طهران- “تمخض الجبل فولد فأرا”، هكذا علّق نشطاء ووسائل إعلام فارسية على الهجوم الإسرائيلي على أهداف في 3 محافظات إيرانية فجر اليوم السبت، لكنه اعتُبر، من ناحية أخرى، انتهاكا فاضحا لسيادة الجمهورية الإسلامية، وبرزت المطالبات بوضع حد لذلك.

فبعد ذهاب إسرائيل بعيدا في تهديدها باستهداف منشآت نووية وإستراتيجية في العمق الإيراني ردا على هجوم طهران الصاروخي مطلع الشهر الجاري، تراجعت تل أبيب عن تنفيذ وعيدها، ثم تخلت عن استهداف منشآت الطاقة والنفط بضغط أميركي، خشية اندلاع حرب إقليمية شاملة أو زعزعة أسواق الطاقة العالمية، وفق قراءة محللين.

وبعد تأخر دام أكثر من 3 أسابيع، بدأت إسرائيل هجومها الذي توعدت أن يكون “كبيرا ودقيقا وموجعا” عند الساعة 02:10 فجر اليوم السبت، فسجلت الصحافة الفارسية أداءً متباينا خلال الساعات الأولى من الهجوم.

الإعلام الرسمي

ورغم ارتباك مذيع قناة “خبر” الرسمية عند قراءته نبأ الهجوم، فإن وكالات الأنباء المقرّبة من الحرس الثوري ظهرت أكثر استعدادا للتعامل مع التطورات، فنشرت أخبارا ميدانية مرفقة بمقاطع مصورة من أحياء العاصمة طهران استقتها من مراسليها الذين قاموا بجولات ميدانية داخل المدينة، في مؤشر على استعدادها لخطة تغطية مسبقة.

أما هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، فسرعان ما استوعبت الأمر واستدعت كبار مقدمي برامجها وتعمّدت إيفاد مراسليها إلى المناطق التي سُمع فيها دوي انفجارات، وبثت صورا مباشرة من هناك لطمأنة الجمهور الإيراني من جهة، ولتفويت الفرصة على الإعلام المعادي الذي تقول عنه إنه “يحاول تسجيل إنجاز للكيان الصهيوني” من جهة أخری.

وفضلا عن مهمتها في تغطية البيانات الرسمية للمقر المركزي للدفاعات الجوية الإيرانية وهيئة الطيران بشأن تعليق الرحلات تارة واستئنافها تارة أخرى، شددت الصحافة الفارسية الرسمية على وصف الهجوم الإسرائيلي بـ”الفاشل” وبأنه “أضعف من التقديرات”، وأنه “أسفر عن أضرار محدودة”. وأفرطت في الترويج للسردية القائلة إن “الدفاعات الجوية الإيرانية تعاملت بيقظة وأحبطت العملية الهجومية”.

منصات التواصل

وبعد مضي فترة وجيزة من الهجوم الإسرائيلي، اعتبر الناشط الإعلامي مصطفى نجفي (المقرب من الجنرال محسن رضائي القائد العام الأسبق للحرس الثوري) أن عدم تفاجؤ إيران من الهجوم وتعامل دفاعاتها الجوية بسرعة “دليل على علمها المسبق بالهجوم”.

وفي تغريدة على منصة إكس، كتب نجفي أنه رصد الإعلام الإسرائيلي وتبين له أن أغلبه يبحث عن آثار حريق أو دخان ليقول للرأي العام إن الهجوم كان فاعلا، ولكن من دون جدوى، وفي تغريدة أخرى، ذهب إلى أن استمرار الهجوم لفترة أطول قد يستدعي ردا إيرانيا آخر.

وفي السياق نفسه، اعتبر الناشط السياسي رحمت الله بيكدلي أن “المزاعم بتنفيذ الهجوم على إيران بمشاركة 140 مقاتلة إسرائيلية كذبة صهيونية”، مضيفا أن الهجوم الإسرائيلي على إيران أضعف بكثير من الهجوم الجوي لنظام صدام حسين على إيران عام 1980، موضحا أنه لا يمكن مقارنة القدرات العسكرية الإيرانية اليوم واستعدادها القتالي مع ما كانت عليه عام 1980.

مقارنة

وبعد هدوء حذر استمر نحو ساعة إثر الموجة الأولى من الهجوم الإسرائيلي، نشر مغردون إيرانيون صورا تظهر اعتراض المضادات الجوية ما وصفوها بأنها “أجسام طائرة في سماء طهران”.

وعمد بعضهم إلى عقد مقارنة بين مشاهد نزول الصواريخ الإيرانية بأعداد هائلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة والهجوم الإسرائيلي فجر اليوم على إيران، حيث يكاد لا توجد مشاهد لحريق أو دمار خلفه.

وبينما وضع مغرد آخر صور غرفة العمليات الإيرانية إلى جانب نظيرتها الإسرائيلية خلال ساعة الهجوم، كتب أنه لا يصعب على الرأي العام قراءة نتائج الهجمات من ملامح وجوه القادة العسكريين.

في حين تداول آخرون صورا عن صعود عديد من الشباب الإيرانيين إلى أسطح المنازل لتصوير الصواريخ القادمة واعتراضها في سماء العاصمة طهران، علّق آخرون أن الشباب هنا يتلقون الصواريخ الإسرائيلية بالنكات والضحك العالي، بينما يطلب المهاجم من شعبه الذهاب إلى الملاجئ ويكون هو بنفسه سباقا إلى الاختفاء تحت الأرض، في حين لم تقرر طهران بعد الرد.

وكالة تسنيم الإيرانية تنشر فيديو يظهر حركة السير وسط العاصمة الإيرانية طهران

البورصة والاقتصاد

ومع بزوغ الشمس، عمدت عديد من المحطات ووكالات الأنباء إلى بث صور مباشرة من الساحات العامة والأسواق وحركة المرور في الشوارع، وكذلك فرق الرياضة الشعبية في الحدائق العامة، في حين ركزت المواقع الإخبارية الاقتصادية على تأثير الهجوم على مؤشر البورصة وسعر الصرف الأجنبي.

وبينما كان المؤشر العام لبورصة طهران يواصل التهاوي منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن اللافت في الهجوم الإسرائيلي على إيران أن ترتدي البورصة الإيرانية “البزة الخضراء” للمرة الثانية بعد انتخاب مسعود بزشكيان رئيسا لإيران الصيف الماضي.

وبعد أن أخذ الريال الإيراني يفقد قيمته إثر هجوم طهران الصاروخي على إسرائيل مطلع الشهر الماضي وبلغ سعر الدولار الأميركي حتى الليلة الماضية نحو 685 ألف ريال، ساهم الهجوم الإسرائيلي في استعادة العملة الإيرانية جزءا من قيمتها إذ ارتفعت إلى 663 ألف ریال مقابل الدولار الأميركي الواحد بحلول ظهر اليوم السبت.

ورغم أن أول هجوم عسكري إسرائيلي على إيران لم يأتِ على قدر التهديدات التي سبقته، فإنه أودى بحياة ضابطين من الجيش الإيراني مما أدى إلى مطالبة عديد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي سلطات بلادهم بعدم السماح بتكرار انتهاك السيادة الوطنية مرة أخرى.

وبينما نشر الدكتور محسن أمين جزءا من حديث منسوب للخليفة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يحضّ على اليقظة والاستعداد للرد دون تأخر، نشرت وكالة نور نيوز المقربة من المجلس الأعلى للأمن القومي تغريدة تقول فيها إن “سياسة طهران بشأن العدوان الإسرائيلي هي الرد دون تأخير أو تسرع”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version