نظم الصرب في شمال كوسوفو مظاهرات جديدة اليوم بينما رأى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن انسحاب من سمّاهم رؤساء البلديات المزيفين شرط للحفاظ على السلام، ودعت موسكو الغرب لعدم استفزاز بلغراد.

وجاءت مظاهرات صرب كوسوفو بعد يوم من اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحي الصرب وقوات حفظ السلام الدولية (كفور) بقيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقد رأى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن الانسحاب العاجل لمن سمّاهم رؤساء البلديات المزيفين وأفراد قوات الشرطة الخاصة في عاصمة كوسوفو هو شرط للحفاظ على السلام في كوسوفو وميتوهيا.

وأضاف الرئيس الصربي أن تحركات بريشتينا الأحادية تؤدي إلى العنف ضد المجتمع الصربي وتعرقل السلام، وفق تعبيره. وجاءت تصريحات الرئيس عقب اجتماع عقده مع ممثلي 5 دول غربية لمناقشة التصعيد الأخير في كوسوفو.

وبالمقابل، شدد رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي على حق المنتخبين في بلديات شمال كوسوفو بتولّي مناصبهم دون تهديد أو ترهيب.

وقال كورتي، في تغريدة، إنه أكد لمسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في اتصال هاتفي، أهمية تكثيف الحوار من أجل التنفيذ الكامل للاتفاقية الأساسية.

دعوة روسية لعدم استفزاز بلغراد

وتعليقا على التطورات الجارية، قالت وزارة الخارجية الروسية إن خفض التوتر في كوسوفو يحتاج لاتخاذ خطوات حاسمة.

وأضافت الخارجية أن قوات حفظ السلام التابعة للناتو في كوسوفو لم تظهر فقط افتقارها إلى المهنية بل أصبحت عامل تصعيد أيضا.

وأكدت الوزارة أن موسكو تدعو الغرب لعدم استفزاز بلغراد والتأثير على سلطات بريشتينا بشأن الوضع في كوسوفو.

كما أشارت الخارجية إلى أن موسكو تدعو الغرب إلى وقف إلقاء المسؤولية على الصرب بشأن الحوادث في كوسوفو.

على صعيد متصل، دان مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعمال العنف المرتكبة ضد قوات حفظ السلام والمدنيين والشرطة ووسائل الإعلام شمال كوسوفو.

وحث بوريل -في تغريدة- سلطات كوسوفو والمحتجين على تهدئة الموقف على الفور دون قيد أو شرط، مطالبا أطراف الصراع بالتصرف بمسؤولية وإيجاد حل سياسي من خلال الحوار الفوري.

قوات الناتو تعزز وجودها

وقد أعلنت قوات حفظ السلام الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي في كوسوفو تعزيز وجودها في 4 بلديات شمالي البلاد، عقب صدامات بين الأقلية الصربية وقوات الأمن الكوسوفية.

ودعت قوات حفظ السلام المعروفة بـ”كفور” جميع الأطراف للامتناع عن الأعمال التي تؤجج التوتر أو تسبب التصعيد، مؤكدة أنها على استعداد لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان “بيئة آمنة محايدة ونزيهة”.

كما أضافت “كفور” حواجز جديدة في محيط مبنى بلدية زفيتشان مع استمرار توافد المحتجين الصرب إلى المكان، وحثت بلغراد وبريشتينا على الانخراط في الحوار الذي يقوده الاتحاد الأوروبي، للحد من التوترات.

وأكدت هذه القوة الدولية أنها تسعى إلى منع مزيد من التدهور في الموقف في كوسوفو بعد الاشتباكات التي شهدتها المنطقة أمس.

وقال إلير بيتشي رئيس بلدية زفيتشان المنتخب أخيرا (من الأقلية الألبانية بالبلدة) إنه سيتوجه إلى مكتبه اليوم لعقد عدد من الاجتماعات، مؤكدا أنه على اتصال مع قوات “كفور” وشرطة كوسوفو.

ويستمر المحتجون الصرب في التظاهر أمام مباني 3 بلديات شمال كوسوفو لليوم الثالث رفضا لتنصيب رؤساء بلديات جدد من الأقلية الألبانية في تلك البلديات بعد انتخابات قاطعتها الأقلية الصربية، ولم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 4%.

وكانت شرطة كوسوفو قالت أمس الاثنين إن اشتباكات دارت بين الشرطة ومواطنين من القومية الصربية، حاولوا السيطرة على مبنى بلدية “زفيتشان” شمالي البلاد.

كما شهدت هذه البلدة مواجهات بين الأقلية الصربية وقوات حفظ السلام التي يقودها حلف الناتو في محيط مبنى البلدية.

عشرات الإصابات بقوة “كفور”

وقد أصيب أكثر من 30 عنصرا في قوة حفظ السلام في كوسوفو أمس في تلك المواجهات.

وقالت القوة المتعددة الجنسيات إنها تعرضت لهجمات “غير مبررة”؛ بعدما اشتبك متظاهرون مع الشرطة وحاولوا أن يشقوا طريقهم إلى مبنى حكومي في بلدة زفيتشان الشمالية.

ومن جانبه، قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إن 52 صربيا أصيبوا، 3 منهم بجروح خطرة، بينما أصيب أحدهم “بعيارين ناريين أطلقتهما قوات خاصة من (إثنية) ألبانية”.

أما وزير الدفاع المجري فقد أشار -في تعليق على فيسبوك- إلى أن “أكثر من 20 جنديا مجريا” بين المصابين، 7 منهم بحالة خطرة، ولكن وضعهم مستقر.

ومن ناحيته قال وزير الخارجية الإيطالي إن 3 جنود إيطاليين أصيبوا بجروح خطرة، في حين عبّرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مساء الاثنين عن “تنديدها الشديد” داعية “كل الأطراف إلى أخذ خطوة إلى الوراء وخفض التوترات”.

وفي باريس، قالت الخارجية الفرنسية إنها تدين بأشد العبارات أعمال العنف هذه، داعية كلا من بلغراد وبريشتينا إلى “العودة إلى طاولة المفاوضات” بهدف التوصل إلى تسوية.

وأضافت الوزارة الفرنسية في بيان “لا يمكننا أن نتساهل مع تعرض الاستقرار الإقليمي للخطر في مثل سياق دولي حرج كهذا. هذه مسألة تتعلّق بأمن أوروبا”.

مواجهات متكررة

وتشهد كوسوفو (الإقليم الذي أعلن استقلاله عام 2008) مواجهات متكررة بالشمال حيث تشجع بلغراد الصرب على تحدّي سلطات البلاد التي تسعى لفرض سيادتها على المنطقة بأكملها.

ويعيش نحو 120 ألف صربي في كوسوفو التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة، أغلبيتهم الساحقة من الألبان.

ويسعى المحتجون لمنع رؤساء بلديات ألبان منتخبين من تولّي مناصبهم في بلدات ذات أغلبية صربية شمال كوسوفو.

وتولى رؤساء البلديات مناصبهم بعد الفوز بانتخابات محلية نُظمت الشهر الماضي في 4 بلديات معظم سكانها من الصرب الذين قاطعوا هذه الانتخابات إلى حد كبير، ولم يشارك بالاقتراع سوى 1500 ناخب من أصل 45 ألفا مسجلين.

ويطالب المحتجون أيضا بانسحاب قوات الأمن الخاصة المنتشرة في المنطقة منذ أيام.

وقاطع الصرب -الذين غادر ممثلوهم السياسيون الإدارات المحلية شمال كوسوفو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في سياق مواجهة بين بلغراد وبريشتينا- الانتخابات البلدية التي نظمتها حكومة كوسوفو في أبريل/نيسان لإنهاء الفراغ المؤسسي.

يشار إلى أن الرئيس الصربي أمر جيش بلاده يوم الجمعة الماضي بأن يكون في حالة تأهب و”بالتحرك” نحو الحدود مع كوسوفو.

وفي وقت سابق، أعلنت قوة “كفور” أنها زادت عدد أفرادها في مقاطعات شمال كوسوفو بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة.

وطالبت “كفور” كل الأطراف بالابتعاد عن أي أفعال قد تزيد التوتر وتؤدي إلى التصعيد، مؤكدة استعدادها لاتخاذ أي إجراءات ضرورية لحفظ السلم والاستقرار بكل حياد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version