كابل- بعد 3 سنوات من تجنب مجالها الجوي، استأنفت بعض شركات الطيران العالمية العبور من خلال الأجواء الأفغانية، سعيا منها لتقليل المخاطر، حيث تعتقد أن التحليق فوق أفغانستان هو الخيار الأكثر أمانا في ظل التوترات الحالية بين إيران وإسرائيل، رغم غياب خدمات مراقبة الحركة الجوية على الأرض.
وتُظهر بيانات مراقبة الرحلات الجوية استئناف رحلات تابعة لشركة “لوفتهانزا” وكل من الخطوط الجوية السنغافورية والبريطانية والتركية فوق الأجواء الأفغانية، بعد إغلاق المجال الجوي الروسي نتيجة الحرب في أوكرانيا، وبعد تزايد التوترات في الشرق الأوسط، خصوصا بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وازدياد مخاوف التصعيد الكبير بالمنطقة.
مكاسب حكومية
في السنوات الأخيرة للحكومة السابقة، كانت تمر عبر أفغانستان حوالي 400 طائرة يوميا، وتتقاضى 700 دولار عن كل طائرة، وبعد انسحاب القوات الأميركية عام 2021 واستعادة حركة طالبان السيطرة على البلاد، غيّرت معظم شركات الطيران الدولية مساراتها، وأوقفت رحلاتها إلى أفغانستان.
يقول المتحدث باسم وزارة الطيران الأفغانية إمام الدين أحمدي، للجزيرة نت، إن “معظم الشركات الأجنبية عادت إلى استخدام أجوائنا لأنها أكثر أمنا، حيث لا يوجد في الأراضي الأفغانية ما يهدد سلامة الطيران”، ووضح أن 260 طائرة تمر فوق أفغانستان يوميا، متوقعا أن يزيد هذا العدد قريبا.
وقال أحمدي إن الحكومة تتقاضى 750 دولارا أميركيا عن كل طائرة بدل عبورها من أفغانستان، “وحصّلنا أكثر من 8.4 ملايين دولار من المرور الجوي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة”.
وبحسب إحصائيات رسمية، فقد عبرت المجال الجوي الأفغاني عام 2023 أكثر من 30 ألف رحلة جوية، ووصل عدد الطائرات التي تستخدم الأجواء الأفغانية قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان إلى 95 ألف طائرة، وكانت الحكومة الأفغانية السابقة تتقاضى عن كل طيارة 950 دولارا كرسوم للعبور من الأجواء الأفغانية.
ورغم أن أفغانستان تحصّل سنويا على ما قيمته 15 إلى 21 مليون دولار أميركي كرسوم عبور للطائرات، يتم جمعها من خلال الغرفة المالية للاتحاد الدولي للنقل الجوي وتحويلها إلى البنك المركزي في أفغانستان، فإنه بسبب العقوبات الأميركية والدولية على أفغانستان لم تحوّل هذه الأموال منذ 3 سنوات.
فضاء آمن
يقول مصدر حكومي للجزيرة نت -فضل عدم ذكر اسمه- إن “الأجواء الأفغانية آمنة وبإمكان الطائرات العبور منها، لكننا لا نملك الوسائل الكافية لتقديم الخدمات اللازمة لها”، وأضاف أن وجود طائرات أميركية دون طيار في الأجواء الأفغانية يزيد اطمئنان شركات الطيران.
ورغم غياب خدمات مراقبة الحركة الجوية على الأرض، يقول خبير الطيران الأفغاني أسد كريمي، للجزيرة نت، إن قرار عدم استخدام الأجواء الأفغانية “لم يكن قرارا أمنيا بل سياسيا للضغط على حركة طالبان”.
ويوضح كريمي أن “هذه الشركات وغيرها تعرف أن حركة طالبان تسيطر على كامل التراب الأفغاني، ولا يوجد من يهدد سلامة الطيران، وأن الحركة نفسها لا تملك أسلحة مضادة للطائرات”، كما أن أفغانستان تقع على الطرق الرئيسية بين آسيا وأوروبا وتختصر المسافات بينهما.
الأجواء الأفغانية
وتملك أفغانستان 27 مطارا، منها 5 دولية، وأهمها مطارات كابل وقندهار وهرات ومزار شريف، وتستقبل يوميا نحو 30 رحلة أجنبية، وأفادت منظمة “فلايت رادار 24” أنه في الأسبوع الثاني من شهر أغسطس/آب، زادت الرحلات الجوية في المجال الجوي الأفغاني 7 مرات، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويقول المتحدث باسم وزارة الطيران الأفغانية للجزيرة نت “حددنا -مثل بقية البلدان- الارتفاع المناسب للطائرات التي تعبر الأجواء الأفغانية من 35 ألف قدم إلى 50 ألفا، وطلبنا من الشركات الأجنبية التي تدير المطارات الأفغانية أن توفر الوسائل اللازمة لتوجيه الطائرات في الجو”.
كما اعتبر المتحدث أن إعلان إدارة الطيران الفدرالية الأميركية تحليق طائراتها على ارتفاع منخفض في “ممر واخان”، الذي يُستَخدم للعبور من طاجيكستان إلى باكستان، “دليل على تأمين الأجواء الأفغانية”.
وأضاف أن شركات الطيران العالمية عادت للتحليق في الأجواء الأفغانية، لكنها لا تهبط في مطاراتها، بسبب عدم ضمان سلامة الطاقم أو الركاب إذا اضطرت أي طائرة للهبوط فيها.
ويقول الطيار الأفغاني جمشيد فايز، للجزيرة نت، إن “الحكومة الحالية تهتم بوضع المطارات، وفي ظل غياب مراقبة الحركة الجوية، فإن الطيارين الذين يعبرون الأجواء الأفغانية يتحدثون إلى الطائرات القريبة منهم عبر أجهزة اللاسلكي، وفقا للوائح وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة وهيئة الطيران الأفغانية”.