يرى محللون أن الولايات المتحدة تحاول الإمساك بأكثر من عصا من المنتصف بحيث تواصل توجيه ضربات للفصائل التي تهاجم قواتها بالمنطقة من جهة وتمنع اتساع رقعة الحرب من جهة أخرى، مؤكدين صفقة التبادل المرتقبة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل ستكون مفصلية بالنسبة للمنطقة كلها.

وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد حذر من أن منطقة الشرق الأوسط تعيش حالة غليان وأنها قد تنفجر في أي لحظة، مؤكدا صعوبة توقع ما يمكن أن يحدث لو لم تتوقف الحرب في قطاع غزة.

ووجهت الولايات المتحدة ضربات إلى مليشيات متحالفة مع إيران في سوريا والعراق، وقالت إنها ستواصل هذه العملية ردا على استهداف قواتها على الحدود السورية الأردنية قبل أسبوع.

ويرى الباحث بمركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي أن هذه الضربات تأتي في إطار الرسائل الخشنة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تريد طهران أن تكون حاضرة في المفاوضات الجارية لوضع نهايات الحرب في غزة بينما ترفض واشنطن هذا الأمر.

تسوية شاملة أو حرب شاملة

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال مكي إن الولايات المتحدة ليست معنية بقطع رأس الفصائل المتحالفة مع إيران وإنما بتصفية المقاومة الفلسطينية كجزء من أي صفقة لإنهاء الحرب، وإن لم تعلن هذا صراحة.

ومن هنا، فإن الاختبار الحقيقي حاليا -برأي مكي- يتعلق بمدى قبول الإيرانيين إبعادهم عن الترتيبات الجارية حاليا بشأن غزة، والتي ستنتهي إلى تسوية شاملة أو إلى حرب شاملة.

الرأي نفسه ذهب إليه الخبير في الشؤون الأميركية والعلاقات الدولية خالد الترعاني بقوله إن واشنطن وطهران حريصتان على عدم توسيع رقعة الحرب، لكنه يؤكد أن الولايات المتحدة عموما لم ترتق إلى مستوى التسونامي الذي أحدثته عملية طوفان الأقصى بالمنطقة.

فبدلا من أن تتحرك أميركا دبلوماسيا للتعامل مع حقيقة أن أسرائيل فقدت تأييدا دوليا كبيرا لصالح الفلسطينيين، فإنها ما تزال تحصر المفاوضات كلها في مسألة استعادة المحتجزين الإسرائيليين، وفق الترعاني.

ويرى الترعاني أن إسرائيل لم تعد تقاتل ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإنما “تخوض حربا عالمية دفاعا عن سرديتها وشرعية وجودها”.

ومع ذلك، فإن إدارة جو بايدن -كما يقول الترعاني- “ما تزال ترفض وقف القتال أو الاعتراف بسقوط شهداء مدنيين في غزة وتحصر كل جهودها في قضية الأسرى بحثا عن إنجاز قصير الأمد”.

لذلك، فإن الكلمة الأخيرة في الصفقة المحتملة ستكون لطرفي الصراع، كما يقول مكي، الذي أكد أن دول المنطقة كلها تحاول منع تمدد المواجهة.

إسرائيل تريد تدمير المنطقة

ويرى مكي أن إسرائيل مستفيدة من أي مواجهة أميركية مع أي طرف يدعم المقاومة الفلسطينية لأنها تريد توريط الولايات المتحدة والغرب في حرب أوسع بالمنطقة للتغطية على هزيمتها في غزة من جهة، ولتدمير دول المنطقة كلها بينما هي واقفة على قدميها من جهة أخرى”.

وبناء على ذلك، فإن الفترة المقبلة ربما تشهد تصعيدا مع حزب الله اللبناني، كما يقول مكي، مؤكدا أن الهروب للأمام “هو أحد الحلول أمام حكومة بنيامين نتنياهو للتغطية على فشلها في غزة”.

ويستبعد الترعاني حدوث تصعيد مع حزب الله لأن الأخير يمتلك صورايخ أكثر دقة وتقدما من تلك التي تمتلكها حماس وبالتالي سيضرب العمق الإستراتيجي لإسرائيل وهو ما يهدد اقتصادها المتداعي بمزيد من الانهيار، فضلا عن أن لبنان نفسه قد ينهار تماما بتورطه في حرب كبيرة، حسب قوله.

لذلك لا يعتقد الترعاني أن أميركا أو إسرائيل تريدان توسيع الحرب في لبنان وإن كانتا تريدان حرف الانتباه عن جرائم الإبادة التي ترتكب في غزة.

وبالنظر إلى كل هذه التعقيدات، يرى مكي أن الصفقة التي يتم العمل عليها حاليا “بحاجة لعملية جراحية ضخمة لأن إسرائيل بوضعها الحالي لن توافق أبدا على شروط حماس، وبالتالي يجب أن تضغط واشنطن على حكومة نتنياهو اليمينية للقبول بجزء من هذه الشروط المشروعة كلها”.

وخلص مكي إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد يضغط على إسرائيل. في بعض الأمور خلال زيارته المرتقبة، لكن الأكيد -برأيه- أن واشنطن “لا تريد نهاية للحرب قبل تحديد قوة حماس على الأقل، مما يعني أن الأمر ليس متعلقا كله بإسرائيل”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version