القدس المحتلة- أصدرت الدولة العثمانية في القرن الـ19 وتحديدا عام 1852 سلسلة مراسيم لإدارة الأماكن المقدسة المسيحية في القدس، وذلك لتنظيم الوصول إليها بعد خلافات متكررة، ليُكرس هذا التنظيم في القانون الدولي ضمن معاهدة برلين عام 1878، ويدعى رسميا اتفاق الوضع القائم أو الراهن (ستاتيكو).

وضمن معاهدة برلين أيضا توسع القانون ليشمل الأماكن الدينية الإسلامية واليهودية في القدس، ليصبح بعدها اتفاق الوضع القائم في القدس قانونا دوليا ملزما.

وعندما احتل الجيش الإسرائيلي شرقي القدس والمسجد الأقصى في يونيو/حزيران 1967 (النكسة أو حرب الأيام الستة) اعترف شكليا باتفاق الوضع القائم لتجنب التصعيد والهجوم الدولي، لكن ممارساته على الأرض منذ ذلك الحين حتى اليوم، خرقت هذا الاتفاق حتى لم يبق منه إلا اسمه.

بكلمات قليلة، يعرف أستاذ دراسات بيت المقدس عبد الله معروف اتفاق الوضع القائم بأنه “بقاء الوضع على ما كان عليه في القدس قبيل الاحتلال”.

ويقول معروف للجزيرة نت إن كثيرا من التغييرات طرأت على الاتفاق منذ النكسة، حيث لم يعد يطبق بالذات في المسجد الأقصى.

ويستدل على ذلك بأن عددا من المستوطنات بُنيت على أراضي القدس بعد احتلالها، إلى جانب هدم حارة المغاربة بالكامل وتهجير أهلها واحتلال حائط البراق رغم أنه وقف إسلامي، إضافة إلى فرض التقسيم الزماني بالقوة، وتأمين صلاة المستوطنين في المسجد الأقصى.

ويضيف، المتحدث ذاته، “لم يعد أحد يتحدث عن هذه التغييرات وكأنها أصبحت أمرا واقعا غير مطروح للنقاش”.

وفيما يلي أبرز الخروقات في المسجد الأقصى منذ النكسة وفق رصد الجزيرة نت استنادا إلى أحداث ميدانية وبيانات رسمية فلسطينية وأردنية:

– احتلال المسجد الأقصى في يونيو/حزيران عام 1967 ورفع العلم الإسرائيلي فيه، والسيطرة على مفاتيح باب المغاربة -أحد أبواب المسجد الأقصى- ومنع الفلسطينيين من استخدامه حتى اليوم.

– بعد احتلال الأقصى احتُل حائط البراق غربي المسجد الأقصى وأطلق عليه “حائط المبكى”، وهُدمت حارة المغاربة بالكامل وطرد سكانها.

– تسلمت المملكة الأردنية الهاشمية بعد احتلال المسجد الأقصى الوصاية عليه، كجزء من اتفاق الوضع القائم، لكن الاحتلال تجاهل تلك السيادة مرارا من خلال عدة انتهاكات أبرزها إغلاقه بقرار متفرد لساعات أو أيام كما حدث إبان احتلاله، وإبان هبة باب الأسباط عام 2017، إلى جانب منع الترميم وعرقلته والتحكم بإدخال مواد الترميم إلى المسجد، والاعتداء على حراس الأقصى وموظفي الأوقاف واعتقالهم وعرقلة أعمالهم.

– أجرى الاحتلال العديد من الحفريات، وافتتح أنفاقا في محيط المسجد الأقصى وأسفل البلدة القديمة وحول سور القدس، متسببا في أضرار للبنية التحتية الأثرية، وتصدع لبعض معالم المسجد الأقصى وبيوت البلدة القديمة، وانهيارات أرضية في بلدة سلوان جنوبي المسجد.

– بعد عام 2003 استأنف الاحتلال من جانب واحد إدخال المستوطنين إلى المسجد الأقصى، ومنذ ذلك العام يقتحم المستوطنون المسجد 5 أيام في الأسبوع بحماية مكثفة من شرطة وقوات الاحتلال.

– منذ أكثر من عقد يؤدي المستوطنون صلوات علنية وصامتة أثناء اقتحام المسجد الأقصى، وتجاوز الأمر إلى أداء طقوس دينية أخرى تتعلق بالهيكل المزعوم مثل صلاة بركة الكهنة والسجود الملحمي وإدخال القرابين النباتية والنفخ في الشوفار.

– خلال العقد الماضي أيضا رفع المستوطنون العلم الإسرائيلي داخل المسجد الأقصى احتفالا بعدة مناسبات وطنية أبرزها ذكرى “توحيد القدس” أي احتلال شرقيّها.

– رغم وصايتها على المسجد الأقصى، منعت شرطة الاحتلال في يناير/كانون الثاني الماضي، السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي من دخول الأقصى.

– خلال الأشهر الأولى من انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أغلقت شرطة الاحتلال المسجد بشكل شبه كلي أمام المصلين باستثناء بعض كبار السن وسكان البلدة القديمة، وحتى اليوم يمنع الاحتلال دخول المصلين بشكل انتقائي إلى المسجد، خصوصا خلال ساعات الاقتحام صباحا وظهرا.

– بشكل غير مسبوق ومنذ السابع من أكتوبر، تقتحم شرطة وقوات الاحتلال المسجد الأقصى في غير أوقات اقتحامات المستوطنين، خصوصا خلال صلاة الجمعة، وتتجول فيه لمراقبة المصلين والتضييق عليهم.

– في السنوات الماضية الأخيرة أغلقت شرطة الاحتلال أبواب سور القدس بشكل تعسفي بعد كل عملية إطلاق نار أو طعن، كما أغلقتها بشكل كامل خلال “يوم الاستقلال الإسرائيلي” في مايو/أيار الماضي.

– اقتحم نواب في الكنيست الإسرائيلي المسجد الأقصى مرارا بحماية شرطة وقوات الاحتلال، كما اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد 4 مرات منذ توليه منصبه، وأعلن السيادة الكاملة لدولته داخله، كما صرّح خلال اقتحامه في 25 يناير/كانون الثاني الماضي متحديا “مع كامل احترامي للأردن لقد فعلت ذلك، وسأواصل الصعود إلى جبل الهيكل، إسرائيل مستقلة وليس عليها وصاية من دولة أخرى”.

– أمنت شرطة الاحتلال اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك والعشر الأواخر كما حدث عام 2022، وذلك بسبب تقاطع بعض المناسبات الدينية اليهودية مع الشهر الفضيل، كما أمنت اقتحام المسجد خلال عيد الأضحى المبارك عام 2019.

– منذ السابع من أكتوبر، تعمدت عناصر في جيش الاحتلال اقتحام المسجد بزيّها العسكري الرسمي وأداء الصلوات العلنية داخله والدعاء للأسرى والقتلى على مرأى من شرطة الاحتلال، تزامنا مع منع حراس الأقصى من مرافقة المجموعة المقتحمة أو الاقتراب منها لرصد انتهاكاتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version