بشكل مفاجئ، أعلن القاضي الإسرائيلي أهارون باراك تنحيه لـ “أسباب شخصية” عن تمثيل إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية المرفوعة ضدها من قبل جنوب أفريقيا ودول أخرى في محكمة العدل الدولية.

وجاءت الاستقالة بعد نحو أسبوعين من إصدار المحكمة التابعة للأمم المتحدة قرارا يأمر إسرائيل بوقف هجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، في حكم طارئ يمثل علامة فارقة، وجاء في إطار قضية مرفوعة من جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

وأقرت المحكمة أمرها بموافقة لجنة من 15 قاضيا من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتا مقابل صوتين، ولم يعارضه سوى قاضيان من أوغندا وباراك نفسه.

في خطاب الاستقالة المعنون بتاريخ الرابع من يونيو وأعادت وسائل الإعلام الإسرائيلية نشره، أرجع باراك البالغ من العمر 87 عاما قراره لأسباب شخصية وعائلية لم يحددها.

ولد باراك عام 1936 في ليتوانيا، وحينما كان صبيا تم تهريبه داخل كيس من الحي اليهودي (غيتو) في مسقط رأسه في مدينة كوفنو، بعد احتلالها من النازيين، والتي يطلق عليها حاليا كاوناس جنوب وسط البلاد.

وأشارت نيويورك تايمز، إلى أن باراك هاجر مع والديه إلى الأراضي الفلسطينية عام 1947، قبل سنة واحدة من تأسيس إسرائيل.

شغل منصب المدعي العام الإسرائيلي من قبل، وعمل مفاوضا خلال محادثات السلام في كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر عام 1978، قبل تعيينه كرئيس للمحكمة العليا حتى تقاعده عام 2006.

قاضيان من أصل 15 عارضا قرار محكمة العدل الدولية بشأن رفح.. من هما؟

أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل، الجمعة، بوقف هجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، بأمر حظي بموافقة لجنة من 15 قاضيا من جميع أنحاء العالم بأغلبية 13 صوتا مقابل صوتين.

ومن بين أبرز قراراته القانونية، حينما قرر كرئيس للمحكمة العليا في البلاد عام 1999، حظر معظم وسائل التعذيب التي تستخدمها الأجهزة الأمنية “لإجبار الإرهابيين المشتبه بهم على الإدلاء باعترافات”.

وعلى الرغم من اعتباره في إسرائيل شخصية قضائية تحظى باحترام دولي، فإن معارضته لخطة الإصلاح القضائي لحكومة بنيامين نتانياهو اليمينية، جعل خطوة اختياره لعضوية محكمة العدل الدولية محل انتقادات قوية من وزراء وسياسيين بارزين في اليمين المتشدد.

ويستبعد المحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهين أن تحمل خطوة استقالة القاضي الإسرائيلي من محكمة العدل الدولية أي أبعاد سياسية.

يقول كوهين لموقع “الحرة” إن “الرجل يبلغ من العمر 87 عاما، وبالتالي من الصعب عليه التنقل بين إسرائيل وهولندا حيث مقر محكمة العدل الدولية”.

ويضيف كوهين أن “السبب الذي أعلنه القاضي للاستقالة برأيي حقيقي لأنه قاض نزيه ولا يمكن أن يقول شيئا ويضمر شيئا آخر وهو معروف أيضا بشجعاته وصراحته”.

عين باراك في هذا المنصب في يناير الماضي وانضم إلى هيئة القضاة في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وتتهمها بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. 

وجاء قرار تعيين باراك قاضيا نيابة عن إسرائيل بمبادرة من نتانياهو بناء على توصية المستشار القانوني للحكومة غالي بيهاريف ميارا، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.

وبموجب قواعد محكمة العدل الدولية، فإن الدولة التي ليس لديها قاض من جنسيتها موجود بالفعل على المنصة، يمكنها أن تختار قاضيا خاصا يمثلها. ولم يتضح بعد من الذي قد تعينه إسرائيل ليحل محل باراك.

ويرى الخبير في القانون الدولي صباح المختار أن قرار الاستقالة لن يؤثر بشكل أو بآخر على عمل المحكمة أو على القضية المرفوعة ضد إسرائيل بشكل عام.

ويقول المختار في اتصال مع موقع “الحرة” إن “غياب قاضٍ من دولة ما لن يؤثر على شرعية قرارات المحكمة، من حيث المبدأ يجب أن يتم تعيين قاضٍ من الدولة المشكو منها والغرض منه أن تكون هذه الدولة على اطلاع على مجريات النقاش بين القضاة”.

ومع ذلك يشير المختار إلى أن غياب القاضي الممثل لإسرائيل في محكمة العدل الدولية لن يخل بقرارتها”.

ويستبعد المختار أن تقدم إسرائيل على تعيين بديل لباراك على اعتبار أن القضية “حسمت بالقدر الذي يمكن أن تحسم به”.

ومحكمة العدل الدولية هي أعلى سلطة تابعة للأمم المتحدة مختصة بالنظر في النزاعات بين الدول. والأحكام الصادرة عنها باتة وملزمة، لكن سبق تجاهلها في الماضي. ولا تتمتع المحكمة بصلاحيات تنفيذية.

ورفضت إسرائيل مرارا اتهامات الإبادة الجماعية ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة. وقالت أمام المحكمة إن العمليات في غزة دفاع عن النفس وتستهدف حركة حماس التي شنت هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version