شمال سوريا – يقصد سالم العبد حمامات السوق الشعبية الموجودة في مدينة سرمدا السورية، شمال محافظة إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا، للاستحمام بمياه دافئة نهاية كل أسبوع.

يقطن العبد في مخيم للنازحين بالمنطقة ذاتها، ولا يصل إلى خيمته التيار الكهربائي اللازم لتسخين المياه شبه المعدومة أصلا. فوجد في حمّامات السوق ملاذا يغتسل فيها، خصوصا وأن الغبار والأوساخ مضاعفة في مناطق المخيمات ووسائل النظافة قليلة.

ويوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن “المياه في المخيمات كلسية وتتسبّب في إصابة معظم قاطنيها بالأمراض الجلدية، وخصوصا الفطرية منها”.

معاناة العوائل

وتعاني مئات آلاف العوائل -التي تقطن مخيمات شمالي غربي سوريا- من نقص كبير في المياه، وانعدام وجود التيار الكهربائي واقتصاره على الطاقة الشمسية التي تكاد لا تكفي للإنارة ليلاً.

وفي ظل ارتفاع أسعار الغاز، يعاني معظم المدنيين من متطلبات النظافة، وخصوصا الاستحمام بالماء الساخن، لعدم قدرتهم على تسخين المياه بسبب غلاء أسعار الغاز والوقود.

تم ترميم هذه الحمام بشكل جديد بقيمة(50 ألف دولار)

حمامات قديمة تفتح أبوابها

وفتحت حمامات السوق الشعبية القديمة أبوابها في عدد من مدن الشمال السوري، وبدأت تستقبل الزبائن من سكان المخيمات بأعداد كبيرة للاستحمام بمياه ساخنة حُرموا منها لسنوات.

يسكب عيسى اليونس الماء الساخن على جسده في حمام السوق الموجود بمدينة إدلب منتعشًا. ويقول إنه لا يحصل على مثل هذا الحمام إلا كل 15 يوما بسبب عدم قدرته على تحمّل التكاليف.

ويشير إلى أن “المياه الدافئة باتت سلعة نادرة، إذ لا توجد حمامات خاصة في المخيمات، لأن معظم الحمامات تكون مشتركة مع المطابخ بمساحة متر واحد فقط”.

ساعات المرح

ويوضح اليونس، في حديثه للجزيرة نت، أن كثيرا من شبان المخيمات “يذهبون جماعات، يوم الخميس، إلى حمامات السوق حيث يحصلون على ساعات من المرح، تتخللها وصلات غنائية.. مع النرجيلة (الشيشة) والمشروبات الدافئة”.

ويقول إن ما يشجع كثيرين على ارتياد هذه الحمامات هو وجود “الكيّاسين” (أشخاص مهمتهم حك جسد الزبون بكيس لإزالة الأوساخ)، فضلا عن الحصول على جلسة تدليك (مساج) تريح الجسد وتعيد له النشاط والحيوية.

ارتفاع أسعار الحمامات

لكن، في الوقت ذاته، يعاني الزبائن من ارتفاع أسعار الدخول إلى حمام السوق الشعبي، إذ تصل تكلفة الشخص الواحد في بعض الحمامات إلى 5 دولارات، مما يمنع كثيرين من الاستحمام أكثر من مرة في الشهر، أو مرتين أحيانا لبعض ذوي الدخل الجيد.

يقول حيدر غرير، صاحب “حمام الضاحية التراثي” بمدينة إدلب، إنه أنهى تأهيل الحمام وترميمه في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بهدف “إعادة إحياء التراث السوري العريق، وتعريف الشباب اليافعين بعاداتنا وتقاليدنا الحقيقية من خلال الصروح التي بناها أجدادهم”.

جلسات مليئة بالأجواء العربية

ويوضح غرير في حديثه للجزيرة نت أن “الإقبال جيد جدا، ولم نكن نتوقع أن يكون بهذا الشكل”، مشيرا إلى أن للحمام أجواءه الخاصة، إذ “يأتي الشباب ليس بهدف النظافة فقط، وإنما بهدف الجلسات المليئة بالأجواء العربية. فالحمام مجهّز بالخدمات الكاملة من طعام وشراب، بالإضافة إلى سماعهم المواويل العربية والحكايات والقصص الشعبية القديمة”.

ويضيف “الحمام الشعبي لم يعد كالسابق، إذ أصبح حاضنة شعبية ومجلسا لأبناء البلد. وغالبا ما يتم فيه التشاور في أمور كثيرة وحل مشكلات الحي، فضلاً عن تقارب الشباب من بعضهم بعضا وزرع المحبة فيما بينهم”.

وعن تكلفة دخول الحمام الشعبي، يوضح أنها 50 ليرة تركية (نحو 2.5 دولار أميركي) ولا يشمل ذلك أسعار الطعام والشراب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version