هرات- رغم انتهاء المهلة التي حددتها السلطات الإيرانية في السادس من يوليو/تموز الجاري بإخراج جميع اللاجئين الأفغان غير القانونيين من إيران، فما زالت الأعداد تتوافد على معبر إسلام قلعة في مقاطعة هرات الغربية على الحدود الإيرانية.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من مليون لاجئ أفغاني وصلوا من إيران إلى أفغانستان منذ بداية العام الحالي، بينما ذكرت مصادر أفغانية ومؤسسات دولية أن الأول من يوليو/تموز شهد عودة أكبر عدد من اللاجئين إلى أفغانستان، إذ وصل إلى 43 ألف لاجئ.
الجزيرة نت زارت معبر إسلام قلعة الحدودي، ورصدت عودة اللاجئين، والتقت محمد زبير نائب ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في أفغانستان، الذي قال إن هدف المفوضية العمل على عدم هجرة اللاجئين مرة أخرى بعد وصولهم إلى بلادهم أفغانستان.
وعبّر زبير -في حديثه للجزيرة نت- عن الحاجة لدعم المانحين من أجل تقديم المساعدات للعائدين، مما يمكنهم من البقاء في مناطقهم الأصلية، وعدم تركها والهجرة منها بشكل متكرر إلى أماكن أخرى، سواء أكان ذلك داخل بلدهم أم خارجها.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن ميزانية المفوضية انخفضت في أفغانستان بين 30% إلى 40%، وهو ما يصعب الاستجابة لضروريات اللاجئين المعرضين للخطر.
وقال إن المفوضية كانت تقدم دعما ماليا لكل أسرة عائدة يصل إلى ألفي دولار، لكنه انخفض الآن إلى 156 دولارا فقط.
لا تفاؤل بالمستقبل
تأتي العودة الواسعة لمئات آلاف اللاجئين في وقت يشتد فيه الضغط الاقتصادي على أفغانستان، التي تعاني أزمات إنسانية واقتصادية مزمنة. ورغم ذلك، فإن الحكومة الأفغانية توفر مخيمات مؤقتة، كما تقدم 30 دولارًا لكل فرد في الأسرة اللاجئة، كما تقدم لجنة الإسكان الدائم قطعة أرض لكل عائلة عائدة بمعدل 100 متر لكل فرد في الأسرة.
لكن اللاجئ خالد كريمي -الذي وصل مرهقًا وهو يجر عربة معبئة بالأمتعة، بعد أن رُحّل قسرًا مع عائلته الصغيرة من إيران- لا يبدو متفائلا، وقال للجزيرة نت إن “السفر كان صعبًا، واجهنا وضعًا سيئًا في الطريق، لقد بقينا لساعات من دون ماء ولا غذاء”.
وأضاف كريمي -الذي قضى 4 سنوات في إيران في مهنة عامل بناء- أنه غير متفائل بمستقبله في أفغانستان، ولا حتى مستقبل عائلته، ويقول “لا أعرف ماذا سيحل بي في بلدي، لا يوجد عمل هنا؛ الفرص في قطاع البناء ضئيلة”.
وختم بقوله إن “أعدادا هائلة من الشباب عاطلون عن العمل، فكيف سأحصل على فرصتي”.
وفور ازدياد توافد اللاجئين، قامت السلطات الأفغانية -بدروها- بالتنسيق مع المنظمات الدولية ومؤسسات محلية أفغانية، لتقديم ما أمكنها من مساعدات أساسية للعائدين.
ويعلق مسؤول تسجيل اللاجئين عند معبر إسلام قلعة، مولوي سلطان مفكّر، على ذلك بقوله إن الحكومة الأفغانية شكلت 12 لجنة لتقديم الخدمات للاجئين لتسهيل عودتهم.
وأضاف للجزيرة “شكلنا لجانا صحية وغذائية ومالية وقانونية ولوجستية، ولجانا أخرى عديدة لتهيئة الظروف لعودة اللاجئين بشكل آمن”، مشيرا إلى أن الجانب الأفغاني يستقبل أحيانًا 560 حافلة ركاب في اليوم الواحد، في كل حافلة 70 لاجئًا مبعدًا من إيران، أي نحو 40 ألف لاجئ في اليوم الواحد، وفي أيام أخرى أكثر من ذلك.
جهود المتطوعين
وبعيدًا عن الجهود الحكومية والدولية، تزداد أعداد الجمعيات الخيرية الأفغانية ودعم رجال الأعمال في ولاية هرات لمساعدة العائدين.
ويشرح أحد المتطوعين دور المؤسسات الخيرية في تقديم الطعام والشراب وبعض الأساسيات اللازمة للعائدين، وقال “بعد مشاهدة رجوع أعداد هائلة من المهاجرين للوطن، دفعنا ذلك لدعمهم والوقوف بجانبهم بكل ما يمكن تقديمه، المهم بالنسبة لنا هو التخفيف عنهم وطمأنتهم بعد عودتهم لوطنهم”.
وعلى امتداد الطريق بين مدينة هرات ومعبر إسلام قلعة، الذي يصل طوله إلى نحو 112 كيلومترا، تجد سيارات توزع الماء والغذاء على اللاجئين العائدين، إضافة إلى توفير وسائل نقل مجانية لولاية هرات.
وبدأ اللجوء الأفغاني باتجاه إيران في نهاية سبعينيات القرن الماضي، مع بدء الغزو السوفياتي لأفغانستان، إذ تشير تقديرات إلى مغادرة نحو مليوني أفغاني إلى إيران، في حين تعلن بعض المصادر الرسمية وغير الرسمية عن وجود 3 إلى 5 ملايين لاجئ أفغاني في إيران وحدها، قبل حملة الترحيل القسري الحالية، التي طالت نحو مليون لاجئ.

وتنسق السلطات الإيرانية مع نظيرتها الأفغانية بالتبليغ عن أعداد اللاجئين المرحلين للجانب الأفغاني، مما يسهل على سلطات كابل استيعاب الأعداد الهائلة التي تصل إلى أراضيها.
وتجدر الإشارة إلى أن تصاعد أعداد اللاجئين العائدين من إيران إلى أفغانستان تصاعدا كبيرا جاء بعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل التي استمرت 12 يومًا، رغم إعلان طهران نيتها المسبقة ترحيل اللاجئين الذين تصفهم بـ”غير القانونيين”.