أصبحت جزيرة سميث آيلند، في ولاية ماريلاند الأميركية، المتاخمة للعاصمة واشنطن دي سي، صورة واضحة عن الآثار المدمرة للتغير المناخي الذي يهدد العالم، حيث باتت معرضة للاندثار بعد أكثر من 400 عام من الوجود.

وقبل سنوات، ألحق إعصار ساندي أضرارا بليغة بمنازل الجزيرة، وكان مظهر المياه وهي ترتفع فوقها شبيها بما تصوره أفلام الرعب إذ “كاد أن يمحوها عن الخريطة”، وفق تعبير صحيفة واشنطن بوست.

هذه الكارثة، جعلت من سكان ما تصفه واشنطن بوست بـ”الأرخبيل” أول المرشحين ليصبحوا لاجئين من جراء التغير المناخي وليس الحروب، على حد وصف تقرير لموقع محلي.

رغم ما حدث، رفض سكان سميث آيلند المغادرة، وفضلوا بدلا من ذلك حشد جهودهم للحصول على عشرات الملايين من التمويل الحكومي لترقية البنية التحتية والتحصينات ضد الأمواج. 

طفرة عقارية

في السنوات الأخيرة، حدث عكس ما كان يتصوره السكان، لم ينزح أغلبيتهم بل حدثت “طفرة عقارية” حيث بيعت منازل كثيرة في الجزيرة خلال السنوات الثلاث الماضية مقارنة بالسنوات الـ 11 السابقة مجتمعة، وفقا لواشنطن بوست.

رأى السكان المحليون في هذا التطور، مدعاة للأمل، حيث بدأوا يفكرون في  طريقة للتغلب على ارتفاع منسوب المياه، رغم أن الخبراء يرون أن البقاء في الجزيرة قد يشكل خطرا على السكان ولو على المدى البعيد.

وتظهر الدراسات أن مزيدا من الأميركيين ينتقلون إلى ما يصفه خبراء البيئة بمناطق الخطر المناخي.

نيك بويشيل، وتيفاني ووتيلا انتقلا إلى جزيرة سميث في الصيف الماضي، وهما من مجموعة أكبر من أصحاب المنازل الجدد.

أرادا، وهما في الثلاثينات من العمر، البقاء  في هذا المكان، بينما معدل العمر هناك يبلغ 70 عاما، “لكن كارثة حدثت بمجرد وصولهم، وفق وصف واشنطن بوست، حيث ضربت المياه المرتفعة بيتهما وأتلفت العديد من ممتلكاتهما.

تلت تلك الحادثة، سنة من القلق، ومعاملات إدارية لا نهاية لها، ومعارك مع شركة تأمين، وهو ما قد ينذر بمشاكل مماثلة في عدة أماكن تشبه جزية سميث.

توقعات قاتمة

ويليام سويت، خبير في المحيطات والغلاف الجوي، قال للصحيفة إن الجزيرة، التي يبلغ متوسط ارتفاعها قدمين فوق مستوى سطح البحر، يمكن أن تشهد ارتفاع المياه بمقدار قدم تقريبًا بحلول عام 2050، ما يعني أنه حتى الفيضانات المعتدلة يمكن أن ترسل المياه إلى الأرض حيث المباني. 

وبحلول عام 2100، يؤكد سويت، من المتوقع ارتفاع مستوى سطح البحر أكثر، وهو سيناريو يمكن أن يغرق الجزيرة بأكملها.

مع التنبؤات القاتمة بارتفاع مستوى سطح البحر، عرض مسؤولو ولاية ماريلاند في عام 2013 الاستحواذ على بعض السكنات بعد الأضرار التي سببها إعصار ساندي، لكن الخطة أغضبت غالبية السكان.

وفي حديث للصحيفة، انتقد إيدي سومرز، الذي نشأ في جزيرة سميث ويعيش الآن في البر الرئيسي مسعى الحكومة، وشدد على ضرورة أن تساعد السلطات المنكوبين لا أن تشتري منهم المنازل. 

احتشد سومرز وآخرون ضد عمليات الاستحواذ، التي تخلت عناه الدولة بعد ذلك، وشكلوا مجموعة تسمى سميث آيلاند يونايتد لضمان بقاء الجزيرة “حوالي 400 عام من الآن” وفق قوله.

ووضعت المجموعة خطة رؤية لتجديد الجزيرة في عام 2015 وواصلوا بإصرار البحث عن التمويل المحلي والولائي والفيدرالي لتحقيق ذلك في السنوات التي تلت. 

ويتضمن ذلك الحصول على 9 ملايين دولار لمشروع ساحلي لحماية الحياة البرية في الجزء الشمالي من الجزيرة، وحوالي 7 ملايين دولار للأرصفة لحماية رودس بوين، وملايين أخرى للطرق والأرصفة والمجاري وترقيات أخرى.

لذلك يقول سومرز وآخرون إنهم متفائلون بشأن مستقبل جزيرتهم.

قال ويسلي برادشو، وهو متقاعد من الجزيرة يبلغ من العمر 78 عاما، إنه لاحظ أن هناك تغييرا في الأفق، لكن البعض الآخر ليس متفائلا.

مستقبل مبهم

مايك تيدويل، مؤسس ومدير Chesapeake Climate Action Network الذي صنع فيلمًا عن جزيرة سميث، قال إن الحقيقة القاسية هي أنها ستكون غير صالحة للسكن على الأرجح قريبًا. 

وقال أيضا إن الوقت قد حان للتخطيط للخروج، وليس الضغط من أجل المزيد.

وانتقل معظم سكان الجزيرة إلى البر الرئيسي، بينما لا يزال البحر في منحناه المرتفع.

وأظهرت بعض الدراسات اتجاهات مماثلة في أماكن أخرى من الولايات المتحدة، حيث وجد أحدهم أن المزيد من الأميركيين ينتقلون إلى المناطق الحضرية الساخنة والمناطق المعرضة لحرائق الغابات التي ستشتد بسبب تغير المناخ، إذ أصبحت الأعاصير أكثر تدميرا في فلوريدا لأن الملايين اشتروا منازل هناك خلال العقود الأخيرة.

<

يقول تيدويل في الصدد “تعتبر جزيرة سميث مكانا مبدعا لا يزال باقيا في خيال سكان ماريلاند كجزء من تراثنا”.

ثم تابع متحسرا “فكرة أنه سيختفي تماما وسنرفع الراية البيضاء أمر لا يمكن تصوره بالنسبة لمعظم الناس، لكن إذا  فكرت مليا، فستجد أن هذا، أمر لا مفر منه”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version