شكّل انسحاب زعيم “حزب البلد” في تركيا، محرم إينجه قبل 3 أيام من خوضه السباق الرئاسي “هزة” في المشهد السياسي الداخلي للبلاد.

وفي وقت تسود الكثير من التكهنات عن الخطوة التي أقدم عليها في هذا “التوقيت الحساس”، تطلق تساؤلات بشأن مصير الأصوات التي ذهبت إليه ضمن اقتراع الخارج، والأخرى المتعلقة به في الداخل.

وإينجه هو واحد من بين أربعة مرشحين سيخوضون سباق الرئاسة في تركيا، يوم 14 من شهر مايو الحالي، وإلى جانبه هناك الرئيس رجب طيب إردوغان مرشح “تحالف الجمهور”.

وهناك أيضا زعيم “حزب الشعب الجمهوري” ومرشح تحالف “الأمة”، كمال كليتشدار أوغلو، وسنان أوغان مرشح “تحالف الأجداد”، الذي يضم عدة أحزاب قومية.

وجاءت استقالة إينجه، وهو المنشق عن “حزب الشعب الجمهوري” ضمن مؤتمر صحفي عقده في الساعة الثانية من ظهر يوم الخميس، وفي أعقاب “مؤامرة تعرض لها” خلال الأيام الماضية.

وتمثلت هذه “المؤامرة” كما أطلق عليها صحفيون بنشر بعض الصور عن حياته الخاصة، خلال اليومين الماضيين، من خلال حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم تثبت صحة أي من هذه الصور، فيما ذكّر إينجه الناخبين عبر سلسلة من التغريدات عبر “تويتر” بعد انتشارها بأن لديه عائلة وأطفالا وحياة خاصة.

وأوضح إينجه أنه قرر الاستقالة بعد حملة تشهير “استخدمت صورا مزيفة له على علاقة مع النساء وصُورت على أنه فاسد وثري”.

وقال: “ما رأيته من هجوم خلال آخر 45 يوما لم أره في السنوات الـ45 الماضية. نشروا وثائق مزورة، وصورا مزورة، وأوراقا مزورة، وادعوا أنها كلها مني”، مضيفا: “كلها نشرها أتباع (تنظيم فتح الله) غولن. وبعض مؤيدي المعارضة أعادوا نشر هذه الأشياء”.

وتابع المرشح السابق: “لم تحم هذه الدولة سمعتي. لم تقم المؤسسات الحكومية بحفظ حقي، ولا الإعلام بالدفاع عني”.

وفي حين لم يعلن أنه سيؤيد أحدا أشار إلى أنه “سينسحب حتى لا يمكن للمعارضة أن تلومه على الهزيمة لاحقا”، فيما سيواصل مع حزبه خوض انتخابات البرلمان.

ماذا يعني انسحابه؟

على مدى الأشهر الماضية كان ينظر إلى ترشيح إينجه لمنصب الرئاسة على أنه سيهدد كليتشدار أوغلو، من زاوية الأصوات التي سيسحبها من حزبه السابق “الشعب الجمهوري”. 

ووجهت الكثير من الدعوات لإينجه للانضمام إلى “الطاولة السداسية” (تحالف الأمة)، لكنه رفضها، وجاءت الدعوات أيضا مؤخرا من “حزب اليسار الأخضر”، الذي يتحالف مع حزب “الشعوب الديمقراطي” الموالي للأكراد.

وفي أعقاب استقالته وقبل ذلك بساعات وجه له كليتشدار أوغلو دعوة للانضمام إلى “تحالف الأمة” أو كما يطلق على الطاولة اسم “طاولة إبراهيم الخليل”.

وقال عصر الخميس في “تويتر”: “دعوتي ما زالت قائمة. دعونا نضع الاستياء القديم جانبا. نرحب بالسيد إينجه على طاولة تركيا. من فضلك تعال”.

وفي غضون ذلك نشر مسؤولون في “حزب الشعب الجمهوري” صورا تجمع كليتشدار أوغلو وإينجه خلال الساعات الماضية، ووجهوا رسائل له بالانضمام إلى “الطاولة” للفوز بالانتخابات، وحسم سباق الرئاسة من الجولة الأولى.

كما وجه رئيس الحزب الديمقراطي (DP)، جولتكين أويسال دعوة له بالانضمام إلى “الطاولة السداسية”، وهو أحد أركانها الستة.

وتظهر الأرقام الصادرة عن مؤسسة “ميتروبول” لاستطلاعات الرأي أن حوالي نصف الأصوات التي حصل عليها إينجه قد يتم تغيير مسارها لمرشح المعارضة كليتشدار أوغلو.

في المقابل يقول ما يزيد قليلا عن 20 بالمئة من مؤيديه إنهم قد يصوتون لإردوغان، بحسب المؤسسة التي نشرت نتيجة استطلاعها، عصر يوم الخميس، وبعد إعلان خطوة الاستقالة.

ويوضح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي لموقع “الحرة” أن تأثير انسحاب إينجه سيعود بالإيجاب على مرشح “تحالف الأمة”، كمال كليتشدار أوغلو.

ويقول: “من اختار التصويت لإينجه لن يصوت لصالح إردوغان، وهو أمر مفروغ منه”، بحسب تعبير الباحث.

ويضيف: “مع ذلك سيكون هناك خيار آخر لأصواته باتجاه المرشح الرئاسي سنان أوغان. لكن وفي في حال صوتوا لصالح أوغان في الجولة الثانية سيكون الأمر محسوما لصالح كليتشدار أوغلو”.

ويجب أن يحصل المرشحون الرئاسيون في تركيا على نسبة “50+1” من الأصوات على الأقل ليتم انتخابهم.

لكن وفي حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية بعد 15 يوما، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات أولا.  وبعد ذلك سينتخب المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة رئيسا.

وحتى الآن ليس من الواضح كيف ستكون النتائج سواء للرئاسة والبرلمان في الجولة الأولى المقررة في 14 من مايو، ومع ذلك يتوقع مراقبون أن يذهب استحقاق الرئاسة لجولة إعادة في 28 من شهر مايو.

وتقول كاتبة العمود في موقع “خبر تورك”، ناغيهان ألتشي إن استقالة محرم إينجه ستسفر عن إمكانية حسم النتيجة في الجولة الأولى.

وأضافت عبر موقع التواصل “تويتر”: “لم يعد هناك خيار يوم 28 مايو. في 14 مايو  الساعة 24.00 سيتم إعلان الرئيس الثالث عشر بالأغلبية المطلقة”.

وتابعت: “يجب أن نهنئ الخاسر والفائز وأن نظهر للعالم أجمع كرامة تركيا وقوتها وأهميتها”.

ماذا عن الأصوات؟

وتظهر استطلاعات الرأي أن نسبة التصويت لإينجه تحوم من 2 إلى 4 في المئة من الأصوات.

وكانت تركيا قد انتهت في يوم 9 من مايو الحالي من عملية التصويت في الخارج وعلى البوابات الحدودية.

وبالتالي كان إينجه قد كسب، خلال الأيام الماضية أصواتا من المواطنين قبل أن يعلن انسحابه.

ويشير الباحث جوناي إلى أن “انسحابه لن يؤثر على موضوع الأوراق التي طبعت منذ زمن”.

ويضيف: “لا يمكن إعادة طبع ورقة الاقتراع الخاصة بمرشحي الرئاسة، لأن عملية الاقتراع في خارج تركيا بدأت منذ وقت”، معتبرا أن “الأصوات التي حصل عليها إينجه من الخارج يمكن القول إنها ذهبت سدى”.

وذكر موقع “خبر تورك” أنه “لن تكون هناك تغييرات في ورقة الاقتراع بعد انسحاب زعيم حزب البلد محرم إينجه من الترشح للرئاسة”.

ويوضح نقلا عن مسؤولين في “الهيئة العليا للانتخابات”: “لن يتم اعتبار الأصوات لإينجه أيضا بأنها غير صالحة. في حال تأهل للجولة الثانية لن يتمكن من المشاركة، وسيتم اعتبار أن المرشح الذي يحتل المركز الثالث قد تقدم إلى المركز الثاني”.

بدوره قال ممثل “الهيئة العليا للانتخابات” في “حزب الجيد”، مصطفى تولغا أوزتورك إنه ووفقا للوائح القانونية الحالية “إذا انسحب أي مرشح، فلن يتم تغيير ورقة الاقتراع”.

ووفقا لأوزتورك “لن يتم اعتبار أصوات إينجه باطلة أيضا”، موضحا: “إذا حصل إينجه على 50 + 1 في المئة من الأصوات، فستنتقل الانتخابات إلى الجولة الثانية مع حصول المرشحين الثاني والثالث على أعلى الأصوات”.

وأكد على ذلك ممثل “الهيئة العليا للانتخابات” في “حزب الشعب الجمهوري” (CHP)، محمد يعقوب أوغلو بقوله: “قرار إينجه يمكن أن يكون له عواقب سياسية فقط وأنه لن يتسبب في تغيير الأداء الرسمي للعملية الانتخابية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version