كشفت أبحاث جديدة بقيادة جامعة الصحة والعلوم في ولاية أوريغون بالولايات المتحدة الأميركية عن نهج واعد لتطوير لقاح شامل ضد الإنفلونزا، لقاح واحد فقط يوفر مناعة دائمة ضد فيروس متحور.

اللقاح الجديد

واختبرت دراسة نُشرت في 17 يوليو/تموز الحالي في مجلة نيتشر كوميونكيشنز، منصة لقاح طورتها جامعة الصحة والعلوم في ولاية أوريغون ضد الفيروس الذي يعتبر الأكثر احتمالية للتسبب بوباء قادم.

وأفاد الباحثون بأن اللقاح أثار استجابة مناعية قوية في القرود التي تعرضت لفيروس إنفلونزا الطيور، ولكن اللقاح لم يكن مبنيا على فيروس إنفلونزا الطيور الحالي، بل لُقّحت الكائنات التي أجريت الدراسة عليها ضد فيروس الإنفلونزا الذي قتل ملايين الناس حول العالم عام 1918.

وقال الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور جوناه ساشا، أستاذ ورئيس قسم علم الأمراض في مركز أبحاث الرئيسيات الوطني في جامعة الصحة والعلوم بولاية أوريغون: “إنه مثير، لأنه في معظم الحالات يتقدم هذا النوع من الأبحاث العلمية الأساسية بشكل تدريجي، وقد يصبح شيئا في غضون 20 عاما، أما هذا فيمكن أن يصبح لقاحا فعليا في غضون خمس سنوات أو أقل”.

وأفاد الباحثون أن 6 من بين 11 قردا لُقّحت ضد الفيروس الذي انتشر قبل قرن (إنفلونزا 1918)؛ نجت من التعرض لأحد أكثر الفيروسات فتكا في العالم اليوم. وفي المقابل، استسلمت للمرض مجموعة مكونة من 6 قرود غير ملقحة تعرضت لفيروس إنفلونزا الطيور.

يقول الباحث المشارك الدكتور دوجلاس ريد، الأستاذ المشارك في علم المناعة بمركز أبحاث اللقاحات في جامعة بيتسبرغ: “إذا أصاب فيروس قاتل مثل إنفلونزا الطيور إنسانا وأشعل وباء، نحتاج إلى التحقق بسرعة ونشر لقاح جديد”.

البحث عن هدف ثابت

ويستفيد هذا النهج من منصة لقاح طورها سابقا علماء في جامعة الصحة والعلوم بولاية أوريغون لمكافحة فيروس مرض نقص المناعة المكتسبة والسل، وفي الواقع تُستخدم بالفعل في تجربة على البشر ضد فيروس نقص المناعة المكتسبة.

وتتضمن الطريقة إدخال قطع صغيرة من مسببات الأمراض المستهدفة في فيروس الهربس الشائع؛ الفيروس المضخم للخلايا، الذي يصيب معظم الناس في حياتهم، وعادة ما ينتج عنه أعراض خفيفة أو لا شيء. ويعمل الفيروس كناقل مصمَّم خصيصا لتحفيز استجابة مناعية من الخلايا التائية في الجسم.

ويختلف هذا النهج عن اللقاحات الشائعة -بما في ذلك لقاحات الإنفلونزا الحالية- التي تهدف إلى تحفيز استجابة مضادة تستهدف أحدث شكل للفيروس، والذي يتميز بترتيب البروتينات التي تغطي السطح الخارجي.

ويرى ساشا أن “المشكلة مع الإنفلونزا هي أنها ليست مجرد فيروس واحد مثل فيروس كورونا، وإنما يتطور دائما للنسخة التالية، ونحن دائما نطارد مكان وجود الفيروس حاليا وليس مكان وجوده المقبل”.

وتَظهر البروتينات الشوكية على السطح الخارجي للفيروس لتفادي الأجسام المضادة. في حالة الإنفلونزا، تُحدّث اللقاحات بانتظام باستخدام أفضل تقدير للتطور التالي للفيروس. أحيانا يكون التقدير دقيقا، وأحيانا لا يكون.

في المقابل تُستهدف البروتينات الهيكلية الداخلية للفيروس بدلا من غلافه الخارجي الذي يتحور باستمرار من خلال نوع معين من الخلايا التائية في الرئتين المعروفة باسم خلايا الذاكرة المؤثرة. ولا يتغير هذا الهيكل الداخلي كثيرا مع مرور الوقت، مما يقدم هدفا ثابتا للخلايا التائية للبحث وتدمير أي خلايا مصابة بفيروس إنفلونزا قديم أو متطور حديثا.

النجاح باستخدام قالب عمره قرن

ولاختبار نظريتهم بشأن الخلايا التائية، صمم الباحثون لقاحا يعتمد على الفيروس المضخِّم للخلايا باستخدام فيروس الإنفلونزا لعام 1918 كقالب. وفي مختبر الأمان البيولوجي من المستوى 3 في جامعة بيتسبرغ، تعرضت القرود الملقحة لرذاذ جسيمات صغيرة تحتوي على فيروس إنفلونزا الطيور، وهو فيروس شديد الخصوصية ينتشر حاليا بين الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة. وترفع الدراسة من احتمال تطوير لقاح وقائي ضد فيروس إنفلونزا الطيور لدى البشر.

يقول الباحث المشارك الدكتور سيمون بارات بويز، أستاذ الأمراض المعدية وعلم الأحياء الدقيقة والمناعة في بيتسبرغ: ” يسبب استنشاق فيروس إنفلونزا الطيور المحمول في الهواء سلسلة من الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى فشل الجهاز التنفسي، وكانت المناعة التي أحدثها اللقاح كافية للحد من العدوى الفيروسية وتلف الرئة، مما حمى القردة من هذه العدوى الخطيرة جدا”.

ومن خلال تركيب قوالب فيروسية أكثر حداثة، تشير الدراسة الجديدة إلى أن لقاحات الفيروس المضخم للخلايا قد تكون قادرة على تحفيز استجابة مناعية فعالة وطويلة الأمد ضد مجموعة واسعة من المتغيرات الجديدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version