وجدد هذا الحادث المخاوف من عمليات الزج بالمدنيين في الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام.

فما الذي حدث بحسب رواية الطرفين؟ وما هي “المقاومة الشعبية” المثيرة للجدل والمخاوف في السودان؟

ماذا حدث؟

دارت صباح الأربعاء اشتباكات عنيفة في منطقة ود النورة بين قوات الدعم السريع وما قالت إنهم “أفراد مسلحون من المقاومة الشعبية التي تقاتل إلى جانب الجيش”.

ووفقا للدعم السريع، فإن قواته هاجمت 3 معسكرات بمحيط المنطقة، تضم قوات من الجيش ومجموعات من أفراد المقاومة الشعبية، واشتبكت معهم واستولت على عربات عسكرية وأسلحة، مشيرة إلى سقوط عسكريين في صفوفها.

وقال شهود عيان إن قوة من الدعم السريع وصلت في ساعات الصباح الأولى إلى تخوم القرية، وأعقب ذلك تبادل لإطلاق النار نجم عنه عدد من الوفيات، ثم تدخل سلاح الطيران الذي أدت غاراته المكثفة لانسحاب قوات الدعم السريع، قبل أن تعود مرة أخرى إلى مناطق تمركزاتها في المنطقة، وسط محاولات من المجموعات المسلحة لصدها، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة سقط على إثرها العشرات، وفرضت قوات الدعم السريع سيطرتها بالكامل على المنطقة.

ويتهم الجيش قوات الدعم السريع بقتل عشرات المدنيين في ود النورة، بينما تعهد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بـ”ملاحقة الميليشيات”.

اتهامات ودعوة للتعقل

تضاربت روايات أطراف الحرب بشكل كبير، ففي حين اعتبرت الحكومة السودانية في بيان صادر عن مجلس السيادة أن قوات الدعم السريع ارتكبت “جريمة” في حق المدنيين العزل في المنطقة، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بإدانة واستنكار ما حدث، أكدت قوات الدعم السريع أن من هاجمتهم هم مسلحون منخرطون في المقاومة الشعبية، مشيرة إلى أن أي مسلح يشكل هدفا “مشروعا” لها.

وكانت المقاومة الشعبية بولاية الجزيرة قد نشرت في الحادي عشر من فبراير خبرا على صفحتها في “فيسبوك”، أعلنت فيه جاهزية “المستنفرين” في منطقة ود النورة لدعم الجيش.

وفي بيان أصدرته الخميس، دعت المقاومة الشعبية إلى مزيد من التدريب وإعداد القوة لمواجهة قوات الدعم السريع، وقالت إنها تثق في القوات المسلحة وتدعوها إلى بذل ما في وسعها لمقاومة الانتهاكات.

وأضاف البيان: “ما حدث بقرية ود النورة هو تأكيد عملي على ضرورة تقوية وتمتين المقاومة الشعبية المسلحة، وانتظام الناس وحشد الطاقات وتوجيهها”.

لكن لجان مقاومة قرى الجزيرة والمناقل، التي تقع فيها المنطقة التي شهدت أحداث الأربعاء، اتهمت عناصر نظام الإخوان بالتسبب في سقوط العدد الكبير من القتلى.

وأوضحت في بيان: “استمرارا لمخططات فلول النظام السابق وكتائب البراء والمجموعات الإرهابية التي اختطفت قرار الجيش، وظلت تعمل على الفتنة وتأجيج الصراع والحرب الأهلية عبر تجييش بعض المنتسبين لتنظيم الإخوان، يدفع الشعب السوداني أثمانا باهظة وخسائر في الأرواح والأموال والممتلكات”.

ودعت أطراف سياسية طرفي القتال للتعقل ووقف الحرب والابتعاد عن الزج بالمدنيين فيها.

جدل التحشيد

تدور اتهامات كبيرة لعناصر النظام السابق بمحاولة الزج بالمدنيين في الحرب الحالية من خلال المضي في عمليات التحشيد الشعبي.

وفي أبريل، أظهر مقطع فيديو مجموعة من قيادات تنظيم الإخوان في نفس المنطقة التي وقعت فيها أحداث الأربعاء وهي تعلن التنسيق مع أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، لزيادة جهود عمليات الاستنفار الشعبي، التي يرى مراقبون أنها تهدف إلى تحقيق رغبة تنظيم الإخوان في توسيع رقعة الحرب وإطالة أمدها، وبالتالي الزج بالمزيد من المدنيين فيها.

وقال الأكاديمي والمحلل السياسي الأمين مختار لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ظن عناصر تنظيم الإخوان أن الحرب يمكن أن تحقق لهم مكاسب سياسية، فلجأت إلى عمليات التحشيد الشعبي التي تسببت في قتل المواطن الأعزل. ليست لديهم استراتجية لا للحسم العسكري ولا لتحقيق السلام”.

وانتقد مختار من يطالبون باستمرار الحرب، وقال إنهم يتسببون في قتل المواطن سواء عبر الطيران أو هجمات الدعم السريع أو بشكل غير مباشر عبر تداعيات الحرب وآثارها.

وشدد على أن “الحل الوحيد لوقف نزيف الدم الحالي يكمن في العودة إلى طاولة التفاوض”، موضحا: “الحرب أدت إلى دمار ونهب وخراب للممتلكات العامة والخاصة، وتسببت في قتل المدنيين، ولم تعد هنالك أسباب مقنعة لاستمرارها”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version