عمان- يرى خبراء ومتخصصون أردنيون في الشأن التربوي ضرورة تطوير نظام الثانوية العامة في البلاد، تزامنا مع الحديث هذه الأيام عن النظام الجديد للثانوية العامة الذي تنوي وزارة التربية والتعليم اعتماده في العام الدراسي المقبل (2023-2024).

أبرز ملامح النظام الجديد

ووفق النظام الجديد، سيتم توجيه الطلبة إلى مسارين فقط، هما:

  • المسار الأكاديمي.
  • المسار التقني المهني.

وسيكون التوجيه من الصف التاسع الأساسي، وفق الدكتور محمد كنانة، مدير إدارة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم الأردنية.

الدكتور محمد كنانة مدير دائرة الامتحانات والاختبارات في وزارة التربية والتعليم - موقع وزارة التربية

ويقول كنانة لـ”الجزيرة نت” إن المسار الأكاديمي سيحتوي على مباحث عامة مشتركة وتخصصية في الصف العاشر وأخرى في الأول الثانوي والثاني الثانوي. وفي حال نجاح الطالب في هذه المباحث، يحصل على شهادة إنهاء المرحلة الثانوية.

أمّا إذا أراد الطالب الالتحاق بالجامعة، فعليه أن يسجّل في المباحث المشتركة في الأول الثانوي ومباحث تخصصية في الثاني الثانوي، يختارها وفق حقول دراسية مرتبطة بالتخصص الذي سيدرسه في الجامعة، على أن يخضع للامتحانات الرسمية (الوزارية) في تلك المباحث المشتركة والتخصصية.

وحول المسار المهني، يوضح كنانة أن معظمه سيكون تطبيقا عمليا، وستكون مدته 3 سنوات بدلا من سنتين، وستعتمد الوزارة برنامج “بي تي إي سي” (BTEC) المقدم من شركة “بيرسون” (Pearson).

ووفق البرنامج الأخير، سيتلقى الطالب 480 ساعة تدريب عملي في الصف العاشر، و360 ساعة في الأول الثانوي، و360 ساعة أيضا في الثاني الثانوي. كما سيدرس الطالب مواد مشتركة من خارج البرنامج، مثل اللغتين العربية والإنجليزية ومادة تاريخ الأردن، وغيرها.

مرونة وفرص أكثر

ويرى الخبير في الشؤون التعليمية حسام عواد أن للنظام الجديد مزايا عدة مقارنة بنظام الثانوية العامة المعمول به حاليا، والذي يركّز على الحفظ والتلقين ولا يقيّم الطالب منهجيا، وفق قوله.

ومن مزايا النظام الجديد، وفق عواد، أن الطالب يبدأ استعداداته مبكّرا، ما يخفف عليه من الضغط والتوتر الحاصلين نتيجة اختزال جهد سنوات دراسية في شهر من الامتحانات الوزارية، كما في النظام الحالي، ومن ثم سيصبح أمام الطالب أكثر من فرصة على مدار فصول عدة، ما يمنحه الطمأنينة وإمكانية التحسين.

كما يتميّز النظام الجديد بالمرونة في اختيار مواد دراسية تبعا للتخصص الجامعي الذي يرغب الطالب في دراسته مستقبلا، بحيث يختار حزمة من المواد، بدلا من اختيار فرع من الفروع، ما يمنحه حرية اتخاذ القرار ويعلّمه وضع خطة دراسية خاصة به، كما هو الحال في المرحلة الجامعية.

ويقول المشرف والخبير التربوي محمد السلايطة إن تقسيم مرحلة “التوجيهي” على أكثر من سنة يكسر لدى الطلاب حاجز الخوف، ويقلل من حالة التوتر التي يقع فيها بعض الأهالي، إذ يستطيع الطالب الذي أخفق في مواد معينة أن يعيد تقديمها لاحقا وهو على مقاعد الدراسة مع زملائه.

تحديات النظام الجديد

يرى الخبير التربوي فارس حوّاري، نقيب أصحاب المراكز الثقافية الخاصة، أن تطوير امتحانات الثانوية العامة حاجة ملحة بعدما أثبت النظام الحالي عدم نجاعته. لكنه يشكك، في الوقت ذاته، في نجاح التعديلات الجديدة للنظام، ولا يرى أنه سيشكل إضافة نوعية بسبب وجود تحديات عدة.

ومن أبرز التحديات التي تواجه النظام الجديد وفق فارس حوّاري:

  • عدم تأهيل الكادر التعليمي للتغييرات المستجدة.
  • ضعف الإمكانات المادية المتاحة وحجم الإنفاق على قطاع التعليم.
  • تباين وجهات النظر حول المناهج وسياسة المركز الوطني لتطويرها.
  • عدم استعداد البيئة المدرسية وبُناها التحتية.
  • زيادة المدة قد يكون لها أثر عكسي على الأهل والطلاب، فتطيل مدة قلقهم بدلا من تخفيف التوتّر والضغط عليهم.

من جهته، يُبدي عواد جملة من التحفّظات على النظام الجديد، أولها ضبابيته وعدم وضوحه بشكّل مبسّط للطالب حتى الآن، مشيرا إلى وجود مواد مدرسية كان يُفترض أنها تهيئ للتخصص الجامعي، ولكن عند مطالعتها تجد أن المواضيع المتناولة متقدمة جدا ولا ترتبط بالأساسيات المطلوبة.

وحول تلك المخاوف يقول الدكتور كنانة إن لدى وزارة التربية والتعليم الأردنية بنى تحتية جيّدة، وهي تأخذ في الاعتبار ضرورة تطوير بعض المسائل في نظام الثانوية العامة، مضيفا “ما كنا لنُقدم على هذه التجربة إلا بعد معرفتنا أننا سننجح فيها”.

غزارة في المناهج

ويعلّق عواد على غزارة المناهج الجديدة التي طوّرتها وزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى كونها مكثفة وأكبر من الفترة المخصصة لإنجازها، ما يشكل صعوبة لدى المعلم في إعطائها حقها والانتهاء منها في المدة المحددة للفصل والسنة الدراسية.

في المقابل، تفيد إدارة الامتحانات والاختبارات التابعة لوزارة التربية والتعليم بأنه لا بد من التفكير في إنجاز المناهج الجديدة بطرق غير تقليدية، لكونها تنمي التفكير لدى الطالب الذي يستطيع من خلالها التعلم ذاتيا، ولا يعتمد على الأستاذ في كل صغيرة وكبيرة.

الاهتمام بالجانب المهني

ويشير عواد إلى أن نظام الثانوية العامة المقبل يفتح المجال واسعا أمام تخصصات تقنية متنوعة، بحيث يؤسس لمرحلة تفتح أمام الطالب آفاقا مهنية متطورة ومرتبطة بسوق العمل.

ويرى السلايطة أن من إيجابيات المسار المهني أنه يركز على الجانب العملي، بحيث يستطيع الطالب الحاصل على شهادة التدريب استكمال دراسته في أي من الجامعات الأوروبية، من المستوى الرابع، أو في جامعات محلية مثل “الحسين التقنية” و”لومينوس”، من دون الحاجة إلى شهادة الثانوية العامة.

تحديث للنظام أم خصخصة للتعليم؟

وحول التخوّف من مسألة خصخصة التعليم في المملكة، لا سيما مع تنفيذ برنامج لشركة “بيرسون” البريطانية في المسار المهني، يقول كنانة إن هذا النظام معتمد في دول كثيرة متقدمة في الجانب المهني وأثبت جدواه، إضافة إلى كونه مرنا ويستوعب خصوصيات الدولة وحاجاتها، وليس هناك أي رابط بين هذا النظام ومسألة خصخصة التعليم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version