مع ارتفاع درجات الحرارة نهاية الأسبوع الماضي، انتشر الربيع أخيرا في جنوب أوكرانيا، ليحمل معه إشارات ببدء القوات الأوكرانية شن هجوم مضاد طال انتظاره ضد القوات الروسية المحتلة، وفقا لتقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.

وتركت الأشهر القليلة الممطرة الأراضي موحلة وغير مناسبة لحركة المركبات الثقيلة، ولكن مع الجفاف الأخير للطقس، فإن الظروف شبه مثالية للهجوم المضاد الذي طال انتظاره، والذي وصفه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وآخرون بأنه فرصة ناجحة لإظهار الداعمين الغربيين أن أوكرانيا قادرة على استعادة أراضيها، حسب الصحيفة.

وعلى الرغم من عدم وجود أي تحركات دراماتيكية للقوات الأوكرانية حتى الآن، لكن الهجوم المضاد قد يكون جاريا بالفعل بـ “هدوء”.

هل بدأ الهجوم المضاد؟

الخميس، كتب ميخائيل بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، تغريدة عبر حسابه بموقع “تويتر”، شملت نقاطا عدة تتناول الهجوم المضاد.

وقال “مرة أخرى بشأن الهجوم المضاد”، فهذا ليس “حدثا منفردا” سيبدأ في ساعة معينة من يوم معين بقطع رسمي للشريط الأحمر.

وأضاف “هذه العشرات من الأعمال المختلفة لتدمير قوات الاحتلال الروسي في اتجاهات مختلفة، والتي بدأت بالأمس بالفعل، تجري اليوم وستستمر غدا”.

وأوضح أن “التدمير المكثف للوجستيات العدو(روسيا) هو أيضًا هجوم مضاد”.

وكانت تغريدة المسؤول الأوكراني “محاولة لتوضيح الأمور” بعدما نقلت عنه قناة (RAI) الإيطالية قوله في مقابلة إن “الهجوم المضاد بدأ بالفعل منذ عدة أيام”.

وفي منطقة زابوريجيا المحتلة من روسيا، والتي من المتوقع أن تكون نقطة تركيز رئيسية للقوات الأوكرانية في سعيها لاستعادة مدينة ميليتوبول، تمت مراقبة الطقس عن كثب في الأسابيع الأخيرة، حسب “واشنطن بوست”.

وفي الأيام الأولى للهجوم على أوكرانيا، سيطر الروس على ميليتوبول في بداية هجومهم من دون معارك تذكر ما جنبها دمارا كبيرا، وسرعان ما تم تنصيب إدارة موالية لروسيا هناك، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وتهدف أوكرانيا من خلال الهجوم على المدينة لكسر “الجسر البري” بين البر الرئيسي لروسيا وشبه جزيرة القرم التي تم ضمها بشكل غير قانوني عام ٢٠١٤، مما يؤدي إلى قطع خطوط الإمداد اللوجستية الحيوية، ومنح القوات الأوكرانية المزيد من التقدم والقدرة على شن هجمات على الروس.

ستدفع الحملة الأوكرانية أيضا خط المواجهة للخلف من أماكن مثل “أوريخيف”، وهي بلدة مزدهرة ذات يوم يبلغ عدد سكانها 19 ألف نسمة وتقع الآن على بعد حوالي ثلاثة أميال من الخطوط الروسية.

وعانت تلك البلدة لأشهر من هجمات روسية يومية تقريبا، وفقا لما ذكرته نائبة رئيس البلدية، سفيتلانا ماندريتش، لـ”واشنطن بوست”.

وقالت ماندريتش البالغة 52 عاما، في مقابلة “لقد سمعنا عن هذا الهجوم المضاد لفترة طويلة، نأمل فقط أن يحدث ذلك وأن يكون ناجحا”، مضيفة “نحن على بعد خمسة كيلومترات من الجبهة، لقد كنا دائما على خط النار”.

موسم الوحل

استمر الحديث عن هجوم الربيع لأشهر، قال زيلينسكي وقادة عسكريون إنهم ينتظرون وصول المزيد من الأسلحة والذخيرة والإمدادات الأخرى، وتتدرب القوات الأوكرانية على استخدام مركبات قتالية ومعدات أخرى مقدمة من الغرب.

ولكن حتى لو توفرت العتاد الكافي، فإن الطقس يمثل عقبة أكثر، حسب “واشنطن بوست”.

والتربة الطينية التي تساعد في جعل أوكرانيا قوة زراعية، يمكن أن تعطل ليس فقط المركبات التقليدية ذات الإطارات الدبابات والمدافع الثقيلة.

وأشار الخبير العسكري في شركة الاستخبارات البريطانية جينس، جيمس راندز، إلى أن تلك التربة تشبه لحد كبير موقع المعارك الموحلة والدامية الشهيرة خلال الحرب العالمية الأولى، وخاصة في شمال غرب فرنسا.

وفي حين أن الموسم الموحل يجب أن يستمر بضعة أسابيع فقط، لكن ذلك لم يحدث هذا العام.

وقالت إنبال بيكر ريشيف، وهي باحثة في جامعة ماريلاند وتتتبع أنماط الطقس العالمية، إن أبريل كان “شهرا رطبا للغاية” في أوكرانيا.

ولعب الطقس دورا مهما في الحرب في أوكرانيا منذ غزو روسيا العام الماضي.

وكانت أشهر الشتاء في نهاية عام 2021 وبداية عام 2022 معتدلة بشكل غير عادي، مما أدى إلى ذوبان الجليد في وقت أبكر من المعتاد. 

وأدى ذلك إلى موسم موحل، وبسبب ذلك علقت العديد من الدبابات الروسية والمركبات الثقيلة الأخرى في الحقول، ما جعلها أهدافا سهلة للقوات الأوكرانية.

والآن يوفر الطقس الدافئ مزايا أخرى، وبعد شهر أبريل الرطب، كان مايو جافا بشكل ملحوظ.

وقالت بيكر ريشيف إن أدنى مستويات رطوبة التربة في أوكرانيا توجد الآن في زابوريجيا وخيرسون، وهي المناطق التي يمكن أن تكون واجهة للهجوم المضاد. 

ومن جانبه قال بن هودجز، القائد السابق للجيش الأميركي في أوروبا، إن أوكرانيا ستأخد بعين الاعتبار “ظروف الأرض” عند التخطيط لعمليات هجومية جديدة.

ويسأل هودجز عن حالة تلك الأراضي، قائلا “هل هي جافة بما يكفي للسماح بتحرك مئات المركبات المدرعة الثقيلة المجنزرة ومركبات الدعم؟”.

عوامل أخرى

شدد هودجز أيضا على أن هذا مجرد عامل واحد من عدة عوامل، بما في ذلك استعداد القوات الأوكرانية وما إذا كان خصومهم الروس قد تدهوروا بفعل الضربات الجوية أو تشتت انتباههم بسبب القتال المطول في مناطق معينة مثل باخموت.

ما الخطوة التالية لروسيا بعد إراقة الكثير من الدماء في “المدينة المدمرة”؟

بعد أشهر من القتال العنيف وسقوط آلاف الضحايا الروس والأوكرانيين، انتهت المعركة من أجل باخموت بشرق أوكرانيا بشكل أساسي في الوقت الحالي، حيث تسيطر تشكيلات موسكو على المركز الصناعي، بينما تحاول قوات كييف الضغط على جوانب المدينة، وفقا لتقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وجاءت معركة باخموت بتكلفة كبيرة لروسيا وأوكرانيا وستؤثر بشكل كبير على ما سيأتي بعد ذلك، حسب تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وقبل معركة باخموت، كانت موسكو تأمل في استثمار الاستيلاء على باخموت كنقطة انطلاق نحو المدن الكبرى في دونباس مثل “كراماتورسك وسلوفيانسك”، لكن يبدو أن هذا الهدف بعيد المنال في الوقت الحالي.

وقال محللون عسكريون لـ”نيويورك تايمز” إن القوات الروسية مستهلكة بعد تكبدها خسائر فادحة في معركة باخموت.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version