تشهد أسواق الذهب في مصر ارتفاعا لا مثيل له خلال الأشهر الأخيرة، في ظل إقبال المواطنين على شراء المعدن النفيس كإجراء لحماية أموالهم في ظل تراجع قيمة العملة المحلية.

لمواجهة هذه الأزمة، أصدرت الحكومة المصرية قرارًا بإعفاء بعض واردات الذهب من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، ولمدة 6 أشهر.

وأوضح بيان رئاسة مجلس الوزراء المصري أن القرار لا يشمل “واردات الذهب بأشكاله نصف مشغولة، والمُعدة للتداول النقدي والحُلي والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة، وإن كانت مكسوة أو مُلبسة بقشرة من معادن ثمينة”.

ولا يشمل أصناف “اللؤلؤ الطبيعي، أو المزروع، أو الأحجار الكريمة، أو شبه الكريمة المركبة، أو المرصعة على الحلي والمجوهرات وأجزائها”.

وصل سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطا وهو الأكثر انتشارًا في مصر، إلى نحو 2550 جنيهًا مصريًا أي حوالي 90 دولارًا وفق معدل سعر صرف العملة في البنوك (الدولار = 30.90 جنيهًا)، بينما في السوق الموازية ربما يصل إلى نحو 38 جنيهًا.

وتراجع هذا السعر قليلًا إلى 2530 جنيهًا، الخميس، مع القرار الحكومي. فيما وصل سعر  الجنيه الذهب إلى نحو 20240 جنيهًا مصريًا.

سبب القرار

قالت الشعبة العامة للمصوغات والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، في بيان الأربعاء، إن القرار الحكومي يأتي في ظل تضاعف حجم الطلب على شراء الذهب مقارنة بنفس المدة من العام الماضي.

وبحسب تقديرات المجلس العالمي للذهب، فإن حجم طلب السوق المصرية خلال الربع الأول من العام الحالي وصل نحو 7 أطنان، مقارنة بما كان عليه قبل عام حيث وصل إلى 3.2 طنًا خلال نفس الفترة العام الماضي.

وقال رئيس شعبة المصوغات، هاني ميلاد، في حديثه لموقع “الحرة”، إن حجم شراء الذهب من قبل المواطنين في الفترة الأخيرة ضغط على السوق، في وقت لا يجابه المعروض حجم الطلب بسبب وقف الاستيراد قبل أشهر بسبب ما وصفه بأولويات الاستيراد.

وأضاف أن “هذا الضغط تسبب في ارتفاع الأسعار بطريقة كبيرة، قلة المعروض كانت السبب الرئيسي”.

يذكر أن الحكومة المصرية أقرت بداية من مارس 2022، قيودًا حول استيراد الذهب وتوجيه تلك السيولة الدولارية نحو شراء ما وصفت بالسلع الأساسية، ما تسبب قلة المعروض من الذهب.

ومع عدم استقرار سعر صرف العملة المحلية وعدم ثقة المواطنين فيها، اتجه كثيرون إلى شراء الذهب من أجل حماية مدخراتهم، وهو ما سبب إقبالًا كبيرًا على الشراء.

وفي هذا الشأن قال مستشار وزير التموين المصري، ناجي فرج، لموقع الحرة، إن سبب ارتفاع أسعار الذهب “اتجاه المصريين للتحوط والإقدام على شراء الذهب بطريقة تفوق حجم المعروض، ما تسبب في ارتفاع السعر”.

كما اعتبر فرج أن القرار الحكومي “جريء”، وسيساهم في حل الأزمة الحالية.

حل مؤقت؟

أعلنت الحكومة المصرية أن هذا القرار سوف يستمر لستة أشهر فقط، على أمل أن تنهي عدم الاستقرار في أسواق الذهب في البلاد.

اتخذت القاهرة في أوقات سابقة عددًا من الخطوات لمواجهة الأزمة على مدار السنوات الأخيرة، لكن أسعار الذهب واصلت الارتفاع ووصلت إلى أرقام غير مسبوقة.

في ديسمبر من العام الماضي، فرض ضوابط لإحكام الرقابة على حصائل تصدير الذهب بإلزام مصدري الذهب بإرجاع حصيلة التصدير إلى داخل البلاد خلال 7 أيام من تاريخ شحنه، بدلا من 180 يومًا.

لكن الشهر الماضي، قرر البنك المركزي استثناء بعض الحالات من هذا القرار، حيث يمكن فيها توريد المستحقات خلال 30 يوم عمل، وتشمل عمليات تصدير الذهب بغرض تصنيع بالخارج ثم إعادة استيراده، وعمليات استيراد الذهب لتصنيعه محليًا ثم إعادة تصديره.

وفي الأولى كان الهدف تسهيل استيراد الذهب وطرحه مجددًا بالأسواق المصرية لمواجهة ارتفاع الأسعار.

وفي ظل المحاولات السابقة التي لم تحقق المرجو منها، تأمل الحكومة أن تأتي تلك المحاولة بنتيجة.

وواصل مستشار وزير التموين المصري حديثه لموقع “الحرة”، وقال إن “تأثير القرار بدأ بالفعل وانخفض سعر الذهب بمعدل 100 جنيه”.

فيما يرى ميلاد أنه لا يمكن “تحديد وقت بعينه” لرؤية نتيجة القرار على الأسواق “لكن النتيجة لن تكون بعيدة”، معتبرًا أن الأزمة الحالية “وقتية نتيجة حجم العرض والطلب، وبمجرد حدوث التوازن بين العاملين ستنتهي، وقريبًا سيحدث هذا التوازن”.

وعاد فرج وأكد أن القرار بالنهاية مستمر لستة أشهر فقط، وبعدها سيتم تقييم التجربة على أرض الواقع وتحديد ما إذا كانت ستستمر أم لا وفقًا للنتائج.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version