تونس- أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، أمس الأحد، رفضه مشروع تنقيح القانون الانتخابي الذي يسعى لإنهاء رقابة المحكمة الإدارية على الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مطالبا النواب بالعدول عنه.

وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي قد صرح، السبت، بأن “اتحاد الشغل لا يمكنه التخلي عن مبادئ الديمقراطية والدفاع عن الحريات”.

وأكد أن انتهاكات الهيئة المستقلة للانتخابات تحول المحطة الانتخابية المقبلة إلى مناسبة للمبايعة والولاء ونسف شروط الديمقراطية، كما دعا النقابيين إلى الوحدة والتصدّي للاستبداد ولمحاولات ضرب الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

من جهة أخرى، يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل في السنتين الأخيرتين انتقادات واسعة، بسبب ضعف دوره السياسي وخفوت صوته، في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أزمة سياسية متصاعدة وتراجعا متواصلا في مستوى الحريات والديمقراطية.

تقديرات خاطئة

يرى تونسيون أن الاتحاد العام التونسي للشغل قدّر بشكل خاطئ الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، ما جعل قيادته تنخرط في دعمها، معتبرة إياها فرصة لتحسين الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد.

ومع مرور الوقت، اتضح أن تلك الإجراءات كانت سببا في تراجع مناخ الحريات والديمقراطية في البلاد، وأدت إلى تهميش دور النقابات، وهو ما أثر سلبًا على دور الاتحاد ومس من صورته أمام قواعده والمجتمع.

وفي هذا السياق، قال الإعلامي والمحلل السياسي هشام الحاجي للجزيرة نت إن “الاتحاد ارتكب منذ 2011 عدة أخطاء، تحد اليوم من قدرته على لعب دور صريح في الأزمة السياسية الحالية”.

وأرجع السبب في ذلك إلى مبالغة النقابيين في تقدير دورهم وتماسكھم وصلابتھم، إضافة إلى انغماس المنظمة إلى أبعد حد في اللعبة السياسية وتجاوزها الإطار الاجتماعي الذي كانت تتحرك فيه منذ الاستقلال، كما اعتبر أن دعم الاتحاد العام التونسي للشغل لإجراءات الرئيس سعيد الاستثنائية من الأخطاء التي أثرت على صورة الاتحاد ووحدة صفوفه.

الاتحاد العام التونسي للشغل دعم الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد عام 2021 (الجزيرة)

انقسام داخلي وتهميش

وبسبب مواقف الاتحاد السياسية، ظهر تباين بين أعضاء المكتب التنفيذي حول كيفية التعامل مع الأزمة المتصاعدة في البلاد، مما خلق حالة من عدم التوافق في مستوى قيادة المنظمة، وهو ما ظهر بشكل جلي في مؤتمرها عام 2022 حيث تعمق تراجع تأثيره الوطني.

ويرى المحلل السياسي هشام الحاجي أن تواصل تأثير المواقف الأيديولوجية إلى جانب رغبة العديد من الأطراف بلعب دور سياسي مباشر عزز الانقسام داخل المنظمة وأضعف الحركة النقابية، عدا عن التحديات الداخلية التي يعاني الاتحاد منها بتهميش السلطة لدوره الاجتماعي.

وقد أكد الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي في كلمة له السبت الماضي أمام قواعد المنظمة أن “الوضع الحالي يتسم بانعدام هامش الحوار الاجتماعي والتفاوض، ونوايا السلطة سحب البساط من المنظمة النقابية، على غرار إعلان رئيس الجمهورية الزيادة في الحد الأدنى في الأجر الموحد دون حضور الأطراف الاجتماعية”.

وفي خضم وضع الانقسام والتهميش، يعاني الاتحاد العام التونسي للشغل من توسع هوة الثقة بينه وبين عدد واسع من التونسيين، حيث يرى هشام الحاجي في المواقف الأخيرة للاتحاد محاولة لاسترجاع الثقة داخل المشهد السياسي والاجتماعي.

وبرغم الوضع الحالي الهش للمنظمة، يشدد الحاجي على ضرورة مراقبة تطور مواقف المركزية النقابية، خاصة وأن الاتحاد العام التونسي للشغل غالبا ما تدخل وغيّر تحالفاته في اللحظات الأخيرة، وكان موقفه حاسما في عدة محطات تاريخية عاشتها تونس.

يذكر أن الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، صرح في تاريخ 7 سبتمبر/أيلول الجاري أن المجلس الوطني للاتحاد قرر عدم مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version