عندما سمعت حياة التركي الأخبار المفاجئة عن سقوط حكم النظام السوري المستمر منذ عقود، توجهت إلى سجن صيدنايا المعروف باسم “المسلخ البشري” وهي تدعو الله أن تجد شقيقها و5 أقارب آخرين محتجزين هناك على قيد الحياة.

لكن بعد 4 أيام من التجول في سجن صيدنايا سيئ السمعة، لا تزال حياة التركي تبحث متلهفة عن أي أدلة حول مصيرهم في سجن تقول جماعات حقوق الإنسان إنه معروف على نطاق واسع بالتعذيب وعمليات الإعدام.

وقالت “لم أعد إلى البيت أبدا. نمت هنا”، مضيفة أنها كانت تأمل العثور على شقيقها أو خالها أو ابن عمها أو ابن عمتها، لكنهم اختفوا على ما يبدو مثل أقارب العشرات من السوريين الآخرين الذين يبحثون أيضا في السجن نفسه.

وعثرت حياة (27 عاما) على وثيقة بتاريخ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024 تتضمن أسماء أكثر من 7 آلاف سجين من فئات مختلفة، وتساءلت: أين هم جميعا؟ فمن خرج من السجن على قيد الحياة أقل من ذلك بكثير.

استقبال بالدموع

وخرج آلاف السجناء من نظام الاحتجاز الوحشي الذي فرضه الرئيس المخلوع بشار الأسد ووالده قبله حافظ الأسد، بعد الإطاحة بحكم العائلة الأحد الماضي خلال هجوم مفاجئ شنته المعارضة وأنهى 5 عقود من السلطة المستبدة والدموية.

واستقبل أقارب العديد من المعتقلين ذويهم وهم يبكون، لأنهم كانوا يعتقدون أنهم أُعدموا منذ سنوات، في ظل غياب المعلومات عنهم، والاضطرار لدفع الرشى سابقا لمعرفة أماكنهم أو إذا كانوا على قيد الحياة.

أهالي معتقلين يبحثون عن ذويهم في سجن صيدنايا (الجزيرة)

كيف عاشوا؟

وفي سجن صيدنايا، يرسم حبل مشنقة يتدلى بحلقته الضيقة في أذهان الباحثين عن ذويهم صورة لشكل الأيام العصيبة التي قضاها أقاربهم هناك.

وقالت حياة التركي قبل أن تدخل زنزانة أخرى للبحث بين المتعلقات “فتحت زنازين السجن كلها، لا أستطيع احتمالها حين أدخل أكثر من 5 دقائق”.

وتساءلت وهي تفتش بين المتعلقات المتناثرة في إحدى الزنازين “أيمكن أن أشم رائحة أخي بها؟ أيمكن أن يكون هذا غطاءه”، لافتة إلى أن الثياب المتناثرة في السجن تؤكد أن أعداد المعتقلين به كانت أكثر ممن خرج منه.

وقالت وهي تظهر صورة على الهاتف لشقيقها المفقود منذ 14 عاما “لا أعرف كيف سيكون شكله إذا خرج. من يخرجون يبدون كالهيكل العظمي”.

وأفادت جماعات لحقوق الإنسان بوقوع عمليات إعدام جماعية في سجون سوريا، وقالت الولايات المتحدة في 2017 إنها رصدت محرقة جثث جديدة في سجن صيدنايا للسجناء الذين تم شنقهم، كما جرى توثيق حالات تعذيب على نطاق واسع.

وفي حين أكد القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع أن كل من تورط في تعذيب وقتل المعتقلين في السجون السورية لن ينال العفو، لم تطمأن حياة التركي التي بدأ أملها بالعثور على أقربائها يتضاءل، في ظل ترجيح مؤسسات حقوقية سورية أن المختفين قسريا في سجون الأسد قد يكونون فارقوا الحياة تحت التعذيب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version