تُولَد إيقاعات الحياة الموسمية واليومية كنتيجة لإشارات من الساعة البيولوجية المركزية في أدمغة البشر والحيوانات الأخرى، وتعمل الساعة البيولوجية بما يتوافق مع دورة الضوء والظلام خلال الـ24 ساعة. وتساعد إيقاعات الساعة البيولوجية الجسم على التحضير للتغيرات المتوقعة في البيئة، وتعمل على تحسين توقيت النوم وتناول الطعام والأنشطة اليومية الأخرى.

تعطل إيقاع الساعة البيولوجية

يعاني بعض الأشخاص من عدد من العواقب السلبية إذا تعطلت إيقاعات الساعة البيولوجية لديهم، فيمكن أن يعانوا من التعب في النهار، وتغيرات في الهرمونات، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وتغيرات في المزاج، وأكثر من ذلك. وهذا ما يجعل فهم هذه الإيقاعات اليومية أمرا مهما.

ويعمل العلماء بجامعة واشنطن في سانت لويس على فك لغز احتفاظ ساعاتنا البيولوجية الداخلية بالوقت، ويساعد بحثهم الجديدة -الذي نُشر في 24 يوليو/تموز الماضي في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم- على الإجابة عن الأسئلة القديمة المتعلقة بكيفية توليد الإيقاعات اليومية والحفاظ عليها.

كيف تعمل الساعة البيولوجية؟

تأتي إشارات إيقاعات الساعة البيولوجية اليومية في جميع الثدييات، من جزء صغير من الدماغ يسمى النواة فوق التصالبية. وحاولت عدة دراسات سابقة من جامعة واشنطن ومؤسسات أخرى تحديد إذا ما كان الناقل العصبي المسمى حمض جاما أمينوبوتيريك -والمعروف اختصارا بالاسم “جابا”- يلعب دورا في مزامنة الإيقاعات اليومية بين خلايا النواة فوق التصالبية الفردية. ومع ذلك، ظل دور جابا في النواة فوق التصالبية غير واضح.

ولا يبدو أن التدخلات الكيميائية التي قدمها الدكتور دانيال غرانادوس فونتيس -الباحث بكلية الآداب والعلوم والباحث بمختبر عالِم الأحياء إريك هيرزوج والمشرف على الدراسة الجديدة- وعلماء آخرون؛ غيرت كثيرا في طريقة إطلاق الخلايا العصبية في النواة فوق التصالبية، أو أثرت في تنظيم الإيقاع اليومي للسلوك الفعلي في الفئران.

نهج مختلف

لذا، فإن غرانادوس فونتيس وفريقه نهجوا نهجا مختلفا، إذ قاموا بتغيير تعبير نوعين من مستقبِلات جابا لمعرفة إذا ما كان لكثافة المستقبلات أي تأثير في التزامن أو السلوك.

ويَعتبر غرانادوس “ضبط عدد المستقبلات مهماً لتنظيم العمليات الفسيولوجية مثل التعلم والذاكرة، ولكن ليس الإيقاعات اليومية”. ولكن في هذه الحالة، كان لتغيير كثافة مستقبلات جابا من النوع “جاما 2” أو “دلتا” تأثير دراماتيكي، إذ إن تقليل أو تحوّر هذه المستقبلات في النواة فوق التصالبية للفئران قلّل من تزامن إيقاعاتها اليومية إلى الثلث، وزادت الفئران في هذه الدراسة من جريها على العجلة خلال النهار وقللت من جريها الليلي الطبيعي.

وأدى الإفراط في التعبير عن أحد نوعي مستقبلات جابا إلى تعويض فقدان الآخر، مما يشير إلى أن هذين النوعين من المستقبلات يمكن أن يؤديا وظيفة مماثلة في النواة فوق التصالبية، على الرغم من أنهما سهلتا عمليات مختلفة داخل الجسم، حسبما قال غرانادوس.

ويرى غرانادوس أن “هذه النتائج تفتح إمكانية فهم إذا ما كانت التغيرات في كثافة مستقبلات جابا مهمة لتنظيم الاستجابات الموسمية، فعلى سبيل المثال: كيف تستجيب الحيوانات في الطبيعة للصيف عندما تكون الأيام طويلة أو الشتاء عندما تكون الأيام قصيرة؟”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version