أعلن رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، مساء الجمعة، تقديم استقالة حكومته بعد انهيار الائتلاف الحاكم منذ عام ونصف عام جراء خلافات بين أركانه على الإجراءات اللازمة للحد من الهجرة.

وأشرف روته (56 عاما)، وهو رئيس الوزراء الأطول عهدا في تاريخ هولندا، على مباحثات لحل الأزمة بين الشركاء الأربعة في الائتلاف، اعتبارا من الأربعاء، لم تبلغ غايتها المنشودة في ظل تباينات غير قابلة للحلّ.

وقال روته في مؤتمر صحفي: “هذا المساء توصلنا للأسف إلى خلاصة بأنه لا يمكن تجاوز هذه الخلافات. لهذا السبب، سأقدم قريبا استقالة مكتوبة إلى الملك باسم الحكومة مجتمعة”.

وأكد روته امتلاكه “الطاقة” اللازمة للترشح لولاية خامسة تواليا على رأس الحكومة، لكنه أكد ضرورة “التأمل مليا” قبل الإقدام على هذه الخطوة.

“حل هيكلي”

وتمكن روته من البقاء في السلطة طوال 12 عاما رغم الفضائح. وشكل ائتلافه الرابع، في يناير عام 2022، بعد 271 يوما من المفاوضات. 

وأراد زعيم “حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية” اليميني الليبرالي، فرض قيود على لمّ شمل عائلات طالبي اللجوء، في أعقاب فضيحة، العام الماضي، بشأن اكتظاظ مراكز الهجرة في هولندا.

وطالب روته بتحديد سقف لأقارب المهاجرين من دول النزاع الذين يمكن لهولندا استقبالهم عند 200 شخص شهريا، وهدد بتطيير الحكومة في حال رفض ذلك، وفق الإعلام المحلي.

ووعد رئيس الوزراء بـ”حلّ هيكلي” لمشاكل الهجرة في أعقاب “المشاهد المعيبة”، التي سجلت العام الماضي.

لكن الحزب الديمقراطي المسيحي المنضوي في الائتلاف، عارض خطته بشدة.

وأجرت الأحزاب الأربعة للائتلاف الذي أسمته وسائل إعلام محلية “الزواج غير السعيد”، مباحثات أزمة، الأربعاء وحتى وقت متأخر يومي الخميس والجمعة، في محاولة لإنقاذ الحكومة المتعثرة.

لكن التسوية التي اصطلح على تسميتها “زر الطوارئ” وتقضي باعتماد القيود الجديدة فقط في حال وصول أعداد كبيرة من المهاجرين، لم تكن كافية لانجاح مباحثات اللحظة الأخيرة الجمعة.

“قلق”

وتجمّع العديد من الهولنديين خارج مكان انعقاد اجتماعات الائتلاف في الوسط التاريخي لأمستردام، الجمعة، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.

وقال ماريين فيليبو (19 عاما) العامل في مجال تكنولوجيا المعلومات: “أنا قلق مما ستكون عليه الحكومة المقبلة”.

من جهته، أعرب بيتر بالكينيندي (32 عاما) عن أمله في أن تقدم الحكومة المقبلة “أداء أفضل من الحالية، خصوصا في مجال طلبات اللجوء”.

ورجحت وسائل إعلام محلية أن يكون روته سعى إلى اتخاذ موقف متصلب بشأن قضايا الهجرة لامتصاص ضغوط يتعرض لها من الجناح الأكثر يمينية في حزبه.

وغالبا ما وجد رئيس الوزراء نفسه تحت ضغوط متزايدة في مسألة الهجرة نظرا لقوة الأحزاب اليمينية المتطرفة في هولندا، بما يشمل السياسي المناهض للإسلام، غيرت فيلدرز.

ويتوقع أن يدعو روته، وهو الثاني في أوروبا من حيث طول عهده في رئاسة الوزراء بعد المجري، فيكتور أوربان، إلى انتخابات مبكرة يأمل من خلالها الحصول على تأييد لتشكيل خامس حكومة ائتلافية له، منذ عام 2010.

إلا أنه قد يواجه منافسة داخلية على خلفية تزايد ضيق صدر الناخبين حيال طول المدة التي أمضاها في الحكم، حتى في ظل غياب منافسين جديين له.

ونجح روته بحنكته السياسية في خطّ مساره إلى قمة الهرم في السلطة التنفيذية الهولندية عبر أربعة ائتلافات متتالية، إلا أنه واجه سلسلة مشكلات كادت أن تطيح حكمه.

وأرغمت حكومته السابقة على الاستقالة، عام 2021، على خلفية فضيحة معونات حكومية كانت تستهدف أساسا أطفال العائلات المنتمية الى أقليات عرقية.

وتعرّض، في عام 2017، لانتقادات واسعة لجنوحه نحو اليمين قبل الانتخابات في مسعى لمنع فوز فيلدرز في فترة شهدت صعود الأحزاب الشعبوية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة والاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في عام 2016.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version