أبدت الصحافة الفرنسية اهتماما كبيرا بالانتخابات الهندية، واتفقت 3 منها على أن الفوز الذي أحرزه الحزب القومي الهندوسي بهاراتيا جاناتا برئاسة رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي كان مخيبا لآماله ويشكل انتكاسة نسبية تؤكد التحديات التي ستواجهها الحكومة المقبلة.
وجاءت عناوين الصحف متقاربة، حيث عبرت لاكروا عن “نصر غير سعيد”، وليبراسيون عن “فوز بطعم الخسارة”، في حين اختارت لوفيغارو عنوان “النصر الذي خيب آمال ناريندرا مودي”، في إشارة إلى الأغلبية البرلمانية المنخفضة التي أحرزها تحالفه.
وقالت لاكروا إن الزعيم الهندي لم يحدث موجة المد الانتخابي التي توقعها، مع أنه أوشك أن يحقق إنجاز الفوز بولاية ثالثة متتالية، كما أن شعار حزبه القومي الهندوسي الذي حصل على نتائج متواضعة نسبيا بدأ يفقد رونقه في أكبر انتخابات تنظم على كوكب الأرض.
ونبهت ليبراسيون إلى أن حزب ناريندرا مودي جاء في المركز الأول، لكنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة التي تمتع بها 10 سنوات، وسيتعين عليه الاعتماد على أحزاب إقليمية عدة للحكم، مما يشكل انتكاسة نسبية تنذر -حسب لوفيغارو- بالتحديات التي ستواجهها الحكومة المقبلة.
نغمات معادية للإسلام
ومع أن حزب بهاراتيا جاناتا بذل قصارى جهده لتحفيز الناخبين الهندوس في شمال البلاد فإن القوميين الهندوس بدؤوا في التراجع بمعقلهم الناطق باللغة الهندية في شمال الهند رغم الاستفادة من بناء معبد رام الذي طال انتظاره في هذه المنطقة.
وقد افتتح رئيس الوزراء هذا المعبد للتأكيد على الموضوع الديني، وقاد حملة ذات إيحاءات معادية للإسلام، وسعى إلى تخويف قاعدته الانتخابية، مدعيا أن فوز المعارضة يعني سرقة الذهب الهندوسي من قبل “المتسللين” و”أولئك الذين لديهم العديد من الأطفال”، مستخدما مصطلحات غالبا ما يستخدمها حزبه للإشارة إلى الأقلية المسلمة.
واستمر حزب مودي على المنوال نفسه، فبث رسوما كاريكاتيرية مقززة -حسب تعبير ليبراسيون- على الشبكات أظهرت زعيم حزب المؤتمر راهول غاندي وهو يتآمر مع المسلمين لسحب كل المزايا الاجتماعية من الطبقات الدنيا من الهندوس عن طريق رميها في البحر.
المعارضة تنشط من جديد
ورغم أن طموح حزب بهاراتيا جاناتا وائتلافه كان الوصول إلى 400 مقعد من أصل 543 في مجلس النواب من أجل فرض الإصلاحات الدستورية بسهولة فإنه فشل في ذلك، ويقول باحث العلوم السياسية جيل فيرنييه لصحيفة ليبراسيون “إنه تنصل حقيقي من ناريندرا مودي لأن الحملة بأكملها أجريت باسمه، وبالتالي عليه أن يتحمل مسؤولية هذا الأداء الضعيف”.
ورأت لاكروا أن رياح التغيير اللطيفة تهب فوق الهند، مشيرة إلى أن المعارضة رغم هزيمتها فإنها تشعر بتجدد نشاطها، إذ بدت محتفلة بمقر حزب المؤتمر بقيادة راهول غاندي، حيث صفق أنصاره عند إعلان النتائج، وقال رئيس حزب المؤتمر ماليكارجون كارجي “هذا ليس انتصارنا فحسب، بل انتصار الشعب، هذا يوم عظيم للديمقراطية”.
فيرنييه: هذه النتيجة تنصل حقيقي من ناريندرا مودي لأن الحملة بأكملها أجريت باسمه، وبالتالي عليه أن يتحمل مسؤولية هذا الأداء الضعيف
وقالت لوفيغارو إن التحالف الهندي -الذي يضم أكثر من 230 برلمانيا، والذي يتألف من حزب المؤتمر ومجموعات إقليمية عدة- يشكل المفاجأة الكبرى لهذه الانتخابات التشريعية، حيث فاز الكونغرس بنحو 100 دائرة انتخابية، أي ضعف ما كان عليه الحال قبل 5 سنوات.
وبحسب المراقبين، أدار العديد من الناخبين ظهورهم للاستقطاب الديني لصالح القلق بشأن قضايا تتعلق بحياتهم اليومية، لتمثل هذه الانتخابات العودة إلى القضايا الأكثر تقليدية -حسب لاكروا- وتسلط الضوء على التفاوت الناتج عن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة.
وخلصت لوفيغارو إلى أن الحكم الصادر أمس الثلاثاء عن الانتخابات أظهر أن جزءا من السكان يطالبون بشيء آخر غير ما تتبجح به حكومة حزب بهاراتيا جاناتا في حملتها، فالناخب يريد وظائف مستقرة ونموا اقتصاديا موزعا بشكل أفضل بين المدن والريف وبين الطبقات العليا والطبقات العاملة.