واشنطن- من الشرق الأوسط إلى الصين مرورا بأوكرانيا ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومن الساحل الشرقي إلى الغربي وما بينهما من حدود أميركية مكسيكية ممتدة، بعثت اختيارات الرئيس المنتخب دونالد ترامب برسائل زلزالية إلى الشعب الأميركي والعديد من عواصم العالم.

واستكمل ترامب تشكيل فريقه للأمن القومي على النحو الآتي:

  • السيناتور الجمهوري من ولاية فلوريدا ماركو روبيو، وزيرا للخارجية.
  • المحارب السابق ومقدم برامج بشبكة فوكس الإخبارية بيت هيغسيث، وزيرا للدفاع.
  • النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا مايكل والتز، مستشارا للأمن القومي.
  • النائبة الديمقراطية السابقة من ولاية هاواي تولسي غابارد، مديرة للاستخبارات الوطنية.
  • عضو الكونغرس السابق ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جون راتكليف، مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه”.
  • النائبة الجمهورية من ولاية نيويورك إليز ستيفانيك، سفيرة للأمم المتحدة.

نكهة ترامبية

وكتبت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية “كما هو متوقع، فإن كبار مساعدي ترامب في السياسة الخارجية لديهم نكهة ترامبية هذه المرة. المؤمنون الحقيقيون ومن لهم ولاء واضح له، لهم اليد العليا”.

ويرى فريق من المعلقين أن روبيو ووالتز وستيفانيك من الصقور الجمهوريين في ما يتعلق بالصين وإيران، في حين أن روبيو أكثر دعما للناتو من ترامب خاصة تجاه ما يحدث في أوكرانيا، أما هيغسيث فقد مثّل اختياره خروجا كبيرا عن بقية الفريق الذي استمدّ من أعضاء حاليين وسابقين في الكونغرس وأرسل موجات صادمة إلى غرفه ولجانه.

وبخصوص الشرق الأوسط، تألف فريق ترامب من أشد أنصار إسرائيل في الدائرة الجمهورية التي لا تمانع حتى في ضمها للضفة الغربية، إلا أنه يضم كذلك من يُتهم “بالعداء للسامية” ويرى أن دعمها الضخم يضرّ بمصالح أميركا الأوسع في المنطقة والعالم.

وسبّب اختيار غابارد، وهي ديمقراطية سابقة انشقت إلى الحزب الجمهوري، قلقا كبيرا بين الصقور الجمهوريين وأثار مخاوف الدوائر المؤيدة لإسرائيل.

وصوّتت غابارد ضد قرار مجلس النواب الذي يدين قرار مجلس الأمن في ديسمبر/كانون الأول 2016 الذي يعارض بناء المستوطنات الإسرائيلية. وفي عام 2019، رفضت إدانة النائبة المسلمة إلهان عمر لتعليقاتها حول دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وصوتت لمصلحة قرار يدعم النائبة ذات الأصول الصومالية.

كما صوتت ضد إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وقالت إن واشنطن يجب أن تلغي العقوبات على طهران، وانتقدت إدارة ترامب الأولى لقتلها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، واصفة الضربة بأنها عمل غير دستوري.

وكانت غابارد متعاطفة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذهبت إلى حد القول إن قادة الولايات المتحدة حرضوا على هجوم موسكو على أوكرانيا. كما أنها سبق أن التقت الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق عام 2017، وهو ما يُعد عملا غير متصور بالمعايير الأميركية.

مات غايتز وزير العدل في فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب (رويترز)

استغراب

لم يستكمل ترامب بقية فريقه الوزاري، إلا أنه رشّح النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا مات غايتز ليكون مدعيا عاما (وزيرا للعدل)، واختار روبرت كينيدي جونيور لإدارة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، في حين عهد إلى توم هومان بملف ترحيل أكثر من 10 ملايين مهاجر غير نظامي.

وأدى تعيين غايتز إلى استغراب أكثر أنصار ترامب ولاء لأنه سبق أن دعا إلى إلغاء هذا المنصب وإلغاء مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” ووزارة العدل بأكملها إذا لم يتوقفوا عن التحقيق مع ترامب خلال السنتين الماضيتين.

كما أنه كان من بين أعلى أصوات الكونغرس في إنكار نتائج انتخابات 2020، وقال إنه “فخور بالعمل” الذي قام به هو وغيره في أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 عندما اقتحم آلاف من أنصار ترامب مباني الكونغرس لوقف التصديق على النتائج التي خسرها في ذلك الوقت.

في الوقت ذاته، يخضع للتحقيق من قبل لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب حول اتهامات بسوء السلوك الجنسي نفاها مرارا. وكان أحد أكثر المنتقدين الجمهوريين لقانون التوعية “بمعاداة السامية” الذي أقره المجلس، مدعيا أن تعريفها من شأنه أن “يصنف الكتاب المقدس على أنه معادٍ للسامية لأنه واضح ويقول إن اليهود قتلوا يسوع”.

أما كينيدي جونيور فاشتهر بانتقاداته لنهج قادة الصحة العامة تجاه جائحة كورونا وعوارض اللقاحات، وجادل بأن الأغذية والأدوية والمياه غير الصحية قد غذّت ظهور الأمراض المزمنة في أميركا على مدار العقود الماضية، وأن المسؤولين الحكوميين “فسدوا بسبب نفوذ الشركات”.

ويقول العلماء ومسؤولو الصحة العامة إنهم قلقون بشأن تأثير كينيدي، مشيرين إلى معدلات تطعيم الأطفال ضد الحصبة التي تقل عن أهداف وزارة الصحة وتنخفض بسبب دعواته “المتطرفة” ضد تلقيح الأطفال.

عبء كبير

رأى كثيرون أن الخطوة الأكثر جموحا لترامب هي الوعد “بإدارة الكفاءة الحكومية”، وهي كيان استشاري يرأسه مالك منصة إكس إيلون ماسك ومنافس ترامب السابق في الحملة التمهيدية للحزب الجمهوري فيفيك راماسوامي.

ويعدّ ماسك صوتا بارزا في الدائرة الضيقة المقرّبة من ترامب ويعكس صعود أغنى شخص في العالم إلى موقع نفوذ غير عادي وغير رسمي في إدارة أميركية جديدة. ولا يعرف أحد بعد ما الذي يريده ترامب من ماسك، وهل سيحقق بنجاح هدف السياسة المعلن المتمثل في إعادة تشكيل الموظفين الفدراليين للحد من الهدر والاحتيال وتحسين تقديم الخدمات، أم إنه سيؤدي إلى الفوضى الحكومية.

ويتوقع أن يواجه كثير من هؤلاء المرشحين صعوبة في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ اللازمة كي يبدؤوا ممارسة مهامهم. ومع استعادة الجمهوريين هذا المجلس بأغلبية مريحة تبلغ 53 مقعدا مقابل 47 للديمقراطيين، يقع عبء كبير على قيادة الحزب لتمرير تعيينات ترامب أو عرقلتها.

وانتخب الجمهوريون السيناتور جون ثون، ليكون زعيم الأغلبية في هذا المجلس عندما ينعقد الكونغرس الجديد في يناير/كانون الثاني القادم. وقال ثون بعد انتخابه “لدينا تفويض من الشعب الأميركي ليس فقط لتنظيف الفوضى التي خلفتها أجندة بايدن-هاريس-شومر، ولكن أيضا لتحقيق أولويات الرئيس ترامب”.

ويتمتع ثون ببعض الاستقلالية بعيدا عن أجندة ترامب الذي قدم طلبا استباقيا بأن يسمح له حزبه بإجراء تعيينات أثناء فترة عطلات مجلس الشيوخ، والتي قال إنه “من دونها لن نتمكن من الحصول على تثبيت الوزراء في الوقت المناسب”.

وقبل 4 عقود، تبنّى الرئيس السابق رونالد ريغان شعار “التعيينات موقف سياسي في حد ذاته”. من هنا يستغرب كثير من الأميركيين هذه الاختيارات وهذه السياسة ويتساءلون: إلى أين يقود ترامب أميركا والعالم؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version