التحقيق، الذي استند إلى مواد مصورة وشهادات ضحايا ومصادر من داخل المؤسسة العسكرية، أعاد تسليط الضوء على مسار الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، وما خلفته من فظائع بحق المدنيين.
وبحسب التحقيق، شملت الانتهاكات عمليات قتل جماعي على أسس عرقية، وإعدامات ميدانية خارج نطاق القانون، إضافة إلى إلقاء جثث الضحايا في القنوات المائية والمقابر الجماعية، خصوصاً في مناطق بولاية الجزيرة، بعد انسحاب قوات الدعم السريع منها.
كما أشار التحقيق إلى أن أوامر الحملة العسكرية صدرت من مستويات عليا داخل الجيش، وبمشاركة شخصيات مرتبطة بالحركة الإسلامية تمارس نفوذاً وضغوطاً على القيادة العسكرية.
“أدلة واضحة جدا”
وفي تعليق له على نتائج التحقيق، قال الكاتب والباحث السياسي السوداني شوقي عبد العظيم، في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، إن ما ورد في تحقيق CNN “يقدّم أدلة واضحة جدا على ما حدث في ولاية الجزيرة”، مضيفا أن “الكثير من هذه المشاهد والفيديوهات سبق أن شاهدها السودانيون متفرقة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن جمعها وتوثيقها بهذا الشكل يضعها في إطار جرائم موثقة لا يمكن إنكارها”.
وأوضح عبد العظيم أن التحقيق كشف “جزءا من واحدة من أبشع الحروب في تاريخ السودان”، مؤكدا أن الصراع “لم يكن كما يروّج له على أنه حرب كرامة، بل ارتبط بانتهاكات واسعة ووجود جماعات متطرفة تسعى للعودة إلى السلطة”.
واعتبر أن أخطر ما في التحقيق هو “تأثير هذه الأدلة على نظرة المجتمع الدولي إلى الجيش السوداني، في ظل صور الإعدامات والإهانات والقتل خارج إطار القانون”.
وأشار الباحث السوداني إلى أن الجيش، كما حدث في وقائع سابقة، قد يعلن تشكيل لجان تحقيق داخلية، لكنه شدد على أن “التجربة أثبتت أن هذه اللجان لا تفضي إلى نتائج ملموسة”، مضيفاً: “رأينا ذلك في قضايا سابقة، سواء ما يتعلق باتهامات استخدام الأسلحة الكيميائية أو مجازر أخرى، حيث لم يُحاسَب أحد حتى الآن”.
وأكد عبد العظيم أن التحقيق يضع الجيش “أمام مأزق حقيقي”، لأنه استند إلى إفادات من قيادات عسكرية ومستنفَرين يقاتلون إلى جانبه، إلى جانب شهادات الضحايا.
وقال: “نحن أمام استهداف عرقي وانتقائي لبعض المكونات السكانية في ولاية الجزيرة، وما حدث في الكنابي مثال واضح على ذلك، وهو ما يتطلب محاسبة حقيقية لا بيانات تبرير”.
ولفت إلى أن الانتهاكات لم تقتصر على الجزيرة، بل تكررت في ولايات أخرى مثل الخرطوم وسنار. وأضاف: “هذه حرب ضد المواطنين، ومن يدفع ثمنها هو الإنسان السوداني الأعزل”.
وختم عبد العظيم بالتأكيد على أن توصيف الجرائم باعتبارها تطهيرا عرقيا “مسألة خطيرة لا تُحسم إلا عبر لجان تحقيق دولية مستقلة”، داعياً حكومة بورتسودان إلى قبول هذه التحقيقات وتسهيل عملها، “حتى لا تتكرر تجربة دارفور، ولا يستمر الإفلات من العقاب”، محذراً من أن استمرار تجاهل هذه الوقائع “سيُبقي السودان تحت طائلة الإدانة الدولية لسنوات قادمة”.



