أحيا المسلمون في الولايات المتحدة، الأربعاء، عيد الأضحى، بالتوجه باكرا إلى المساجد المنتشرة في البلاد، فيما حرص آخرون على التوجه إلى المزارع والمذابح المخصصة لنحر الأضاحي، مباشرة بعد انقضاء صلاة العيد.

ورغم مصادفته ليوم دوام عادي، إلا أن أغلب المسلمين حرصوا على تأدية شعائرهم، فمنهم من خرج باكرا للصلاة ثم توجه لعمله، ومنهم من انتظر حتى نهاية الدوام لنحر أضحيته، آخرون فعلوا ذلك صباحا، حيث استفاد كثيرون من إجازات تتيحها بعض الشركات والمؤسسات الأميركية.

وعلى غرار المسلمين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حرص مسلمو ولاية فيرجينا المتاخمة للعاصمة واشنطن، على تأدية صلاة العيد في المساجد، حيث اجتمعوا وعائلاتهم مع المسلمين، وتبادلوا التهاني بالمناسبة.

أجواء خاصة

سفيان، تونسي مقيم في منطقة وودبريج في شمال فرجينيا، قال إنه يحيي المناسبة منذ أكثر من ستة أعوام بالولايات المتحدة، وإنه اعتاد على أجواء العيد، التي وصفها بـ”الخاصة نوعا ما”.

احتفالات عيد الأضحى في واشنطن العاصمة

وأضاف صاحب الـ38 عاما والأب لطفل، أنه أدى صلاة العيد رفقة زوجته بمسجد قريب، إلا أنه آثر نحر أضحيته، الخميس، حيث اشترك مع مجموعة من أصدقائه من مصر لشراء عجل صغير، على أن يكون النحر ثاني أيام العيد لأن أصدقاءه لم يحصلوا على إجازة بالمناسبة مثله.

وفي اتصال مع موقع الحرة، شدد سفيان على أن أجواء العيد بالولايات المتحدة مختلفة عن التي ألفها في تونس، لكنه لفت إلى الاحترام الذي يحظى به المسلمون عامة في الولايات المتحدة، وخاصة خلال المناسبات الدينية، والذي يُذلّل “مرارة الغربة” وفقه.

وبمناسبة عيد الأضحى، تقدم الرئيس الأميركي، جو بايدن، بتهانيه لمسلمي الولايات المتحدة، وقال: “أتمنى أن يجلب عيد الأضحى المبارك الفرح والسلام والوحدة لقلوب ومنازل المسلمين في جميع أنحاء أميركا في هذا العيد العظيم”.

من جانبها، قالت نائية الرئيس، كامالا هاريس، إنها وزوجها يتمنيان عيد أضحى مبارك للمسلمين الذين يحتفلون في أميركا وحول العالم. 

وتابعت “نتطلع أنا ودوغ، لاستضافة أول احتفال بعيد الأضحى في التاريخ الأميركي”.

ويقيم البيت الأبيض احتفالا بعيد الأضحى تستضيفه هاريس وزوجها، دوغلاس إمهوف، حيث سيحضر الحدث أعضاء الجالية المسلمة في الولايات المتحدة.

زيدون خالد، من العراق، احتفل على غرار الجالية المسلمة بعيد الأضحى، حيث آثر الذهاب لإحدى المزارع التي يملكها صديق له، وشاركه في عملية نحر أضاحي الزبائن.

في اتصال مع موقع “الحرة”، شدد خالد على أنه حرص كل سنة على تأدية هذه الشعيرة رفقة المسلمين في منطقته، وكشف أنه كان لسنوات يقوم بنحر الاضاحي بمزرعة خاصة به، لكنه هذه السنة، فضل مساعدة صديقه.

وكشف خالد أن أعداد الذين ينحرون في المزارع في ازدياد منذ سنوات، مؤكدا أنه في حدود الرابعة عصرا كانت بالمزرعة نحو 60 عائلة، تنتظر استلام أضاحيها.

المزرعة حيث اشتغل زيدون طوال يوم العيد

وتستفيد العائلات المسلمة من عدة نقاط مخصصة للنحر على الطريقة الإسلامية، بينما يمنع النحر الشخصي للأضاحي بالمنازل، كما يجري في كثير من البلدان الإسلامية والعربية.

وبحسب خالد، فإن الشخص الذي يقصد المزرعة، التي تتوفر على مختلف آليات النحر وتقوم على معايير سلامة تتفق مع متطلبات السلطات، يستفيد من خدمة احترافية، حيث يختار الزبون الأضحية، سواء كانت خروفا أم كبشا أم غير ذلك، ثم ينتظر حتى يتسلّمها مُقطّعة في أكياس وما عليه إلا أخذها إلى منزله.

ورغم أن كثيرين يحنّون إلى طريقة النحر في بلدانهم التي لا تشترط عليهم التنقل إلى مزارع بعيدة، إلا أن البعض الآخر يفضل التنظيم الجاري في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، لأنه يمنع كل أشكال الفوضى التي قد تتخلل عمليات النحر العشوائية.

Posted by Santos Moulay Cherif Elomari on Saturday, September 3, 2022

يقول عزيز، وهو أربعيني من الجزائر يسكن في منطقة فيرفاكس بفرجينيا، إنه فضل إيداع طلب لأضحيته قبل يوم من العيد، على أن يتسلمها جاهزة في أكياس، بعد عصر الأربعاء.

في اتصال مع موقع “الحرة”، وهو في طريقه للمحل حيث تتواجد فيه ذبيحته، شدد عزيز على أن هذه الطريقة مريحة، وتناسب الذين يعملون يوم العيد.

ونوه عزيز بالجهود التي تبذلها الجالية للتكافل في هذا اليوم، موضحا أن كثيرا من العائلات استضافت شبانا عازبين، وطلاب الجامعات من المسلمين لإشراكهم فرحة العيد في جو من الدفء العائلي.

وقال: “كان العيد هذه السنة، مناسبة للتكافل ولمّ أواصر الأخوّة بين أفراد الجالية”.

الأخوّة تجمع الإنسانية

ثم مضى يقول: “حتى خطبة العيد اليوم ركزت على ضرورة التآخي بين الجميع”، خصوصا وأن “المناسبة تعود لنبي الله إبراهيم، وهو أبو الأنبياء”، وفق تعبيره.

عزيز لفت إلى أن خطيب المسجد، حيث صلى، ركز على الأخوّة التي تجمع الإنسانية، وذلك في نظره “المغزى من الاحتفال بهذا العيد”.

ويعيش في الولايات المتحدة نحو 3 ملايين ونصف المليون مسلم، منهم 170 ألفا في ولاية فرجينيا، أغلبهم من البلدان العربية.

والإسلام هو ثالث ديانة في الولايات المتحدة، بعد المسيحية واليهودية، وفق موقع “بيو” للأبحاث. 

ويقول الموقع إنه منذ أن بدأ في تعداد السكان المسلمين في الولايات المتحدة، سنة 2007، ارتفع عددهم بشكل مطرد.

وكان عدد المسلمين في الولايات المتحدة، عام 2007، بحسب “بيو”، نحو 2.35 مليون، وبحلول عام 2011، ارتفع عددهم ليصل إلى 2.75 مليون مسلم.

ومنذ ذلك الحين، استمر تعداد المسلمين في النمو بمعدل 100 ألف تقريبا سنويا.

مسلمون يؤدون صلاة عيد الأضحى في أميركا

هذا المشهد، يؤكده محمد شيخ، وهو شاب مغربي يقطن منطقة أرلينغتون قرب العاصمة، حيث يقول في حديث لموقع “الحرة”، إنه لاحظ تزايد أعداد المسلمين في المنطقة حيث يسكن، وذلك لدى ذهابه كل جمعة لتأدية الصلاة.

ويؤكد هذا الشاب أنه آثر النحر هذه السنة، تأدية للواجب الديني رغم كونه أعزبا.

وقال: “اعتدتُ في المغرب على مساعدة والدي في نحر الأضحية، وبعد أن انتقلت للعيش في الولايات المتحدة، لم أستطع أن أفوّت أي عيد دون أن أفعل نفس الشيء”.

ويشير الشاب الثلاثيني إلى أنه حريص على نحر أضحيته بيده في المزرعة، رغم أن هناك عمالا يقومون بالمهمة حيث يدخل ذلك ضمن سعر الأضحية الإجمالي.

نفس الشيء يؤكده خالد، العراقي الذي دأب على نحر الأضاحي، حيث يقول إن بعض الزبائن يفضلون نحر أضحيتهم بأنفسهم وخص بالذكر المنحدرين من الدول المغاربية.

السيدة حنان شاوي، من الجزائر، تقول لموقع الحرة، إن عيد الأضحى كان مناسبة لأطفالها للقاء أقرانهم من المسلمين في المسجد.

ولفتت إلى الظروف الجيدة التي جرت فيها عملية نحر الأضاحي، بالمزرعة حيث انتقلت هي وزوجها وأطفالها الثلاثة.

وتابعت مؤكدة أن الأعياد في الولايات المتحدة “مناسبة لتبادل أطراف الحديث بين أعضاء الجالية، ولا سيما النساء، بينما يستمتع الأطفال باللعب في مساحات مخصصة، قريبة في نقاط نحر الأضحاي المنتشرة في أماكن عديدة في فرجينيا”.

أطفال يلعبون في مزرعة بفرجينيا بينما تعمل أمهاتهم على تنظيف أعضاء الأضحيات

وقالت أيضا: “أطفالي يستأنسون باللعب مع أقرانهم بينما يراقبون الخراف وهي تأكل، تماما كما كنا نفعل صغارا”، في إشارة إلى أن التئام عوائل المسلمين في تلك المزارع تنسيهم لوهلة غربتهم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version