تصاعدت حملات افتراضية في ليبيا مؤخرا تطالب بترحيل العمالة الأجنبية وبتقييد نشاطها في البلاد، مما أثار موجة استنكار من قبل منظمات حقوقية تحذر من انتشار مشاعر الكراهية والتحريض ضد مئات آلاف الأجانب المقيمين في هذا البلد المغاربي.
وظهرت دعوات في شبكات التواصل الاجتماعي تدعو السلطات لترحيل المهاجرين غير النظاميين، لكن الحملة الافتراضية اتسع مداها لتتحول إلى انتقادات تطال كل الأجانب المقيمين بليبيا بغض النظر عن وضعيتهم القانونية.
وانتقد مدون “تكاثر” الأجانب في ليبيا قائلا إنهم باتوا أكثر من الليبيين.
واستنكر آخرون استفادة الأجانب من الامتيازات الممنوحة للمواطنين دون دفع الضرائب، مشددين في الوقت نفسه على أنهم لا يعارضون الأجانب المقيمين في البلا بطريقة قانونية.
وقال أحد المدونين إن “مشكلتنا مع الذين احتلونا ويعيشون على حسابنا”.
بدوره، انتقد عبد السلام إقامة “ملايين” من المهاجرين في بلاده، واصفا الوضع بـ”المهزلة”.
وقال “يجب إيقاف هذه المهزلة. المعاملة بالمثل مثلنا مثل باقي الدول. يجب فرض الضرائب على الأجانب وفرض الإقامات وتفعيل نظام الكفالة والشواهد الصحية”.
وعزا أبو أسامة سبب إقبال الأجانب على ليبيا إلى الامتيازات التي توفرها بلاده لهم، موضحا أن “الأجانب يكلموا في بعضهم: تعال يا فلان فى ليبيا المياه الحلوة موجودة في كل مكان وبالمجان، تعال يا فلان سعر السيارات في ليبيا أرخص حتى من الإمارات وقطر، تعال يا فلان الكهرباء والماء بالبلاش”.
استقطاب منذ سنوات
وكانت ليبيا حتى قبل سقوط نظام معمر القذافي في أكتوبر عام 2011 مقصدا للكثير من الأجانب الباحثين عن فرص العمل، وتقول وسائل إعلام محلية إن أعداد الأجانب زاد في البلاد لاستفادة عصابات تهريب المهاجرين من حالة الانقسام السياسي والأمني التي تمر به ليبيا.
ويزيد عدد السكان في ليبيا عن ستة ملايين ونصف، وتقدر نسبة العمالة الأجنبية من بينهم بنحو مليوني و100 ألف عامل، وفق ما أكده وزير العمل والتأهيل بحكومة الوحدة الوطنية، علي العابد، في تصريحات لموقع “الوسط” المحلي في ماي الماضي.
ووصف المسؤول الحكومي، نسبة العمالة الوافدة بـ”الكبيرة” وقال إنها تقدر “بنحو مليونين و100 ألف عامل موجودين بطريقة رسمية وغير رسمية على الأراضي الليبية”.
وتابع “العمالة الوافدة أمر واقع، وتشتغل عندنا في جميع المصانع والمزارع والمحلات، وأيضا غالبية العمال تنتقل من المنطقة الشرقية إلى المنطقة الغربية باعتبارها مكان الحراك الاقتصادي والنشاط الصناعي والتجاري في ليبيا”.
تحريض وكراهية
في المقابل، استنكرت مؤسسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان هذه الحملات التي “تحمل محتوى تحريضي على الكراهية والعنف ضد المهاجرين غير النظاميين واللاجئين” والتي تتعارض مع القوانين الدولية المنظمة لحقوق العمال.
وقالت في بيان “تُعرب المؤسسة، عن بالغ استيائها واستنكارها حيال حملات التحريض على كراهية الأجانب، والعمال الوافدين عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام المحلية، والمنصات الإعلامية، والحملات الأمنية المصاحبة لحملات التحريض من قبل بعض من الأجهزة الأمنية بحق العمال الأجانب والوافدين المتواجدين على الأراضي الليبية”.
وناشدت المنظمة الحقوقية السلطات أن تراعي في تعاملها مع العمالة أو الأجانب المقيمين بليبيا القوانين الدولية وأن تضمن حمايتهم.
وتابعت “في الوقت الذي تقدر فيه المؤسسة، أهمية تنظيم تواجد العمالة الأجنبية والوافدة والمهاجرة على الأراضي الليبية، (…) فإن المُؤسسَّة تُحذّر من مغبة مخالفة القانون الدولي الإنساني، وتحديدا مبدأ الحماية الإنسانية المتعلق بالعمال الأجانب والوافدين والعمال المهاجرين، وكما تُحذر من مخالفة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها ليبيا، في مجال حقوق العمال”.
إجراءات موازية للحملة
وموازاة مع هذا النقاش، أعلنت السلطات الليبية عزمها تنظيم العمالة الأجنبية وأكدت نيتها فرض ضرائب على هذه الفئة لرفع إيرادات الدولة وتحقيق أهدافها الاقتصادية.
جاء ذلك في لقاء جمع مؤخرا مسؤولين من مصلحة الضرائب مع وزير العمل والتأهيل علي العابد، حيث بحث اللقاء إجراءات “تقضي بضرورة فرض ضرائب على العاملين الأجانب (…) في إطار نظرية السيادة التي تعتبر مظهرا من مظاهر سيادة الدولة على إقليمها ورعاياها”.
وقال العابد، وفق بيان نشرته صفحة المصلحة على فيسبوك إن وزاراته “ستعمل على توفير كافة البيانات لمصلحة الضرائب وذلك من حيث توفير قاعدة بيانات عن العمالة الوافدة بالتنسيق مع إدارة التشغيل والاستخدام لضمان سير العمل وتحقيق الأهداف المرجوة من ذلك”.
كما أكدت وزارة العمل في حكومة الوحدة الوطنية في أكتوبر الماضي وجود تنسيق مع مصلحة الجوازات والجنسية لبحث سبل تطبيق نظام الكفيل وتسوية أوضاع العمالة الأجنبية الوافدة.
وتأتي هذه الخطوات في سياق استعداد ليبيا لإقرار قانون جديد ينظم العمالة الوافدة انطلق التشاور بشأنه مع عدد من المؤسسات الأمينة الحقوقية منذ يناير الماضي.
المصدر: موقع الحرة