يواجه أندرو تيت، المؤثر المشهور على مواقع التواصل الاجتماعي والبطل الرياضي السابق، اتهامات بالاغتصاب والاتجار بالبشر، والشراكة في عصابة جريمة منظمة مع شقيقه وامرأتين، لكن هذا لا يبدو كافيا للعديد من المدافعين عنه، الذين يعتبره بعضهم رمزا رجاليا، ومحاربا للمنظمات السرية، وحتى رجلا متدينا.

ورغم فداحة هذه الاتهامات، يمتلك تيت ملايين المتابعين، كثيرون منهم يدافعون عنه بشراسة.

ويعتبر بعض هؤلاء إن تيت يتعرض إلى معاملة غير عادلة بسبب “خطابه الرجولي”، ويقول آخرون إن تحوله إلى الإسلام هو السبب.

وينفي تيت، بطل الكيك بوكسينغ الأميركي البريطاني السابق، ارتكاب أي مخالفات، وكذلك يفعل المدافعون عنه.

ماهي تهم تيت؟

وفقا للمدعين العامين، فإن الأخوين وامرأتين رومانيتين شكلوا عصابة إجرامية في عام 2021 بهدف الاتجار بالنساء.

وتشمل الاتهامات الاعتداء على سبع ضحايا من النساء كن صديقات للعصابة ووعدن بعلاقات رومانسية، وتم إغراؤهن بالقدوم إلى رومانيا ثم استغلالهن جنسيا، كجزء مما وصفه الادعاء بحيلة “الصبي العاشق”.

وقالت ماتيا بيتريسكو، المتحدثة باسم تيت، الثلاثاء إن الأخوين “سيظهران براءتهما ويبريان سمعتهما”، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

وقالت إن الشقيقين سيحضران جلسة استماع الأربعاء في بوخارست.

ونفى تيت التهم الموجهة إليه، وقال إنها مؤامرة لتشويه سمعته.

من هو تيت؟

اكتسب تيت سمعة سيئة لأول مرة في عام 2016، عندما طرد من برنامج تلفزيوني واقعي بريطاني بسبب مقطع فيديو أظهره وهو يضرب امرأة مرارا وتكرارا بحزام ويهددها.

على مدى السنوات التي تلت ذلك، نصب نفسه على أنه معلم للشباب من خلال الترويج لأسلوب حياة “مفرط الذكورة”، وانتقد الثقافة الغربية التي شوهت ما أسماه الدور التقليدي للرجال في المجتمع.

وينظر تيت إلى نفسه – أو يحاول الترويج لنفسه – على أنه ضحية “مؤامرة”  لتشويه السمعة.

وعلى حسابه في تويتر، نشر تيت مونتاج فيديو لرجال اتهموا بالاعتداء الجنسي قبل أن تبرئهم المحكمة أو ترد قضاياهم، بما في ذلك نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو والنجم السينمائي جوني ديب.

وعلق على الفيديو “اليوم أنا. غدا أنت. لا أحد في مأمن من هذه الأكاذيب”.

أندرو تيت وشقيقه تريستان يدخلان قاعة المحكمة فبراير الماضي

تم حظر تيت في أوقات مختلفة من Twitter و Facebook و Tik-Tok و YouTube بسبب خطاب الكراهية والتعليقات المعادية للنساء، لكنه عاد إلى تويتر العام الماضي، ولديه الآن 6.9 مليون متابع.

من بين “تعاليمه” الأكثر تطرفا هي أن “النساء يجب أن يتحملن بعض المسؤولية عن التعرض للاعتداء الجنسي”، كما أنه يدعو النساء لأن “يقمن بإنجاب الأطفال” لأنه “في نهاية العمر لن تهم المهنة بقدر كم أنجبت من الأطفال”.

وتقول صحيفة وول ستريت جورنل إن تيت مصنف على أنه المؤثر الأكثر شعبية بين المراهقين الأميركيين.

ورغم أنه لا توجد بيانات، إلا أن بحثا في موقع تويتر يجد أن لتيت شعبية أيضا بين متابعين من دول أخرى، من بينهم عرب.

لماذا يدافع البعض عن تيت؟

ينظر تيت إلى نفسه على أنه “قوة خير” تعلم الشباب “الانضباط والعمل”، لكن مختصين يعربون عن قلقهم من طروحاته.

وتنقل سي أن أن عن الرئيسة التنفيذية لحملة “أزمة الاغتصاب” في إنكلترا وويلز، جين بتلر، قولها في وقت سابق من هذا العام، إنها “تشعر بقلق عميق إزاء الأيديولوجية الخطيرة لثقافة الاغتصاب المعادية للنساء التي ينشرها السيد تيت”.

قبل إزالته من الموقع، حصد حسابه على TikTok حوالي 11.6 مليار مشاهدة.

وتقول الشبكة أن العديد من البالغين بمن فيهم معلمو المدارس أعربوا عن قلقهم بشأن أفكاره المعادية للنساء التي تترسخ في أذهان الشباب في جميع أنحاء العالم.

“قلق الرجال”

يقول موقع The Conversation إن تيت، الذي اشتهر بـ”محاضراته” التي يلقيها في عالم “المانوسفير” (مساحة الرجل)، إن المصارع السابق قد يكون استغل شعورا متزايدا لدى الرجال بأنهم يفقدون “دورهم الطبيعي”.

ويضيف الموقع أن “المانوسفير” وهي المساحة الرقمية التي يتحدث فيها الرجال عن قضايا مثل اللياقة والصحة، والمواعدة والعلاقات، وحقوق الآباء والأسرة، توفر مساحة لمناقشة موضوعات مهمة، لكنها أيضا المكان حيث تتجذر أيضا “الأيديولوجيات المعادية للمرأة والمناهضة للنسوية، مدعومة بالإيمان بالتفوق المتأصل للرجال”.

وينقل الموقع عن عالم الاجتماع مايكل كيميل قوله إن هناك “حالة من الغضب والخوف لدى بعض الرجال من فقدان مكانتهم الاجتماعية وامتيازهم”، أو “يخافون من كونهم مقيدين  أو يمكن التخلص منهم، أو غير محترمين، أو مهملين، أو حتى منسيين تماما”.

وقد يكون كثيرون من جمهور تيت والمدافعين المخلصين عنه ضمن هذه الفئة.

ويضيف الموقع “من السهل إذن أن نرى كيف تصبح رسالة تيت دعوة جذابة لاستعادة الرجولة “المفقودة” وإعادة تأكيد السلطة الذكورية على الآخرين.

الدولة “العميقة”

يسأل بعض المدونين المشهورين، مثل ستيفن كراودر، متابعيه إن كانوا يظنون أن “الدولة العميقة” وراء توجيه الاتهامات لتيت.

ويجيب بعض من متابعيه الذي يبلغ عددهم مليونين بالإيجاب، لكن بدون ذكر أسباب واضحة لـ”استهداف” تيت، أو أدلة على وجود “دولة عميقة”، تستطيع توجيه الاتهامات لتيت في رومانيا.

مع هذا فإن تيت نفسه، يشير باستمرار إلى وجود “مؤامرات” من “اليساريين” لتشويه سمعته، وهو يحرص على مشاركة التغريدات التي تؤيد هذا الطرح.

ويتحدث تيت كثيرا عما يصفه بـ”المصفوفة” التي يعتبرها نظاما يأخذ العالم باتجاه “معاد للرجال والقيم” ويقول أن من يجرؤ على تحدي “المصفوفة” وعدم “بيع روحه” سيتعرض للمتاعب، على غرار المتاعب التي يتعرض لها تيت نفسه.

ويحظى هذا الخطاب بكثير من الجاذبية في الأوساط المؤمنة بنظريات المؤامرة، كما أن كثيرا من المدافعين عن تيت يروجون للمبدأ نفسه.

“المسلم الضحية”

لوقت طويل عرف تيت نفسه على أنه مسيحي أرثوذكسي، ثم أعلن أنه ملحد، قبل أن يعلن تحوله إلى الإسلام بشكل دراماتيكي قبل قليل من اعتقاله في ديسمبر عام 2022، وفقا لموقع ITVX.

أندرو تيت يحمل قرآنا خلال توجهه للمحاكمة
أندرو تيت يحمل قرآنا خلال توجهه للمحاكمة

يصف تيت الإسلام بأنه “آخر ديانة حقيقية”، لكن التعاليم التي يبشر بها تثير القلق، خاصة أنه يلقيها بالإنكليزية، في مجتمعات حيث لا يشكل الإسلام أغلبية وحيث التعاليم الإسلامية التقليدية غير معروفة لكثيرين.

ويقول رجل الدين العراقي، الشيخ أثير محمد، إن “أشخاصا مثل تيت قد يثيرون مشاكل حقيقية، فمن جهة قد تتسبب تصريحاتهم بتعزيز الصورة السلبية النمطية عن الإسلام، ومن جهة أخرى قد تجذب متطرفين غير مسلمين لاعتناق النسخة الخاطئة من الدين”.

ويضيف محمد لموقع “الحرة” أن “تحول المشاهير إلى دين ما يثير دائما ارتباطا عاطفيا بين الشباب الذين يتبعون هذا الدين، لكن النظر إلى أشخاص مثل هؤلاء على أنهم قدوة دينية، أو مصدر لفهم تعاليم الدين يمثل خطورة دائما”.

ويشير محمد إلى أن هذا قد يكون دافعا لكثيرين لـ”الدفاع” عن تيت.

من جانب آخر، هناك كثير من المدونين الذين يعتقدون أن تيت “جزء من مؤامرة لتشويه الإسلام”.

ويقول الشيخ محمد أن “هذا التفكير هو الآخر خطر جدا، يعمق الشكوك بين المختلفين دينيا ويساهم بزيادة التطرف والخوف من الآخر”.

وقدمت لائحة الاتهام بحق تيت إلى محكمة رومانية مديرية التحقيق في الجريمة المنظمة والإرهاب، وهي وكالة الادعاء المتخصصة في رومانيا وسيراجع التهم قاض في غضون 60 يوما، وما لم يتم رفضها بسبب أخطاء إجرائية أو إدارية، فستتوجه القضية إلى المحاكمة.

وفي حالة إدانته، سيواجه تيت السجن لمدة طويلة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version