الدوحة – إعادة الإعمار، والإفراج عن المعتقلين، وتوفير البيئة الآمنة والملائمة لعودة اللاجئين، وإعادة تقييم النفس وتفهم الآخر، 4 محاور رئيسية تناولتها جلسة “سوريا: أسس الحل السياسي وإعادة الإعمار”، وذلك خلال الدورة الثانية من “الحوار العربي الإيراني”، الذي يهدف للتوصل لمصالحة سياسية شاملة ووحدة وطنية تضمن إشراك جميع أطياف المجتمع في تشكيل هوية الدولة.

ورغم تباين وجهات نظر المشاركين في الجلسة حول الأزمة السورية، فإنهم اتفقوا على ضرورة التركيز على القواسم المشتركة وتضييق الخلافات والبدء في مسار رئيسي وحوار شامل لحل الأزمة، خاصة في ظل الأجواء الإيجابية التي تعيشها الساحة السياسية في المنطقة.

وينظم مركز الجزيرة للدراسات، الدورة الثانية من الحوار العربي الإيراني، في الفترة بين 28 و30 مايو/أيار الجاري، بالتعاون مع المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران.

وتهدف الدورة الثانية للوصول إلى تقارب مشترك في وجهات النظر بشأن “النموذج الأمني الأنسب للعلاقات العربية الإيرانية”، مع الأخذ في الاعتبار تداعيات الأزمات والصراعات التي نشبت في المنطقة، ومنها الأزمة السورية.

قواسم مشتركة

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور خالد الهباس، أن الأزمة السورية معقدة، وأن هناك الكثير من التفاصيل التي لا ينبغي الدخول فيها لأنها لا تساعد على الحل، وإنما ستعمل على إثارة الخلافات وتجميد الوضع.

وقال الهباس -خلال مداخلته بالجلسة- إنه من الضروري العمل على تضييق الخلافات والتركيز على القواسم المشتركة، والدخول في إطار رئيسي يجمع كل السوريين بما فيهم المعارضة لأنها جزء من المجتمع، وذلك من أجل حل الأزمة السورية.

ورأي أن اجتماع جدة ومن بعده اجتماع عمان، وضعا أسس الحل السياسي للأزمة السورية في ظل الأجواء السياسية الإيجابية التي تعيشها المنطقة، وهما بمثابة تطور إيجابي يحتاج لمزيد من القرارات على الأرض، فيما يخص توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وإعادة الإعمار.

بدوره، اعتبر رئيس المجلس السوري للعلاقات الدولية محمد حسام حافظ، أن سوريا بعد 12 عاما من الثورة باتت على حافة الانهيار، وأن جوهر الانتقال السياسي في البلاد هو أن تصبح الدولة آمنة، ومن ثم تحدث عملية الاستقرار.

وفي مداخلته، قال حافظ إن “حل الأزمة السورية يحتاج إلى ضمانات وحلول فورية، منها العودة الآمنة للسوريين إلى بلادهم وفق القانون الدولي، وضمان عودة اللاجئين إلى مناطق سكناهم وتوفير الظروف الملائمة والآمنة لهم”.

وشدد على ضرورة أن يكون هناك دعما إيرانيا من أجل حدوث الاستقرار في سوريا، خاصة أن استقرار سوريا من مصلحة إيران، رافضا في الوقت نفسه التدخل الإيراني في سوريا، ووجود العديد من القوات والمعسكرات الأجنبية على أراضي بلاده.

6 مقترحات

أما الدبلوماسي الإيراني السابق محمد جواد آبادي، فأكد أن بلاده تدعم كل المساعي التي تهدف إلى حل الأزمة السورية، وتراها مسؤولية تقع على عاتقها، وتعمل مع كل الأطراف لإعادة سوريا إلى مكانتها، وتؤمن بضرورة الحفاظ على وحدة التراب السوري واستقلال وسيادة الدولة السورية.

وفي مداخلته، قال آبادي إن “دخول إيران إلى سوريا جاء بناء على طلب من حكومتها الشرعية، وكان هدفنا إعادة الاستقرار وتمكين السوريين من حل مشاكلهم السياسية، لكن المقاطعة العربية للحكومة أنهى الحلول السياسية وأطال أمد الأزمة، إلا أن عودة سوريا من جديد للجامعة العربية سيسهم في حل الأزمة”.

وقدم الدبلوماسي الإيراني 6 مقترحات لحل الأزمة السورية وفق تعبيره، تمثلت في:

  • إنهاء الوجود الأميركي والغربي في سوريا الداعم للإرهابيين.
  • وقف دعم الجماعات الإرهابية في سوريا وإنهاء الحركات الانفصالية.
  • التنسيق لدعم خطوات الحكومة السورية في عودة اللاجئين وترتيب أوضاعهم.
  • إنشاء صندوق لإعادة إعمار سوريا تشارك فيه دول المنطقة.
  • إقامة مؤتمر إقليمي يرتب الأمور ويوفق الأوضاع في سوريا.
  • التأكيد على دعم القضية الفلسطينية كونه صلب حل الأزمة السورية.

خطوات جديدة

من جهته، رأي مدير مركز جسور للدراسات الباحث السياسي السوري محمد سرميني أن السوريين لا يرفضون العودة إلى بلادهم، ولديهم الرغبة في المضي قدما في الحياة السياسية سواء على المستوى الشعبي أو المعارضة الرسمية، ولكن وفق ضمانات وخطوات جادة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال سرميني إن بقاء الحال على ما هو عليه في البلاد ليس مطلب السوريين، فهم يبحثون عن حل بأسرع وقت، ولا يريدون تحقيق المطالب الأولى التي خرجوا من أجلها عام 2011 بشكل كامل، ولكنهم يتطلعون إلى خطوات جديدة مباشرة ملموسة على الأرض.

وأضاف أن هناك قراءة سياسية جديدة للمتغيرات الإقليمية والدولية، ولكن لا يوجد لها حاليا انعكاسات على الشارع السوري، الأمر الذي يحتم اتخاذ خطوة حقيقة على الأرض تتمثل في الإفراج عن المعتقلين وتوفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين.

مصالحة صفرية

من جانبه، أوضح إياد الرفاعي، الباحث في السياسات الإقليمية بجامعة الملك عبد العزيز، أن الدول التي تعيش صراعات كبيرة، عليها -في كل فترة زمنية- أن تعيد تقييم نفسها وتفهمها للآخر، وهو الأمر الذي ينطبق على الدولة السورية والمعارضة.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الرفاعي إن اجتماعات جدة وعمّان والأجواء الإقليمية الإيجابية، تعتبر بمثابة نواة إيجابية يجب البناء عليها وفتح باب المصالحة السياسية السورية، ومن ثم إعادة الإعمار، لكن المهم أن المصالحة لا تتم بطريقة صفرية، الغالب يأخذ كل شيء والخاسر لا يأخذ شيئا، خاصة أننا نتحدث عن وحدة وطنية يجب أن تضمن إشراك جميع أطياف المجتمع.

وشدد على أن تقبل الآخر يجب أن يطبق بشكل أوسع في الدولة السورية مع الانفتاح مع المجتمع الدولي وتقليل فكرة مقاومة الآخر، والوصول إلى حلول براغماتية تضمن تنفيذ السياسات، ولكن عن طريق اللقاء في المنتصف وليس بطريقة عسكرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version