إذا كانت الأنظمة الاستبدادية لا تكترث بالنزعة الإنسانية والعالمية التي تشكل أساس القانون الدولي فإن الديمقراطيات الغربية هي الأخرى تساهم في تشويه سمعته.

ومن الرئيس الأميركي جو بايدن إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مرورا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تبرز المعايير المزدوجة من عدم اتساق الخطاب الغربي، خاصة في ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي ازدواجية تساهم في تقويض مصداقية موقف هذه البلدان الأخلاقي وإضعاف ثقلها الدولي.

بهذه المقدمة، لخصت مجلة لوبس مقالا لأستاذ القانون العام بليغ نابلي قال فيه إنه في غياب “حكومة عالمية” يوجد قانون دولي يعطي مضمونا لشكل من أشكال الوعي العالمي، وهناك مبادئ وقواعد يجب احترامها حتى في أوقات الحرب، ويلقي الانتهاك الواضح لهذه الاعتبارات الأولية مسؤولية على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعلى إسرائيل والأفراد السياسيين والعسكريين من مرتكبي الجرائم الدولية، ويقدم الكاتب هجوم حماس على إسرائيل على أنه سلسلة من الأعمال التي قد تشكل جرائم حرب.

لكنه يرى كذلك أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استسلمت لروح الانتقام التي تخرج عن القواعد الأساسية للقانون الإنساني الدولي، مما يعني أن الرد العسكري الإسرائيلي تجاوز الإطار المحدد لحق “الدفاع عن النفس”، بل إنه تجاوز كل الحدود بارتكاب الحصار الشامل الذي يحرم المدنيين من الخدمات والسلع الأساسية للبقاء على قيد الحياة، والقصف الهائل وغير المتناسب والعشوائي، وتدمير المباني المدنية والصحية، و”النقل القسري” لما يقارب 1.5 مليون مدني واستهداف وقتل عشرات الصحفيين، وكل هذه القضايا تشكل جرائم حرب دولية.

وإذا سلمنا بإدانة هجوم حماس -يقول الكاتب- فإن علينا كذلك أن ندرك أن الدعم غير المشروط لإسرائيل وغياب إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها يتناقضان مع التمسك الغربي باحترام القانون الدولي وعالمية حقوق الإنسان، وهذا هو أساس موقف الولايات المتحدة والأوروبيين في إدانتهم القاطعة للجرائم الروسية ضد أوكرانيا وسكانها، لكن يتم تطبيق معايير مزدوجة على الدول والبشر بإعفاء الغربيين أنفسهم من القانون الدولي وكأن “حياة البشر ليست متساوية”، على حد تعبيره.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version