هناك فرضية في الخيال العلمي تقول لو لم يكن القمر موجودا، فهل ستظهر البشرية على الأرض؟ وكيف سيكون شكل الحياة عليها؟ أم لعل الأرض لن تكون صالحة لأي نوع من الحياة.
فلا شك بأن للقمر أهمية بالغة في الحياة على كوكب الأرض، فهو مصدر استقرار لها، بل هو ذراعها الذي يحفظ لها سرعة دورانها، وعليه يتغنون، وتحت ضيائه يسافرون، ومن أطواره يعرفون التاريخ والتوقيت.
وقبل الإجابة عن كل تلك الأسئلة، لا بد من أن نعرف من أين نشأ القمر أولا، وإلى أين يسير، وما هو مصيره بعد ذلك؟
اصطدام الأرض العملاق.. ميلاد القمر
طبقا لنظرية الاصطدام العملاق (Giant Impact)، يرى العلماء -بحسب المحاكاة الحاسوبية- أن كوكبا بقُطر كوكب المريخ (نصف قطر الكرة الأرضية وعُشر كتلتها) قد اصطدم بالأرض بُعيد نشأتها بمدة تتراوح ما بين 20-100 مليون سنة، ويسمى هذا الكوكب “ثي يا” (Theia)، وهي والدة سيلين آلهة القمر الإغريقية.
أدى هذا الاصطدام لانفصال جزء سطحي من الأرض، وتطايره إلى مدار ممتد حولها أبعد من منطقة ما يعرف بـ”حدّ روش” (وهي المسافة التي تمنع فيها جاذبية الكوكب من تجمع الأجرام الصغيرة المتفرقة حوله على شكل كتلة واحدة، بسبب قوة جاذبية الكوكب)، ليتكون القمر بعد أن تجمعت أشلاؤه وبردت والتحمت معا على شكل كرة واحدة.
وقد دللت رحلات أبولّو إلى القمر (1969-1972) على صحة هذه النظرية، بعد كشفها عن تشابه بعض النظائر المكوِّنة لصخور القمر بتلك المكونة لقشرة الأرض، كنظائر الأكسجين على وجه الخصوص، وعن أن كثافة صخور القمر التي جمع منها قرابة 450 كيلوغراما تشابهت مع كثافة قشرة الأرض (3.5 غرامات لكل سنتيمتر مكعب)، لا مع متوسط كثافة مادة الكرة الأرضية (5.5 غرامات لكل سنتيمتر مكعب).
دفع ذلك العلماء للميل إلى أن هذا الاصطدام قد حدث بشكل جانبي مع الأرض، فاقتطع جزءا منها بعد أن انصهرت مادة الكوكب “ثي يا” تماما إثر هذا الاصطدام، وهو ما يفسر عدم وجود أثر لفوّهة صدمية (حفرة ناتجة عن اصطدام عنيف بأجسام خارجية كالنيازك) تسجل تلك الحادثة، لا سيما أن الأرض يومئذ كانت كتلة ملتهبة من الحمم البركانية شبه السائلة، وأن درجة حرارة الاصطدام بلغت أكثر من 10 آلاف درجة، أي أنها كانت أشد حرارة من سطح الشمس، مما جعلها تتوهج بلون أبيض في تلك اللحظات.
الحقبة الجهنمية.. أيام الأرض الأولى
يطلق على الحقبة الأولى لنشأة الأرض “الحقبة الجهنمية” (Hadean Eon)، لأن لون الأرض كان أحمر بسبب درجة حرارتها المرتفعة. ومع أن النظرية تفترض بأن الأرض الملتهبة قد نشأت بعد ذلك الاصطدام، فإن ثمة مشاهدات لمواد موجودة على الأرض تناقض ذلك، بل تنفي وجود هذه المحيطات البركانية.
وحديثا (قبل عقدين من الزمان)، خلص أكثر نتائج دراسات الفوهات الصدمية على سطح الأرض، إلى أن اصطدام جسم كبير (بقطر عدة مئات من الأمتار أو أكبر) بالأرض، سيخلّف انفجارا مدويا يطيح بمادته كاملة، ويفنيها تماما على شكل طاقة وغبار وأتربة، يتطاير معظمها في الغلاف الجوي.
وربما يتسبب أيضا بتشظي أجزاء من الأرض وانفلاتها إلى الفضاء، كما حصل مع النيازك المريخية التي يُعثر عليها أحيانا على سطح الأرض، فهي تنشأ بسبب مثل تلك الأحداث الصدمية.
فرضيات الاقتطاع والأسر والتكديس.. نظريات تحت المجهر
تعد نظرية الاصطدام العملاق آنفة الذكر أحدث وأقوى الفرضيات التي تفسر نشأة القمر، لكنها تلت فرضيات أخرى تحدثت عن إمكانية نشوء القمر بطرق أخرى مختلفة.
ومن أول تلك الفرضيات فرضية الاقتطاع التي تفترض بأن الأرض انفلت منها جزء إلى الفضاء، بسبب سرعة دورانها الأولية حول نفسها، وأن قاع المحيط الهادئ يمثل ذلك الجزء، ومنه تشكل القمر الذي يدور حولنا. لكن اكتُشف جيولوجيا بأن عمر هذا القاع لا يزيد على 200 مليون سنة، في حين أن عمر القمر يزيد على 4.5 مليارات سنة.
وأما الفرضية الثانية فهي فرضية الأسْر، وقد ظلت أقوى النظريات حتى ثمانينيات القرن الماضي، وتفترض بأن الأرض قد أسَرت القمر عندما اقترب منها في بدايات عمر المجموعة الشمسية، فأجبرته على الدوران حولها.
والمعروف بأن اقتراب جرم بهذا الحجم من الكوكب ربما كان سببا في تدميره، إلا أن يكون لهذا الكوكب غلاف جوي سميك جدا، وممتد لمسافة بعيدة جدا، يعمل على إبطاء حركة الجرم السماوي، ويجبره على اتخاذ مدار حول الكوكب، وهي فرضية جيدة، لكنها لا تفسر التماثل بين نظير الأكسجين في الأرض والقمر.
وثمة فرضية ثالثة تتحدث عن نشوء القمر من نفس الغيمة السديمية التي نشأت منها الأرض، وفي نفس الحقبة الزمنية، وتدعى فرضية التكديس، لكنها لا تفسر مبدأ حفظ الزخم الدوراني بين الأرض والقمر من جهة، ولا تفسر الاختلاف في نسبة الحديد الموجودة في باطن القمر والأرض، وعدم تساويهما من جهة أخرى، لا سيما أنها تفترض أن نشأتهما كانت في الحقبة الزمنية نفسها.
تشيكسولوب.. يوم انقرضت الديناصورات
يتسبب ارتطام النيازك أو المذنبات أو الكويكبات بالأرض بأضرار، تقدر بحسب حجم الجرم الساقط أولا، ثم بحسب موقع سقوطه على اليابسة أو في البحر، فنيزك بقطر كيلومتر واحد كفيل بأن يدمر بلدا كاملا يبلغ مساحة ربع أوروبا أو يزيد، لكن إن وقع في البحر فإنه سيُغرق كل المدن الساحلية التي تجاور موقع سقوطه، بسبب موجات تسونامي المتتابعة التي سيخلفها سقوط هذا النيزك أو المذنب أو الكويكب.
وأما إن بلغ قُطر هذا الجِرم عشرة كيلومترات فأكثر، فإنه لن يدمر قارة واحدة فقط، بل سينهي الحياة فورا على معظم الأرض أو جميعها، لأنه سيغرقها تماما لو وقع في البحر، أو سيلفها بطبقة غبارية كثيفة تحجب عنها أشعة الشمس شهورا وربما سنوات، مما سيتسبب بتجمدها وموت أكثر الكائنات الحية عليها.
فقد تسبب الكويكب “تشيكسولوب” (Chicxulub) الذي سقط فوق شبه جزيرة يوكاتان بجنوب المكسيك قبل نحو 66 مليون سنة (أي في العصر الطباشيري)، إلى إحداث أكبر موجات تسونامي في تاريخ الأرض. وإثر سقوط الكويكب انتشرت فوق سطح الأرض سحابة عظيمة من الغبار وبخار الماء والرماد الساخن المتولد من فوهة البركان الموجود في الموقع في أقل من ثانية واحدة، ثم تناثرت الحجارة والصخور خارج الغلاف الجوي من جراء هذا الانفجار، فبلغت من شدة الحرارة درجة التوهج لدى عودتها إلى الأرض، بسبب احتكاكها الشديد بالغلاف الجوي السميك، فأحرقت الأرض وأشعلت الحرائق في الغابات.
وفي الوقت نفسه، أدى الارتطام إلى حدوث موجات صدمية ضخمة، كان لها أثر كبير في إحداث زلازل وثورانات بركانية في أنحاء مختلفة من الأرض. وبسبب ذلك ماتت الديناصورات، بل انقرض نسلها تماما، وقُضي على أكثر من 750 ألف نوع من الكائنات الحية الأخرى التي استوطنت الأرض قبل وجود الإنسان، وقد خلّف الارتطام حفرة نيزكية يقدّر قطرها بـ180 كيلومترا، لا تزال آثارها باقية تحت مياه خليج المكسيك حتى اليوم.
حجارة السجّيل.. تاريخ من الاصطدامات على الكوكب
إن كوكب الأرض -شأنه شأن بقية كواكب وأقمار المجموعة الشمسية- معرّض لخطر اصطدام النيازك والأجرام الهائمة به في أي لحظة، وقد سجلت لنا كتب التاريخ وكتب العهد القديم ومن بعدها القرآن الكريم أن الله عذّب قوم سيدنا لوط عليه السلام بحجارة من السماء، ففي القرآن الكريم ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾ (سورة الحجر، آية 74).
وقد شهدت الكرة الأرضية في عصورها المختلفة كثيرا من هذه الضربات النيزكية، تعد أشهر آثارها فوهة أريزونا النيزكية البالغ قطرها 1200 متر وعمقها 170 مترا، ويعود تاريخها إلى 50 ألف سنة مضت.
كوكب الجليد والماء.. رُب ضارة نافعة
ربما يكون لكوكب “ثي يا” الذي اصطدم بالأرض فضل في إحضار بعض الماء معه، وذلك وفقا لدراسة أقيمت في جامعة بيرن بألمانيا عام 2012، خلصت إلى أن نصف كتلة هذا الكوكب كانت من جليد الماء، وأن الكوكب حين اصطدم بالأرض أنزل عليها كامل حمولته من الماء، وربما أصبحت جزءا من الغلاف الجوي فيما بعد.
ولهذه النظرية ما يدعمها، فأكثر العلماء يؤيدون فرضية أن الماء جاء إلى الأرض من المذنبات التي اصطدمت بها في بدايات نشوء المجموعة الشمسية، باعتبار أن جليد الماء وجليد ثاني أكسيد الكربون مكوّنان من مكونات المذنبات والأتربة والصخور، وباعتبار أنها جاءت من سحابة المذنبات التي تشكلت على أطراف المجموعة الشمسية، وتعرف بـ”سحابة أورت”.
ومن المؤسف أن العلماء ليس لديهم إثبات دقيق واحد مؤيد لفرضية الاصطدام هذه، إلا تلك الاستقصاءات الكيميائية المرتكزة على دراسة نظائر العناصر الموجودة هنا وهناك، على كلا الجرمين اللذين يدوران معا منذ أكثر من 4500 مليون سنة، فقد وجد أن نظائر الأكسجين متطابقة بين الأرض والقمر، وهي أكثر النظائر بصمة في تمييز أي جرم من أجرام المجموعة الشمسية عن غيره.
هجران القمر.. تاريخ طويل من الإفلات من قبضة الأرض
لو كانت الأرض يوما بلا قمر، لربما لم تستقر الحياة عليها، بل لربما لم تنشأ عليها أصلا. ولو ترك القمر الأرض مستقبلا ولم يعد، فإن الأرض ستضطرب ولن تعود صالحة للحياة بعد ذلك أبدا. فإذا كان ذلك القمر الذي يضيء سماءنا مهما إلى تلك الدرجة، فمن أين أتى وكيف ظهر يا ترى؟ هل نشأ مع نشوء الأرض، أم تبعها؟ وما أثره على مدة يوم الأرض وفصوله؟
مع تقدم عمر الأرض ونشوء البحار والمحيطات على سطحها، تسببت حركتا المد والجزر المتتاليتان بإبطاء دوران الأرض شيئا فشيئا، وابتعد بذلك القمر عنا شيئا فشيئا، حتى وصل عبر مليارات السنين الأربعة الماضية إلى ما هو عليه اليوم (384 ألف كيلومتر)، وبذلك انخفضت سرعة دوران الأرض إلى 24 ساعة، وهو ما ندعوه بـ”اليوم الأرضي”.
لكن المذهل في الأمر أن سرعة الأرض وبُعد القمر عنها ليسا ثابتين، فباستمرار حركتي المد والجزر سيظل القمر يبتعد عنا إلى أن يشاء الله، فمعدل ابتعاده السنوي عن الأرض هو 3.8 سنتمترات، وذلك يعني أنه من المحتمل أن يُفلت من قبضة الأرض يوما ما، ربما بعد بضعة مليارات من السنين.
عصر التعادل.. حين تستوي الأرض والقمر
من البديهي أن ابتعاد القمر عن الأرض سيؤدي إلى انتهاء كسوف الشمس الكلي الذي يجعل النهار ليلا، فلا يعود هناك سوى نوعين من الكسوفات؛ إما كسوف جزئي يغطي جزءا من الشمس، أو كسوف حلَقي يرينا حلقة مضيئة منها تحيط بالقمر.
ذلك أن أصل سبب الكسوف الكلي، هو أن قُطر قرص القمر أصغر من الشمس بـ400 مرة، لكنه في ذات الوقت أقرب إلينا منها بـ400 مرة، فتتساوى النسبتان، وبذلك يغطي قرص القمر الصغير الشمس العملاقة.
وفي يوم من الأيام، ستصبح الأرض شبيهة بالقمر، من حيث طول اليوم، ومن حيث مواجهتهما لبعضهما بوجه واحد، وذلك بسبب ابتعاد القمر وانخفاض سرعة دوران الأرض حول محورها، فهي تتباطأ بمقدار 2.3 ملي ثانية كل قرن.
فكما أن القمر يواجه الأرض بوجهه الوحيد، بسبب تماثل مدة دورانه حول نفسه مع مدة دورانه حول الأرض، فإن هذا ما سيحدث حين يصبح طول اليوم الأرضي 47 يوما بنفس طول اليوم القمري وسنته، وسيصبح رائد الفضاء الواقف على القمر لا يرى من الأرض إلا وجه واحد.
وهذه الظاهرة موجودة في المجموعة الشمسية، كما هو الحال بين بلوتو وقمره، وبين بعض النجوم وكواكبها، وتُعرف بظاهرة “الانغلاق الجاذبي أو المَدّي” (Tidal Locking)، حيث يُجبِر كل جرم الجرم الآخر على أن يواجهه بوجه واحد فقط، فيبلغان الاتزان الدوراني.
وإذا ما حدث ذلك بعد نحو 50 مليار سنة من الآن، فستثبُت سرعة الأرض، ولن تتوقف عن الدوران حول نفسها، وكل ذلك بافتراض ذهاب الشمس في غضون 5-6 مليارات سنة من الآن، وبقاء نظام الأرض والقمر في المجموعة الشمسية بعدها.
طلوع الشمس من مغربها.. أمر غيبي بحت لا تفسره الفيزياء
يعد سيناريو طلوع الشمس من مغربها أحد السيناريوهات غير البعيدة لمستقبل الأرض، لكنه في الوقت ذاته يستتبع أمورا عظيمة ونتائج لن يحتملها البشر. وبلغة الفيزياء، فإن على البشرية أن تنتظر أكثر من هذه المليارات الخمسين بكثير، كي تتوقع رؤية الأرض تتوقف عن الدوران حول محورها من الغرب إلى الشرق، وإن هي وقفت فسننتظرها بعد ذلك مدة لا يعلمها أحد، كي تعكس اتجاه دورانها من دون سبب فيزيائي وجيه، هذا إن هي فعلت.
وعلينا أن نبقى منتظرين كل تلك المدة، كي تتحقق نبوءة طلوع الشمس من مغربها التي هي أمر غيبي بحت، لا تفسره قوانين الفيزياء ولا نظرياته، علما بأن البشرية لم تكمل على سطح البسيطة أكثر من 250 ألف سنة في أحدث النظريات التي تفسر ظهور الإنسان عليها.
وهل يعقل أن تعيش البشرية على الأرض إلى ما بعد فناء الشمس، أو حين تصبح عملاقا أحمر يمتد لهيبها إلى أطراف الأرض بدرجات حرارة تبلغ ألف درجة أو أكثر؟!
ولحل هذا الإشكال الذي واجهنا في استمرار الحياة على وجه الأرض نقول: أليست نظرية الاصطدام العملاق هي التي افترضت تشكل القمر؟ فما المانع يا تُرى من أن يكون طلوع الشمس من مغربها سببه ارتطام كويكب عابر بحافة الأرض الغربية، فيقلب اتجاه دورانها، وبذلك قطعا سيتحقق طلوع الشمس من مغربها.
لكن مهلا، كم يجب أن يكون قُطر هذا الكويكب الذي سيغير اتجاه دوران الأرض؟
إذا عدنا إلى الوراء قليلا، سنجد أن نيزكا بقطر 10 كيلومترات فقط كان كفيلا بأن يمحو الحياة عن الأرض ملايين السنين، إذن أوليس الكويكب الذي سيقلب حركة الأرض أعتى من نيزك الديناصورات بمئات المرات؟ أتراه سيُبقي منا أحدا يشهد طلوع الشمس من مغربها أو حتى من مشرقها بعد ذلك؟
وجُمع الشمس والقمر
ليس في حد العلم الحالي قول باجتماع الشمس والقمر على وجه الحقيقة في عمر البشرية، وإن فعلا فلن يراهما أحد من أهل الأرض، لأن ذلك لن يحدث قبل 3-4 مليارات سنة من الآن، حين تصبح الشمس عملاقا أحمر يمتد نحو الأرض، فربما وقتها ابتلعت القمر، وربما أفلت القمر من قبضة الأرض فتتلقفه الشمس. لكن الواضح من الحسابات الفلكية أنه لن يكون بشر أحياء ليشاهدوا تلك الحادثة.
لكن التفسير المقبول لهذا الجمع هو المعنى الذي عرفته العرب من اجتماع النيّرَين -وهما الشمس والقمر- بما يعرف بكسوف الشمس، ذلك أن سياق الآيات الكريمة من سورة القيامة يتحدث عن علامات يوم القيامة، فذكر خسوف القمر قبل ذلك مباشرة ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ (سورة القيامة، الآيات 7-9).
أما إن خُسف بالقمر لسبب غير معلوم وانشق إلى نصفين كما في قوله تعالى ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ (سورة القمر الآية 1)، فإن كلا من هذين النصفين سيهرب إلى الفضاء، وربما اجتمع بالشمس بعد ذلك. لكن ذلك من الغيب الذي لم ترد فيه نصوص، ومرد علمه إلى الله سبحانه وتعالى.
وأما لو افترضنا حصول ذلك بسبب كويكب يصطدم بالقمر على مرأى منا ومسمع، فالأولى أن يصطدم بالأرض لا بالقمر بسبب عظم جاذبيتها، ولأن احتمال اصطدامه بالقمر ضعيف حينئذ، ولو فعل واصطدم بالقمر فإن الشظايا التي سيخلفها القمر من وراء هذا الاصطدام، ستنهمر على الأرض، مسببةً دمارا مهلكا للأرض، لن يسمح لأحد برؤية ما إذا كان القمر سيجتمع بالشمس على وجه الحقيقة بعد ذلك أم لا. ويبقى الأمر في علم الغيب حتى يتحقق.