جاء إعلان مصر تدشين أول صندوق للاستثمار في الذهب في تاريخ البلاد وربطه بالبورصة، ليثير التساؤلات بشأن ماهية ذلك الصندوق وأسباب اتخاذ ذلك القرار، بينما كشف خبراء لموقع “الحرة” الجوانب المهمة المتعلقة بذلك.

والأحد، أعلنت هيئة الرقابة المالية المصرية إطلاق أول صندوق لاستثمار في المعادن بشكل رسمي، الذي يُمكن المؤسسات والأفراد من الاستثمار في الذهب من خلال البورصة.

وستتيح البورصة المصرية، أسعارا فورية استرشادية لأفضل طلبات الشراء وعروض البيع للغرام الواحد من خام معدن الذهب (عيار ٢٤) من خلال بيانات مقدمة من شركة متخصصة في تجارة المعدن النفيس، وفقا لـ”وسائل إعلام مصرية”.

وجاءت تلك الخطوة بالتزامن مع بدء تلقي الاكتتاب في أول صندوق متخصص في الاستثمار في الذهب في مصر، بعد حصوله على الموافقات اللازمة من الهيئة العامة للرقابة المالية، وفقا لحديث رئيس البورصة المصرية.

ما هي صناديق الاستثمار بالذهب؟

ويوضح الخبير الاقتصادي المختص بأسواق الذهب، وليد فاروق، أن صناديق الاستثمار في الذهب عبارة عن وعاء استثماري جديدة بالسوق المحلي، بغرض جذب شريحة جديدة من المستثمرين.

وتستهدف تلك الصناديق تحقيق الشفافية في عملية الاستثمار، وترشيد الطلب على شراء السبائك الذهبية والجنيهات الذهبية مع وجود بديل منظم، يخضع لقواعد الحوكمة والشفافية، وتسهيل شراء الذهب دون تحمل تكاليف التصنيع، وفق حديثه لموقع “الحرة”.

ويشير إلى أن الصندوق يستثمر في “السبائك فقط”، ويعتمد على تسعير السوق “القابل للتنفيذ”، وليس “الأسعار الاسترشادية”.

لماذا تم إنشاء الصندوق؟

ويرى الخبير الاقتصادي، عبدالنبي عبدالمطلب، أن الصندوق آلية تحاول الحكومة تسويقها للمواطن المصري للقضاء على وجود أكثر من سعر للجنيه.

ففي سوق الذهب هناك مغالاة في تسعير قيمة الدولار مقابل الجنيه، وبسعر يفوق السوق “الموازية أو الرسمية”، وفقا لحديثه لموقع “الحرة”.

ويقول الخبير الاقتصادي إن سعر الدولار في سوق الذهب كان يتراوح بين 44 إلى 47 جنيها “مما تطلب التدخل لضبط ذلك السعر”.

وخلال الفترة الماضية بحث مصريون عن الاستثمار بالذهب كـ”ملاذ آمن”، ومن هنا جاءت فكرة تدشين “الصندوق”، حسب عبدالمطلب.

وبذلك أصبحت الحكومة “بائع وتاجر للذهب”، على حد تعبيره.

ومن جانبه يوضح خبير أسواق المال، محمود عطا، أن الصندوق هو الأول من نوعه في تاريخ مصر، وسيمثل “سند استثماري للمواطنين وصغار المستثمرين” الباحثين عن “حماية مدخراتهم أو استثمارها”.

وشهد سوق الذهب خلال الفترة الماضية “اندفاعات كبيرة غير مبررة”، وكان سعر المعدن النفيس “مبالغ فيه للغاية”، وجاء تدشين الصندوق لـ”ضبط الأسعار وتنظيم عملية الإقبال على الشراء”، وفقا لحديثه لموقع “الحرة”.

ويقول خبير أسواق المال إن الهدف الأساسي من تدشين الصندوق “ضبط وتنظيم سوق الذهب عبر قنوات رسمية شرعية تدار بشكل احترافي مرتبط بأسعار واقعية ترتبط بالسعر العالمي للمعدن النفيس”، وفقا لحديثه لموقع “الحرة”.

لماذا تم ربط الصندوق بالبورصة؟

ويشير عطا إلى أن عملية الربط تهدف لإعلان السعر الرسمي للذهب وتغييراته الرسمية بشكل يومي.

ويقول إن ذلك يضمن “الشفافية للمستثمر الذي يكتتب في الوثيقة”.

ويتفق معه عبدالمطلب، الذي يؤكد أن عملية ربط الصندوق بالبورصة تهدف لـ”تحديد أسعار الذهب” وفقا للأسعار العالمية.

كيف يتم الاكتتاب؟

تطرح شركة “إيفولف” الحاصلة على الترخيص، وثائق اكتتاب فيها مدعومة بذهب حقيقي محفوظ في شركة “ايجي كاش” المملوكة للبنك المركزي المصري، حسب حديث خبير أسواق الذهب.

ويعمل البنك المركزي المصري على توفير خدمات الحفظ لدى أماكن معتمدة ومسجلة بسجلات الهيئة العامة للرقابة المالية للحفاظ على ممتلكات المستثمرين من الذهب، وحمايتها من السرقة أو التلف، حسبما يوضح فاروق.

كيف يمكن الاستثمار بالصندوق؟

يؤكد فاروق إمكانية حصول المواطنين على وثيقة الاستثمار بقيمة تبدأ من 10 جنيهات، ويقول إن “الاسترداد متاح نقدي وعيني”.

ويمكن للعملاء فتح حساب لدى 11 شركة تلقى الاكتتاب.

وعقب ذلك يتم تحويل المبلغ المالي المراد استثماره، ثم توقيع الاستمارة الخاصة بشراء الذهب من خلال الصندوق.

وبذلك يتم تحويل المبلغ المالي إلى شهادة، حسبما يوضح خبير أسواق الذهب.

ويكشف أن تسوية أموال البيع للوثائق بعد يومين من إتمام العملية، بينما تتم التسوية لأموال شراء وثيقة الذهب في اليوم نفسه.

ويقول فاروق “على سبيل المثال، إذا اشترى العميل 10 وثائق يوم الاثنين فستتم عملية الدفع والتسوية في نفس اليوم، بينما تتم التسوية لعملية البيع يوم الأربعاء”.

ويتفق معه خبير أسواق المال، الذي يؤكد أن سعر الوثيقة يبدأ من 10 جنيهات مصرية دون “حد أقصى للاكتتاب”.

والوثيقة “متغيرة” وفقا لأسعار وحركة الذهب عالميا وسعر الصرف في السوق المحلي المصري، وفقا لحديث عطا.

ويشير خبير أسواق المال إلى إمكانية طرح “معادن وسلع أخرى” مثل الحديد وعرضها لآلية التداول بالبورصة في حال نجاح تلك الخطوة.

فيما يكشف عبدالمطلب أن قيمة “الوثيقة” قد ترتفع أو تنخفض، حسب مؤشرات البورصة.

ويقول “عندما يهبط سعر الذهب وهو موجود في الخزائن فمن الصعب تعويض الخسائر، لكن عند وجود المعدن النفيس كسندات فربما يقلل ذلك من قيمة الخسارة”.

هل يمكن للعميل بيع الوثائق؟

يوضح خبير أسواق الذهب أنه يمكن للعميل أن يبيع جزءا من الوثائق وليست جميعها، أي أنه يمكنه بيع 10 وثائق من أصل 50 وثيقة اشتراها على سبيل المثال.

ويشير فاروق في حديثه إلى عدم وجود عمولة على شراء وثيقة صندوق الذهب، لكن يتم احتساب مصاريف بنسبة 4.9 بالمئة من قيمة العملية في حالة البيع تتناقص مع الاحتفاظ بقيمة الاستثمار وتستهلك على ثلاث سنوات.

ويؤكد أن الصندوق يتيح عملية “الاسترداد العيني” مع تحمل تكلفة استرداد بحد أدنى 50 غرام.

ما وراء القرار؟

وبحسب عبدالمطلب، فإن الغرض الأساسي من القرار هو “تحويل مشتريات الذهب لدى المصريين من الاكتناز بشراء السبائك والاحتفاظ بها داخل البيوت إلى شكل من أشكال الاستثمار”.

وسوف تنظم تلك الصناديق “الطلب الحاضر على الذهب” بعيدا عن “الاكتناز والتحوط” الذي يلجأ إليه البعض، من خلال شراء “أسهم وسندات تلك الصناديق”، وفقا للخبير الاقتصادي.

ويؤكد عبدالمطلب أن ذلك سوف ينظم “عمليات تجارة وتداول الذهب”، وقد يقلل من رغبة المصريين في الاحتفاظ بـ”السبائك الذهبية”.

وجاءت تلك العملية لتحفيز الاستثمار وتقليل “الاحتفاظ بالأموال في صورة سبائك ذهبية”، حسب الخبير الاقتصادي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version