قالت صحيفة لوتان إن الحملة الانتخابية الأوروبية الحالية هيمنت عليها 3 مواضيع، الهجرة والقدرة الشرائية والحرب في أوكرانيا، مما يدل على أن تأثير موسكو على مستقبل أوروبا أصبح فجأة مركزيا، وربما بشكل مبالغ فيه.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم فريدريك كولر- أن السياسة الأوروبية أصبحت رهينة لروسيا مع التهديد بالحرب التي تلوح في الأفق، وتساءلت هل ينبغي لنا أن نقارن الوضع الحالي بالوضع عشية الحرب العالمية الأولى أم الثانية؟ وماذا لو لم تكن أي من هاتين المقارنتين واردة؟

وبالعودة إلى التاريخ -كما تقول الصحيفة- لدينا سابقتان تغذيان المناقشة التي تقسم أوروبا، فهل نحن أمام وضع شبيه بالوضع عام 1914، عندما دخلت الإمبراطوريات بسعادة في مذبحة استمرت 4 سنوات، أم نحن في وضع شبيه بالوضع عام 1938، عندما فكرت أوروبا في استرضاء الزعيم النازي أدولف هتلر في حين أنها لم تفعل سوى إثارة شهواته الإقليمية؟

قصتان تتصادمان

ويعود مؤيدو عام 1914 إلى كتاب كريستوفر كلارك، وهو مؤرخ من كامبردج نشر كتاب “السائرون أثناء النوم” في عام 2013، وتسعى أطروحته بكل بساطة، إلى إثبات أن الحرب العالمية الأولى لم تكن حتمية، وأن اغتيال الدوق فرانز فرديناند في سراييفو عام 1914 ما كان ليؤدي حتما إلى مثل هذا الحريق الهائل، لولا أن الإمبراطوريات سمحت لنفسها بالانجرار إلى الصراع دون أن تتمكن من الاستيقاظ في الوقت المناسب.

وذكرت الصحيفة أنه لا أحد اليوم مثل الأمس، يريد الحرب، ولكن تصاعد التوترات بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا قد يقودنا دون علمنا تقريبا، نحو المزيد من التدمير الذاتي.

أما مؤيدو عام 1938، فيرون أن الحالة الآن تشبه اتفاقية ميونخ التي صادقت على ضم ألمانيا النازية لجزء من تشيكوسلوفاكيا، حيث استسلمت أوروبا لخدعة الدكتاتور خوفا من الحرب، بدل إيقافه عندما كان أضعف، وكانت النتيجة حربا عالمية ثانية أكثر قابلية للتنبؤ بها.

بوتين حذر من جر روسيا إلى حرب عالمية ثالثة (رويترز)

والخلاصة -كما ترى الصحيفة- هي أن توازن القوى وحده هو القادر على ثَني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مواصلة سياسته الإمبريالية الجديدة التي كانت أوكرانيا ضحيتها الأولى.

ويحظى منظور سراييفو بدعم كبير من أمثال المستشار الألماني أولاف شولتز على اليسار، وأمثال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي على اليمين -حسب الصحيفة- ويؤيده اليمين الأوروبي المتطرف الذي ينتقد “أوروبا النخب” التي تجند “الشعوب” في حرب ليست حربها.

أما منظور ميونخ فيؤيده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء البلطيق الذين يرون أن من واجب أوروبا دعم أوكرانيا وإعادة تسليحها لمنع نشوب حرب جديدة في القارة.

ويختم الكاتب برأي عالم السياسة البولندي ياروسلاف كويز الذي يرى “أننا في عام 2024 قد لا نكون في سراييفو ولا في ميونخ”، مؤكدا أن روسيا تشن حربا “هجينة” على الاتحاد الأوروبي وقيمه الأساسية، من خلال الاتصالات والتضليل والتجسس، لإثارة الخلاف والانقسام.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version