الإعلان أثار جدلاً واسعاً، خصوصاً في الأوساط الكردية والدرزية، حيث اعتبر مجلس سوريا الديمقراطية (قسد) أن الدستور المقترح لا يتماشى مع الاتفاق الذي تم توقيعه مع الحكومة السورية، بل يمثل تراجعاً عن التفاهمات السابقة.

أما الشيخ حكمت الهجري، زعيم طائفة الموحدين الدروز، فقد وصف حكومة دمشق بـ”المتطرفة”، مشدداً على رفض الطائفة لأي وفاق أو توافق مع السلطة الحالية.

مجلس سوريا الديمقراطية: انقلاب على الاتفاقات السابقة

أكد مجلس سوريا الديمقراطية، المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أن الإعلان الدستوري الجديد “غير شرعي”، إذ رأى أنه يعيد إنتاج نظام الحكم المركزي الذي كان سائداً في عهد بشار الأسد.

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي حذر من أن إبراز الشريعة الإسلامية كمرجعية للحكم سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام. ويبدو أن “قسد” يرى في هذا الدستور خطوة نحو الإقصاء بدلًا من التشاركية التي تحتاجها سوريا في مرحلة إعادة البناء السياسي والمجتمعي.

موقف الدروز.. رفض قاطع لحكومة دمشق

الشيخ حكمت الهجري عبّر عن موقف الدروز الرافض للإعلان الدستوري، مؤكداً أن الحكومة الحالية لا تمثل تطلعاتهم، ووصفها بأنها “مطلوبة للعدالة الدولية”.

هذا الموقف يبرز مدى الاحتقان السياسي والطائفي الذي لا يزال يهيمن على المشهد السوري، حيث تسعى بعض الطوائف إلى الحفاظ على استقلاليتها السياسية بعيداً عن سيطرة دمشق.

بين الدفاع عن الدستور وانتقاد المسار التنفيذي

من جهته، يرى الكاتب والباحث السياسي بسام السليمان، خلال حديثه لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية أن الإعلان الدستوري “بمجمله وثيقة جيدة”، مشيراً إلى أنه يعكس الواقع الديموغرافي لسوريا، حيث يشكل العرب حوالي 85 بالمئة من السكان، في حين يمثل المسلمون (بمختلف طوائفهم) نحو 90 بالمئة من إجمالي الشعب السوري.

ومن هذا المنطلق، يبرر السليمان النصوص الدستورية التي تؤكد على الهوية العربية والإسلامية لسوريا. لكن السليمان، رغم دفاعه عن الإطار العام للدستور، لم يخفِ انتقاده لنقص الآليات التنفيذية الواضحة التي تحدد كيفية تطبيق المبادئ التي وردت في الإعلان الدستوري.

كما أشار إلى ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة فرصة، مؤكداً أن “سوريا تغيرت”، ومن الضروري التكيف مع هذا التغيير بدل الاستمرار في النهج السابق من المعارضة المطلقة دون تقديم بدائل عملية.

مخاوف من استبدال نظام بآخر

يرى السليمان أن بعض الانتقادات الموجهة إلى الدستور الجديد تعكس رفضاً لمجرد تغيير الأشخاص في السلطة، دون إدراك أن بنية النظام الحاكم قد اختلفت.

وأشار إلى أن النظام الجديد أقل قمعية من النظام السابق، لكنه بحاجة إلى وقت لإثبات مصداقيته، كما أكد على أهمية تعزيز الحوار الوطني وإشراك جميع المكونات السورية في العملية السياسية، محذراً من أن استمرار النزعات الانفصالية والطائفية سيؤدي إلى مزيد من التشرذم.

التحديات الإقليمية وتأثير القوى الخارجية

من القضايا التي أثارها السليمان أيضاً موضوع السيادة السورية والتحديات الإقليمية التي تواجهها البلاد، مشيراً إلى أن إسرائيل تواصل استهداف سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والسياسي.

كما لفت إلى أن الحكومة السورية تبحث عن دعم إقليمي، خصوصاً من الدول العربية وتركيا، للحفاظ على استقرارها الداخلي في مواجهة الضغوط الدولية.

مسار سياسي بحاجة إلى دعم

ودعا السليمان في الأثناء جميع السوريين، بمختلف أطيافهم، إلى تجاوز الخلافات الداخلية ودعم المسار الوطني الجديد، رغم الاعتراف بوجود أخطاء تكتيكية في تطبيقه.

وشدد على أن الحوار هو الحل الأمثل لتجاوز إرث النظام السابق، داعياً الحكومة إلى تعزيز التواصل مع الشعب وطمأنته بأن المسار الحالي يمثل جميع السوريين وليس فئة معينة منهم.

يبدو أن الإعلان الدستوري الجديد قد فتح فصلاً جديداً من الجدل في سوريا، إذ ينقسم الموقف بين من يرى فيه فرصة للاستقرار وبين من يعتبره إعادة إنتاج لنظام مركزي لا يلبي تطلعات كافة المكونات السورية.

وبينما تتجه الأنظار إلى ردود فعل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، يبقى التحدي الأكبر هو قدرة هذا الدستور على تحقيق التوازن المطلوب بين السلطة المركزية والتعددية السياسية والاجتماعية في البلاد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version