الجينوم لـ6 آلاف شخص وبعدها جاء إصدار البيانات لنحو 15 ألف شخص، وهذا الإصدار الجديد يشمل 25 ألف شخص وهو الأكبر من نوعه، موضحا أن هذه البيانات ستكون متاحة من خلال معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، ومشيرا إلى أنه كلما زاد عدد الجينوم زادت فرص الاكتشافات وأهميتها.

وأوضح أن علم الجينوم يعد بتغيير النظام الصحي العالمي، وأن قطر إحدى الدول التي تحاكي هذا التطور العالمي من كثب وتعدّ من أوائل الدول في هذا الإطار، مشيرا إلى أن مثل هذه البيانات سوف تحدث نقلة نوعية في مجالات طبية عديدة، كأمراض السرطان، والقلب والأوعية الدموية، والصحة النفسية.

تغيير النظام الطبي

ومن جهته، قال رئيس قسم الأبحاث ومدير برنامج الطب الدقيق في سدرة للطب الدكتور خالد فخرو، في تصريح للجزيرة نت، إن تطبيق علم الجينوم في الرعاية الصحية سيكون له تأثير كبير في تغيير النظام الصحي بشكل جذري في المستقبل خاصة من حيث التشخيص الذي سيكون أكثر دقة.

وأشار إلى أن التشخيص سيتركز على سبب المرض ولن يكون قائما على رصد أعراض المرض، موضحا أنه في حال التوصل إلى مسبب المرض من خلال علم الجينوم فسوف يحدد العلاج المناسب وتوضع الخطة العلاجية اللازمة للمريض وفقا لحالته الخاصة.

وأضاف أن سدرة للطب بدأ بالفعل تطبيق علم الجينوم على بعض التخصصات مثل السمنة والسكري خاصة في الأطفال حيث نجح التشخيص الجيني في رسم خطة علاجية مناسبة لكل حاله على حدة بدلا من التجريب والخطأ، مشددا على أنه من خلال المسح الجينومي سيحدد العلاج المناسب وفقا للبصمة الوراثية الخاصة بكل مريض على حدة.

وأوضح أن علم الجينوم يتميز بأنه قادر على التعامل مع الأمراض المعقدة والنادرة من خلال قراءة جينوم المريض لاستنتاج الطفرة المسببة للمرض، ومن ثم بناء الخطة العلاجية المناسبة لهذه الطفرة.

تشجيع الباحثين

أوضح مدير البحوث والشراكات بمعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة حمدي مبارك أن الإعلان عن البيانات جاء لتشجيع الباحثين في دولة قطر للمشاركة في تحالف أبحاث قطر جينوم وقطر بيوبنك تحت مظلة معهد قطر للطب الدقيق بهدف تحفيزهم لتكثيف أبحاثهم وتحديثها لخدمة الطب الشخصي بما فيه فائدة المريض.

وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن رصد بيانات الجينوم وإعدادها بحثيا استغرق أكثر من عامين لإنشاء قاعدة بيانات تتعلق بالجينوم، وهي أكبر قاعدة بيانات في المنطقة وستعود بالفائدة على الباحثين من مختلف المستويات سواء من الأطباء أو الباحثين أو الطلاب أو المستشفيات أو المراكز العلاجية وغيرها.

وقال إن الجينوم يعني مجموعة من الجينات التي يحملها أي إنسان في الحمض النووي والتي هي كتاب الحياة للفرد وهي المسؤول عن جملة وظائف في جسم الإنسان، و”نحن اليوم في عصر الجينوم الذي سيحدث فارقا في عالم الطب وسيدفع بالرعاية الصحية إلى الأمام، وهذا هو مستقبل الطب الحديث”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version